06-04-2018
صحف
وكشفت مصادر حكومية من باريس لـ"المستقبل" أنّ المؤتمر سيُطلق شراكة جديدة مع المجتمع الدولي تمثل بدايةً للنهوض الاقتصادي في لبنان ووسادة للمحافظة على استقراره، مشددةً على أنّ "سيدر" يُشكّل انطلاقة مسار طويل لمساعدة لبنان وسط اهتمام دولي ملموس بمساندته في عملية إعادة تأهيل بناه التحتية وتطويرها من أجل تحريك النمو.
في التفاصيل اللوجستية للمؤتمر، أنه ينعقد في أحد مقار وزارة الخارجية الفرنسية، ويتألف برنامجه من جلستين، الأولى عند الساعة التاسعة صباحاً بتوقيت باريس (العاشرة بتوقيت بيروت) على أن يفتتح أعمالها وزير أوروبا والخارجية الفرنسية جان ايف لودريان يعقبه خطاب لرئيس الحكومة سعد الحريري، بعد التقاط الصورة المشتركة الرسمية قبيل بدء المؤتمر، بحسب بيان لوزارة الخارجية الفرنسية. فيما يفتتح الجلسة الثانية عند الثانية بعد الظهر (الثالثة بتوقيت بيروت) وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير. علماً أنّ الرئيس الفرنسي سيلقي خطاباً في ختام أعمال المؤتمر في مركز المؤتمرات الوزاري عند الرابعة من بعد الظهر (الخامسة بتوقيت بيروت).
وأوضحت الرئاسة الفرنسية في بيان أنّ المشاركين في "سيدر" سيتفقون على "خطة استثمارات خصوصاً في المجالات الأساسية لتأمين الخدمات للسكان أي المياه والطاقة والبنى التحتية والتربية والتنمية المستدامة"، لافتةً في الوقت عينه إلى أنه لن يكون مؤتمر جهات مانحة تقليدياً تُقطع فيه تعهدات مالية حتى وإن كان "سيتم الإعلان عن بعض المبالغ".
وإذ تشمل الخطة استثمارات عامة وخاصة، أشار بيان الإليزيه إلى أنّ "الجميع يُدرك أنّ هذه الاستثمارات لن تكون فعالة إلا إذا أرفقت بإصلاحات بنيوية مهمة"، خصوصاً في مجال "تطبيق العدالة" وفي الأسواق العامة. وسيُصار إلى اعتماد آلية متابعة للتحقق من أنّ هذه التعهدات "ستُطبّق" بعد الانتخابات التشريعية، مع إشارة البيان إلى أنّ المملكة العربية السعودية بعثت "إشارات إيجابية" حول مشاركتها في المؤتمر.
وكان الرئيس الحريري وصل ليل أول من أمس إلى باريس يرافقه وزراء المالية علي حسن خليل، والخارجية جبران باسيل والأشغال يوسف فنيانوس، والاقتصاد رائد خوري، والطاقة سيزار أبي خليل، حاكم مصرف لبنان رياض سلامه، رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي شارل عربيد، مستشارا رئيس الجمهورية الياس بو صعب وميراي عون، مدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري ومستشاره نديم المنلا. وتبعه لاحقاً رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر، والأمين العام للمجلس الأعلى للخصخصة والشراكة زياد حايك.
وفي المؤتمر اليوم، تقدم الحكومة خطة عملها لاستنهاض الاقتصاد الوطني، بما في ذلك رؤيتها للاستقرار والنمو وخلق فرص عمل، والتي يُشكل البرنامج الاستثماري بالبنى التحتية ركيزتها الأولى بين 4 ركائز أخرى، وإصلاحات هيكلية وقطاعية. وسيتم استعراض مشاريع المرحلة الأولى من البرنامج (يمتد لثلاث مراحل) والتي تصل قيمتها إلى 10.8 مليارات دولار يتوقع أن تكون حصة القطاع الخاص من تمويلها ما بين 30 و40 في المئة أو 3 مليارات دولار إلى 4 مليارات. فيما تتوقع مصادر قريبة من رئاسة الحكومة "أن يحصل لبنان على حجم مهم من القروض والهبات لتمويل المشاريع الحيوية والضرورية التي ستوفّر فرص عمل للشباب وتحفّز النمو الاقتصادي"، وتحدثت عن وجود حماسة كبيرة من القطاع الخاص لمشاركة الدولة بالمشاريع الممكن تنفيذها عبر الشراكة مع القطاع العام.
فاقتصاد لبنان شهد تراجعات حادة في مؤشراته راكمتها استضافته لنحو مليون ونصف مليون نازح سوري ساهموا في زيادة تردي البنى التحتية المُنهكة أصلاً، كما تراجع النمو بشكل حاد من متوسط 8 في المئة في السنوات الثلاث التي سبقت الأزمة التي بدأت في العام 2011، إلى ما نسبته 2 في المئة في 2016 و2017. وتحوّل أكثر من 200 ألف لبناني إلى فقراء، وهو رقم يُضاف إلى المستويات التي بلغتها معدلات الفقر سابقاً، وهناك نحو 250 ألفاً إلى 300 ألف عاطلين عن العمل وخصوصاً في فئة الشباب.
الحسن: مرحلة مُشرقة
بدورها تشرح وزيرة المالية السابقة ريا الحسن في تصريح لـ"المستقبل" أنّ "ما يحد من تحقيق مستويات مقبولة من النمو اليوم هو عدم وجود بيئة استثمارية محفزة تجذب الاستثمارات، هذا عدا عن أنّ الإنفاق الاستثماري غير كافٍ لتأهيل البنى التحتية، ولا تتعدى نسبته الـ2 في المئة من إجمالي النفقات، رغم أنه يجب أن يكون أعلى من 6 في المئة. فالموازنة في تقسيم نفقاتها الحالية (بين رواتب وأجور وخدمة دين ودعم لكهرباء لبنان) لا يمكنها أن تخصص إنفاقاً استثمارياً إضافياً لإعادة بناء البنى التحتية. وبالتالي، فإن الحل الوحيد لجذب الاستثمار يكمن في تحريك عجلة الاقتصاد، وهو ما يجب أن يسبقه تأهيل للبنى التحتية التي تُشكل الأرضية اللازمة لتحقيق معدلات نمو مستدامة".
وفي حين أشارت إلى أنّ من شأن مؤتمر "سيدر" أن يقدّم جرعة دعم كبيرة ومهمة للبنان في هذه الظروف الدقيقة في لبنان والمنطقة، ويُساعد على تعزيز معدلات النمو الاقتصادي المستدام ومجالات التنمية وزيادة التدفقات المالية إلى لبنان، ختمت الحسن بالقول: "نحن مقبلون على مرحلة مشرقة في ظل التوقعات الإيجابية لقطاعي النفط والغاز وإعادة إعمار سوريا والدور المتوقع للبنان فيها، ومن خلال قطاعات واعدة جديدة، وبالتالي فنحن نحتاج إلى مرحلة انتقالية لكي نحصّن اقتصادنا وندعم الاستقرار الاقتصادي. ومن هنا، علينا أن نعمل على تحفيز النمو من خلال هذه الاستثمارات التي سيكون لها دور أيضاً في تعزيز ميزان المدفوعات وتمتين الوضع النقدي".
سلامه: الإصلاح والشراكة
من جهته، أعلن حاكم مصرف لبنان في تصريح لموقع "آراب أيكونوميك نيوز" أنّ الإصلاحات هي المدخل الصحيح نحو تصويب وجهة البلاد "وعلى لبنان أن يتخذ قراراً في شأن الوجهة المستقبلية والإصلاحات التي ستكون مهمة مجلس النواب المنتخَب في 6 أيار المقبل". واعتبر سلامه أنّ "سيدر" هو مدخل إلى الإصلاحات المطلوبة لأنّ جزءاً منه ينصّ على قانون الشراكة، وهو ما يتيح مشاركة القطاع الخاص، ولفت إلى أنّ "هناك أيضاً تعهدات بخفض تلقائي للعجز على مدى 5 سنوات إلى 1 في المئة من الناتج سنوياً، وهذا تعهّد يبقى وقف التنفيذ".
ودعا سلامه إلى "إصلاح حقيقي عبر تكبير حجم القطاع الخاص، وهذا مشروع دولة.. فالقطاع العام كان يُشكل قبل الحرب نسبة 15 في المئة من الناتج المحلي ليرتفع اليوم إلى نحو 34 في المئة، وهو ما يخلق أعباء تفضي إلى تصغير حجم الاقتصاد وتعزّز الفساد"،
ورأى من جهة أخرى أنّ "الكلام عن إفلاس البلد غالباً ما يكون بخلفيات سياسية، فالبلد مرتاح نقدياً، ولا تشهد السوق أي طلب لتحويل الليرة إلى الدولار، فيما تجديد آجال الودائع بالليرة ارتفع من معدل 40 يوماً إلى 120، ما يعني أنّ السوق تمنح الثقة لملاءة الدولة ولليرة اللبنانية". كما أشار إلى أنّ "ميزان المدفوعات كان إيجابياً في الشهرين الأولين من السنة علماً أنه عادة ما يكون سلبياً.. والودائع المصرفية ترتفع، وكل استحقاق مؤمّنة له أمواله، لدينا فائض سواءً بالعملات الأجنبية أو بالليرة. يضاف إلى ذلك، أنّ هناك دعماً واضحاً من المجتمع الدولي للبنان والذي يظهر عبر مؤتمر "سيدر" أي أنّ تلك الدول لن تضع كل ذلك الدعم والبلد سيُفلس غداً".
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار