13-03-2018
محليات
وعلمت “الراي” من مصادر مطلعة أن “حزب الله” سينسحب من محافظات الحسكة ودير الزور والرقة وحلب ومحيط إدلب وحماة والسويداء. وهو لا يتواجد في محافظات الرقة وطرطوس واللاذقية كقوة عسكرية فاعلة على الأرض (تَواجد في اللاذقية عند تحرير كسب وأرياف اللاذقية).
وهكذا يبقى “حزب الله” موجوداً في محافظة دمشق وحمص ودرعا والقنيطرة ليُبقي قوات له داعِمة للجبهة مع لبنان بما يسمح له بالتدخل ومنْع “التكفيريين” من التغلغل داخل الأراضي اللبنانية، وكذلك يُبقي على تواجد عسكري في السلسلة الشرقية حيث تناقلتْ أخبار متعددة وجود قوة صاروخية مهمة معنية بالحرب مع اسرائيل. وفي تلك المنطقة أقام “حزب الله” مجسمات لمدن إسرائيلية ودرّب وحداته الخاصة، “الرضوان”، على اقتحام هذه المدن الضخمة، في حال قرّر الردّ على أي حرب إسرائيلية بالمبادرة إلى الهجوم وعدم الاكتفاء بالدفاع فقط.
وقد تمرّس “حزب الله” على المهاجمة وأَدْخَلَ ثقافة عسكرية جديدة إلى طريقة عمله التي كانت تقتصر على الدفاع عن الأراضي اللبنانية الملاصقة لإسرائيل. وهو اختبر بنجاح القتال في المدن الكبيرة المساحة والسهول والجبال والمناطق المفتوحة والصحاري طوال مشاركته في الحرب في سورية فعلياً وبقوات كبيرة منذ العام 2013.
أما المحافظات الأخرى كحمص ودرعا والقنيطرة فسيبقى وجود “حزب الله” فيها لاعتبارات تتعلّق أيضاً بالصراع مع إسرائيل. إذ بات هناك في سورية قوات سوريّة وطنية تدرّبت على يد “حزب الله” ونقل إليها تجربته في حروبه في البوسنة والعراق وسورية، ونقل إليها أيضاً عقيدته القتالية التي أصبحت راسخة عند عدة آلاف من القوات السورية الرديفة والتي أصبحت تقاتل للدفاع عن وجودها وعن البلاد، بغض النظر عن طريقة قتال الجيوش الكلاسيكية.
الغوطة… مسألة وقت
وحسب المصادر، فإن هذا لا يعني أن الحرب في سورية قد حطت رحالها إلى الأبد، بل على العكس، فالمعركة في الغوطة هي معركة مرحلية يُراد منها فقط إزعاج دمشق وموسكو لإبقاء الخطر على العاصمة السورية، وهذا ما يفسر الدعم الإعلامي الدولي وتضخيم الأمور في الغوطة التي أصبحت مقسّمة إلى ثلاثة أقسام، في حين تستمرّ المحادثات بين رؤساء عشائر الغوطة والمسلّحين والمتطرفين للوصول إلى تفاهمات تسمح بإخراج المسلحين ولا سيما بعد محاصرة مناطقهم.
ومن الواضح ان الفصائل المسلحة داخل الغوطة تعلم أن الحملة الاعلامية والدولية مفعولها موقت ولن تنفعها في البقاء في خاصرة دمشق التي صممت الحكومة – ومعها موسكو – على إنهاء أي تواجد ميليشيوي و”جهادي” فيها. ولذلك فإن خروج المدنيين سيكون مربوطاً بخروج المسلحين من دون أي شك، ولكنها فقط مسألة فقط.
تركيا والأكراد أكبر الخاسرين
وعلى جبهة أخرى، تتقدم القوات التركية المدعومة من قوات محلية على محاور مدينة عفرين في محاولة لعزلها عن الجنوب الذي لا يزال مفتوحاً لخط الإمداد مع المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوري، وتالياً تحاول أنقرة فصْل جزء كبير من مقاطعة عفرين عن الجنوب لمنْع التصادم لاحقاً مع الجيش السوري. وبسبب إصرار الأكراد على عدم تسليم المقاطعة للحكومة المركزية في دمشق وعدم تسليم الأسلحة الثقيلة والعائدات المالية، وبسبب أمل الاكراد في أن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي سيهبّان لنجدتهم، ها هم يخسرون المقاطعة لمصلحة تركيا والأهمّ من ذلك ان موقفهم هذا قد أفقد سورية جزءاً من أراضيها لمصلحة أنقرة.
ووفقاً للمصادر، فإن من الطبيعي ألا تنسحب تركيا من المناطق الشمالية، بل على العكس فهي تتفق مع أميركا لتسليمها مدينة منبج ليكون الأكراد كبش فداء للعلاقة التركية – الأميركية. إلا ان المعلومات الصحافية الواردة من تركيا عن تخفيف عديد القوات الأميركية في قاعدة أنجرليك – من دون ذكر مصير الخمسين قنبلة نووية التي تخزنها أميركا في القاعدة كجزء من حربها الباردة مع موسكو وتوازن قوات “الناتو” وسعيها لمحاصرة روسيا – توحي بأن العلاقة التركية – الأميركية ليست على ما يرام إطلاقاً.
وتَعتبر دمشق ان أميركا وأكراد سورية أخطر من تركيا لأن هؤلاء ينسجون العلاقات مع أميركا وإسرائيل ولا تَعلُّق لهم بالأرض ويهدفون فقط إلى إنشاء كيان لهم مستقل من دون هوية انتمائية لوطنٍ ما بل للعِرْق فقط. ولذلك فإن التواجد التركي – في نظر دمشق – يُعتبر احتلالاً، إلا أنه يشكل خطراً على الدولة السورية بدرجة واحدة أقلّ من التواجد الأميركي.
النفوذ الأميركي
وأضافت المصادر ان “حزب الله” انسحب من منطقة التنف ومحيطها الذي تتواجد فيه قوات أميركية ومعسكرات وقاعدة بريطانية – فرنسية. وهذا الانسحاب مرده إلى القناعة بأن أميركا ستبقى في سورية إلى أن ينقلب الشعب السوري على قواتها في مناطق نفوذها. وقد أتت أميركا لتبقى وستدافع بشراسة عن وجودها لانها لا تريد إفساح المجال لروسيا لمنافستها على السيطرة على الشرق الأوسط.
وقد أَوْجدتْ أميركا منطقة إستقرار لقواتها في الشمال الشرقي السوري في المناطق الخاضعة للسيطرة الكردية والتي يتواجد فيها نحو 13 في المئة من النفط والغاز السوري. إلا انها تمثل مساحة توازي أربع مرات مساحة لبنان و24 في المئة من الاراضي السورية.
ويسبّب وجود أميركا هناك القلق ليس فقط لسورية بل لتركيا والعراق، حسب المصادر، إذ إن المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الأميركية تتضمن مناطق نفوذ “داعش” التي تحميها واشنطن وتحافظ عليها. ومن هذه المناطق ينطلق “داعش” لقتال الجيش السوري والجيش العراقي عابراً للحدود الطويلة بين بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين.
وتعتبر سورية وحلفاؤها ان أميركا ستبقى لتحافظ على الصراع مع عدوتها الأولى روسيا، إلا أنها من الصعب ان تصطدم معها مباشرة بل مع حلفائها ومن خلال أدواتها على الأرض (الأكراد وداعش).
ولا توجد أي دلائل تشير الى أن أميركا وحلفاءها في الشرق الأوسط يريدون السلام والاستقرار في المنطقة. وكل المؤشرات تدلّ على ان اميركا تحارب للحفاظ على سلطتها ونفوذها وإثبات أنها لا تزال قوية ومُهَيْمِنَة.
ووفقاً للمصادر المطلعة، لم تفهم أميركا أنها دولة عظمى ولديها قدرة كبيرة مدمّرة وأصدقاء كثيرين ودول تخشاها، ولكن في الوقت نفسه هناك قوى أخرى تتجمع حول روسيا والصين وإيران ولا تخشى أميركا ولا تعترف بأحاديّتها المُسَيْطِرَة وتعمل على ذلك بوضوح.
وختمت المصادر بالتساؤل: هل ستتقبل أميركا أنها لم تعد الدولة العظمى الوحيدة، وهي المكانة التي تمتّعت بها منذ سقوط الاتحاد السوفياتي العام 1991 الى عام استيقاظ المارد الروسي بعد الحرب في ليبيا ووصول روسيا الى سورية العام 2015 لاستعادة مكانتها على نحو أقوى من قبل؟
أبرز الأخبار