08-03-2018
الانتخابات
وبدت بيروت أمس أشبه بـ“علبة أرقامٍ” وسط انهماك بقراءة خلاصات “دفتر” الترشيحات لاستحقاق 6 أيار الذي حفل بسوابق تاريخية سواء لناحية إجمالي عدد المرشحين الذي بلغ 976 سيتنافسون على 128 مقعداً يتقاسمهم مناصفةً المسيحيون والمسلمون أو لجهة عدد المرشحات من ضمنهم والذي رسا على 111 أي ما يوازي 8 أضعاف الرقم الذي سجّل العام 2009 وكان 14 مرشحة.
وإذا كانت الأنظار تتجه على العدد، من الرجال كما النساء، الذي سيكمل في السباق الانتخابي وينجح في الانضواء “الإجباري” ضمن لوائح ينبغي تسجيلها رسمياً بحلول منتصف ليل 26 – 27 الجاري، فإن الأكيد من “المسْح” الأولي للائحة الترشيحات يشي بأن برلمان 2018 وإن كان لن يحمل مفاجآت في “التركيبة الجينية” التي تحكم اللعبة السياسية التي تتحكّم بها أحزاب سياسية – طائفية “ثابتة”، إلا أنه سيغيب عنه حكماً 41 وجهاً اختاروا الانسحاب من المشهد البرلماني، إما على قاعدة “تسليم الدفة” للابن او القريب وإما من ضمن قرار باعتزال العمل التشريعي. ومن أبرز الذين عزفوا عن الترشح، الرئيس فؤاد السنيورة، والنواب وليد جنبلاط، سليمان فرنجية، دوري شمعون، أحمد فتفت، محمد الصفدي، محمد قباني، عاصم قانصوه وفريد الخازن.
ومع طي صفحة الترشيحات، ستكرّ ابتداءً من الأحد سبحة إعلان الأحزاب الرئيسية أسماء مَن ستخوض عبرهم “الامتحان” النيابي وبرامجها الانتخابية في خطوة على طريق حسْم التحالفات التي يتم وضْع اللمسات الأخيرة عليها عبر مشاورات ماراثونية ووفق حساباتٍ تراعي شعار “الربح أولا”، ما يؤسس للوحة تجمع بين متحالفين في مكان وخصوم في مكان آخر.
وفي هذا السياق، يعلن رئيس الحكومة زعيم “تيار المستقبل” سعد الحريري الاحد المقبل سيعلن أسماء مرشحيه في احتفال يقام في “البيال” قد يسبقه لقاء مع رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع سيكون الأول منذ أزمة استقالة الحريري في تشرين الثاني الماضي، وسيكرّس مساراً من تطبيع العلاقة بين الحليفيْن القديميْن والتي مرّت بصعود وهبوط مرات عدة، علماً انها يفترض أن تفتح الطريق في الانتخابات المقبلة أمام تحالفات موْضعية بينهما في دوائر محددة لا سيما في جبل لبنان.
ولن يمرّ 14 آذار إلا ويكون جعجع أعلن في مهرجان تعمّد اختيار موعده في ذكرى “انتفاضة الاستقلال” العام 2005 أسماء مرشّحي “القوات” وبرنامجها الانتخابي وذلك على مسرح “بلاتيا” في ساحل علما (كسروان)، وذلك قبل ان يتولى “التيار الوطني الحر” كشف كل أسماء مرشحيه واللوائح في احتفالية يقيمها في 24 الجاري في “الفوروم دو بيروت”.
ولم تحجب الحماوة الانتخابية التي ستتصاعد تدريجاً في الطريق الى 6 أيار الاهتمام بالتحضيرات المتسارعة لمؤتمرات الدعم الدولية الثلاث للبنان التي تبدأ من روما الخميس المقبل قبل مؤتمر “سيدر 1” في باريس في 6 نيسان ثم محطة بروكسيل اواخر الشهر نفسه، وسط جهد يتركّز في بيروت على مساريْن: الأول إنجاز مشروع موازنة 2018 الذي اقتربت الحكومة من بتّه تمهيداً لإحالته على البرلمان وذلك لإعطاء إشارة جدية الى وضع الإصلاحات المالية – الاقتصادية الضرورية على السكة استجابةً لدفتر شروط المجتمع الدولي. والثاني استكمال حشْد التأييد العربي والغربي للمشاركة الفاعلة في هذه المؤتمرات في ظل ارتياح لبناني كبير الى القرار السعودي والإماراتي بعد الكويتي بالمساهمة الوازنة فيها، كإحدى ترجمات الزيارة “الناجحة جداً” التي قام بها الرئيس الحريري للرياض الأسبوع الماضي والتي انطوت على إشارات سعودية الى محض الثقة المطلقة للحريري في إدارته للمرحلة المقبلة في لبنان.
وقد تطرّق الحريري خلال جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت في القصر الجمهوري الى محطته في السعودية مشيراً الى أنها كانت إيجابية جداً، “والسعودية ستشارك في مؤتمرات دعم لبنان”، مؤكداً أن “سياسة النأي بالنفس التي التزمتها الحكومة مهمة بالنسبة الى السعودية ولبنان”.
وشكّل هذا العنوان أحد محاور “الكلمة النارية” التي ألقاها وزير الداخلية نهاد المشنوق في مؤتمر وزراء الداخلية العرب في الجزائر وصوّب فيها على “حزب الله” وإيران اذ أكد “نحن في لبنان نسعى جاهدين وسيتضح ذلك بعد الانتخابات النيابية الى ان تكون الدولة هي الجهة الوحيدة التي تحتكر السلاح وقرار الحرب والسلم”، موضحاً “لن نقبل ان يكون لبنان شوكة في خاصرة العرب ويجب الا تيأسوا وتستسهلوا تسليم لبنان لإيران وغيرها”، لافتاً الى ان “المجموعة التي فجرت السفارة الاميركية في بيروت العام 1983 ها هي تتورط في اليمن والعراق وسوريا والبحرين وتتغلغل في النسيج الاجتماعي الخليجي”.
وإذ أكد المشنوق، الذي كان التقى نظيره السعودي الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز، ان “عاصفة الحزم كانت الاطار الوحيد لمواجهة التوغل الايراني”، قال “لست من هواة المواجهة المجانية مع ايران ولا أستسهل خيارات من هذا النوع بل سبق لي ودعوت الى حوار معها”، معتبراً “ان حجم الحضور الايراني في أزمات دولنا يستوجب استراتيجية مشتركة تتجاوز الحد الادنى من التفاهم والتوافق، وكل تأجيل هو هدية للمشروع الايراني”.
أخبار ذات صلة