02-03-2018
عالميات
والاتهامات المتبادلة بين روسيا والولايات المتحدة بأن كلًا منهما تسعى لتعزيز نفوذها في سوريا تُظهر جلياً تحول مسار الحرب هناك واستمرارها لفترة اطول. وامس قدر سكرتير مجلس الأمن الروسي ألكسندر فنيديكتوف ، عدد القواعد العسكرية الأميركية في سوريا بحوالي 20 قاعدة، معظمها في مناطق خاضعة لسيطرة قوات كردية وتمدها بأحدث الأسلحة، اضافة إلى الانتشار الأميركي في التنف، وجعلها منطقة عمليات مغلقة على طول 55 كيلومترا على الحدود السورية الأردنية.
وتعتبر موسكو ان اميركا تسعى إلى دعم المعارضة التي خسرت معظم المناطق التي تسيطر عليها في سوريا وجعلها تقوم بحرب استنزاف بدلاً من الهجمات المنظمة. ولهذا تصر موسكو على تطهير جميع المناطق التي لا تزال خاضعة للمعارضة، لا سيما في الغوطة الشرقية لدمشق بحجة وجود ارهابيين فيها. اذ أتمت الهدنة الانسانية التي أعلنتها روسيا في هذه المنطقة المحاصرة قرب دمشق يومها الثالث امس، من دون أن يسجل خلالها خروج مدنيين عند معبر الوافدين المحدد لذلك شمال شرق دمشق، حيث يتواجد ضباط وجنود روس مع عناصر من النظام السوري، ومتطوعي الهلال الأحمر السوري.
ويقضي سكان الغوطة الساعات الخمس للهدنة بين تكسير الأثاث لتحويله خشبا للتدفئة والخروج من الأقبية لالتقاط الأنفاس بعيدا عن رائحة المجاري والرطوبة. اما الأمم المتحدة العاجزة فعلياً عن عمل اي شيء لوقف المجازر فشكت من عدم كفاية هدنة الساعات الخمس لإدخال المساعدات وقالت إن خطة روسيا هذه تحتاج إلى تحديث للسماح بتوصيل المساعدات وتنفيذ عمليات الإجلاء الطبي. وقال مندوب الكويت الدائم السفير منصور العتيبي ان القرار الدولي ليس سوى “خطوة اولى نحو تحسين الوضع الانساني لكن لم يشاهد تنفيذ لبنوده ولو بشكل جزئي حتى الآن وتحديدا في الغوطة الشرقية”.
وقال السفير العتيبي في كلمة له امام مجلس الامن الذي ترأس الكويت الدورة الحالية له “ان وحدة مجلس الامن الذي اظهرها عند اعتماد القرار 2401 توجب علينا جميعا الحرص على تنفيذ بنودة بشكل كامل وفوري دون ابطاء بهدف التخفيف عن معاناة الاشقاء في سوريا وحماية المدنيين”.
واشاد باستعداد الأمم المتحدة وجاهزيتها من أجل الدخول إلى الغوطة الشرقية وبقية المناطق المحاصرة الأخرى.. داعيا كل أطراف النزاع إلى الالتزام بالقانون الإنساني الدولي والامتثال لبنود هذا القرار
إستراتيجية حلب
ومن الواضح أن النظام وحليفه الروسي يطبقان في الغوطة نفس الاستراتيجية التي اتبعاها لترحيل أهالي احياء شرق حلب وإنهاء تواجد المعارضة في دمشق وريفها بشكل كامل، دون الاهتمام بعدد الضحايا. وهذه الاستراتيجية تعتمد من خلال المجازر على نشر الخوف والذعر في نفوس أهالي المناطق المحاصرة وإجبارهم على مغادرة مدنهم، في حين لا يحمل قرار مجلس الأمن الاخير أي قوة إلزامية، حيث لا يتضمن فرض عقوبات على الأطراف المنتهكة للقرار، ما يعني أنه لن يشكل عائقا أمام استمرار الهجمات بذريعة ان قرار مجلس الامن واتفاقيات الهدنة ومناطق خفض التصعيد “لا تشمل الإرهابيين”.
وتقول جنيفر كافاريلا، الخبيرة السورية في معهد دراسة الحرب إن الأسد يحاول استعادة زمام الامور من خلال الممارسات الوحشية ويستمر بحملة “الحصار والجوع والإستسلام” بعد أن وجد أنها فعالة في ظل غياب المحاسبة الدولية. ومن الواضح أن النظام قد اتخذ قراره بالبقاء في السلطة مهما بلغت التكاليف ومن المستبعد أن يقوم بتعديل قراره بعد ان تغيرت الظروف لمصلحته واصبح يتمتع برفاهية التركيز أكثر على الجماعات المعارضة؛ بعد ان اصبح تنظيم داعش الارهابي لا يشكل اي عبء عسكري للنظام.
ماذا تريد إيران؟
في الجانب الايراني يبدو ان طهران تناور من اجل البقاء بين اللاعبين الكبار في سوريا، ولتكسب لاحقا حصتها الاستراتيجية العسكرية المتمثلة في اقامة قاعدة دائمة لها، اضافة إلى حصتها في اعادة الاعمار، وهو ما بدا جليا من خلال تصريحات أمين عام مجمع تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي الذي قال أن بلاده أنفقت 22 مليار دولار على الحرب السورية وأنها ستأخذ ضعف ما أنفقته لحماية بشار الأسد، مبررا هذا الإنفاق بأنه جاء للحفاظ على الأمن القومي لإيران والدفاع عن مصالحها في المنطقة. ونقل موقع “إنتخاب” عن رضائي قوله “لم نحقق انتصاراتنا بإنفاق أموالنا، بل استطعنا أن نحققها من خلال إبداع قائد فيلق القدس قاسم سليماني” مضيفا: “وبالتالي إذا أعطينا دولارا واحدا لشخص ما، فإننا سنأخذ ضعفه”، مشددا على أهمية السيطرة الصناعية والتجارية على سوريا.
الاصرار الايراني على البقاء والتمدد في سوريا يبدو جليا وقد كشفت تقارير امس الاول عن قاعدة عسكرية صاروخية دائمة لإيران قرب دمشق. وفي هذا السياق قال الخبير العسكري الإسرائيلي رون بن يشاي في صحيفة “يديعوت أحرنوت” إن نشر صور الأقمار الصناعية التي تظهر القواعد العسكرية الإيرانية في سوريا، يعتبر إشهارا للبطاقة الحمراء بوجه طهران ، ما يشكل تمهيدا لعملية عسكرية إسرائيلية ضد صواريخها المنتشرة في الأراضي السورية، وقد تشكل تشجيعا للرئيس الأميركي دونالد ترامب ، للتنصل من الاتفاق النووي مع إيران، إلى جانب تفعيل العقوبات المفروضة عليها، مشيراً إلى أن إسرائيل ترغب في إرسال رسائل إلى موسكو لكبح جماح النفوذ الإيراني المتزايد قبل فوات الاوان.
أخبار ذات صلة
عالميات
اسرائيل ردت على ايران..
أبرز الأخبار