07-02-2018
محليات
في بلد يفتقر إلى منظومة شاملة للنقل العام ليس أمام موظفي المصلحة أي مهام تذكر، لكن الحكومة تخصص لها ميزانية سنوية قدرها 8.64 مليون دولار، وهي تمثل هدرا للأموال في وقت يقدر فيه البنك الدولي نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي بنحو 155 بالمئة وهي واحدة من أعلى النسب في العالم.
ويحذر خبراء ومسؤولون في ظل ضعف النمو الاقتصادي، من استمرار ارتفاع العجز المالي الذي يجري تمويله غالبا عبر الاقتراض من البنوك المحلية. ويرجحون مطالبة المانحين الدوليين، الذين يسعون لعقد اجتماع في أبريل، بإصلاح القطاع العام المترهل.
لكن اقتراب الانتخابات البرلمانية في مايو، سيجعل من الصعب تقليص النفقات في ظل نظام طائفي لتقاسم السلطة طالما استخدمه السياسيون لمحاباة أطراف محسوبة عليهم لتعزيز نفوذهم.
ويرى نسيب غبريل كبير المحللين الاقتصاديين في بنك بيبلوس إن “ارتفاع النفقات العامة من 6.5 مليار دولار في 2005 إلى 16 مليار دولار في 2016 ومن دون موازنة، يظهر حجم الهدر”. وقال إن تكلفة زيادة أجور القطاع العام فاقت خدمة الدين أواخر العام الماضي.
ويضم الأسطول الحالي لحافلات النقل العام في البلد الذي يقطنه 4 ملايين نسمة نحو 40 حافلة فقط. أما السائقون فقلة منهم فقط يقودون الحافلات لأسباب عدة منها خوفهم من تعرضهم للهجوم من قبل سائقي الحافلات الصغيرة الخاصة التي تهيمن على القطاع.
وقال محمد شمس الدين الباحث بالمؤسسة الدولية للمعلومات المتخصصة في أبحاث السوق والسياسات العامة إن مصلحة النقل واحدة من أكثر من 12 هيئة حكومية تتلقى تمويلا من الدولة لكن ليست لها أي أدوار مهمة.
وتأسست المؤسسة العامة لترتيب الضاحية الجنوبية الغربية لبيروت لتطوير هذا الجزء من العاصمة، لكن العمل توقف بالكامل في 1997 بسبب نزاعات سياسية ومصاعب ترتبط بتوفير التمويل.
وأكد شمس الدين أنه رغم تعليق المشروع، إلا أن المؤسسة احتفظت بميزانيتها السنوية البالغة 2.25 مليون دولار و40 موظفا. لكن مديرها السابق فادي فواز، مستشار رئيس الوزراء سعد الحريري، يقول إن الحكومة تخطط لإعادة إطلاق المشروع هذا العام.
وذكر تقرير للبنك الدولي في 2016 أن نظام تقاسم السلطة، وهو جزء من الاتفاق الذي أنهى الحرب الأهلية في عام 1990، يشمل موازنة نسب الموظفين بأجهزة الخدمة المدنية على أسس طائفية وهو ما يزيد من صعوبة تسريح الموظفين.
وأضاف أن بعض الهيئات أغلقت أبوابها فقط بعد إحالة آخر موظف إلى التقاعد، مثل مكتب الحرير الذي كان يشرف على صناعة الحرير التي كانت رائجة في لبنان وتوقفت أنشطتها بالكامل عام 1975 عندما اندلعت الحرب الأهلية لكنه لم يقفل بشكل نهائي إلا في عام 2000.
ويعمل في إدارة البريد 60 موظفا ولها ميزانية سنوية قدرها 4.5 مليون دولار، رغم أنها أوقفت كل أنشطتها في عام 1998 عندما جرت خصخصة خدمات البريد. لكنها لا تزال تصمم الطوابع البريدية.
ونسبت رويترز إلى محمد زهير يوسف مدير إدارة البريد قوله إنه في ظل افتقار الدولة لنظرة استراتيجية، فإنها لا تدري ماذا تفعل بالموظفين بعد خصخصة أي قطاع حكومي وهي لا يمكن أن تثير نقمة المجتمع بتسريح الموظفين.
وتسبب شقاق عميق بين الكتل السياسية في مزيد من المقاومة للتغيير إذ تأجلت الانتخابات مرتين ولم تكن هناك أي حكومة رسمية بين عامي 2014 و2016 وظلت البلاد بلا ميزانية منذ 2005 حتى العام الماضي.
وأتاح اتفاق بين الأطراف المتنافسة فرصة للبرلمان لتعيين الحكومة الحالية في عام 2016. ولم يتضح بعد هل ستساعد انتخابات مايو في حل المشكلات أم ستغطي عليها فقط.
ومع تركيزهم على الحصول على الأصوات، ضغط السياسيون في العام الماضي لزيادة أجور القطاع العام وسط ضغط شعبي، وذلك في أول ميزانية رسمية في 12 عاما.
وتم أيضا إقرار ضرائب جديدة لتغطية النفقات الإضافية المقدرة بنحو 917 مليون دولار. لكن الواقع يؤكد أنه لا أحد يعرف حجم التكلفة النهائية لعدم وجود بيانات دقيقة عن عدد المدرجين في كشوف رواتب القطاع الحكومي.
ومن المستبعد إيجاد علاجات في ظل افتقار وزارة مكافحة الفساد، التي جرى تأسيسها في نهاية العام الماضي لمحاربة الفساد والهدر، إلى ميزانية ومقر وموظفين وصلاحيات وهيكل مؤسسي.
ويقول نقولا تويني وزير الدولة لمكافحة الفساد إن “السبب في أننا لم نطلب موازنة لأن الموازنة مثقلة فعلا بأعباء عالية جدا ولم نرد زيادة تلك الأعباء”.
أخبار ذات صلة