11-05-2024
صحف
|
الجمهورية
يبدو انّ صفحة الملف الرئاسي قد طُويت الى أجل غير مسمّى، ومقاربته في المجالس السياسية لا تعدو أكثر من تذكيرية به، والثابت لدى كل اللاعبين على الحلبة الرئاسية أنّ هذا الملف قد رحّلته التطورات الأمنية خصوصاً على جبهة الجنوب، الى ما بعد انتهائها غير المحدّد بسقف زمني.
وفيما بدا انّ «اللجنة الخماسية» قد فرملت مهمّتها راهناً، وأدخلت نفسها في استراحة مفتوحة ريثما تنجلي صورة التطورات، سألت «الجمهورية» أحد سفراء اللجنة الخماسية عن أسباب هذا الانكفاء، فنفى ذلك واكتفى بالقول: «اللجنة لم تنكفئ، بل انّ مهمّتها ما زالت قائمة وستعود الى التحرّك في القريب العاجل وفق خريطة الطريق التي رسمتها لنفسها، بناءً على حركة الاتصالات واللقاءات التي اجرتها مع كل الاطراف. وللتذكير، فقد اكّدنا في ختام تحرّكنا الاخير انّ اللجنة ماضية في مهمّتها في مساعدة اللبنانيين وتوفير مناخات التوافق في ما بينهم حتى انتخاب رئيس للجمهورية، وعلى هذا الاساس سنكمل هذا التحرّك في القريب العاجل».
وعلى الرغم من تقدّم التطورات الأمنية على ما عداها، فإنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لا يرى وجود ما يمنع من المسارعة الى انتخاب رئيس للجمهورية، وفي مقدور اللبنانيين ان يتوافقوا على هذا الأمر. وقال لـ«الجمهورية»: «لا مفرّ في نهاية المطاف من الجلوس على طاولة الحوار او النقاش او التشاور، او تحت اي عنوان يلتقي تحته اللبنانيّون للانتهاء من هذا الأمر».
ورداً على سؤال قال: «بالحوار العقلاني والموضوعي وصدق النوايا يمكننا أن ننجز الانتخابات الرئاسية في اقل من عشرة ايام».
يعكس كلام بري هذا أن لا جديد حالياً إزاء الملف الرئاسي، وخصوصاً انّ مواقف الأطراف ما زالت على حالها لناحية رفض الحوار، في انتظار التحرّك الجديد الذي قالت اللجنة الخماسية في ختام حراكها الأخير انّها ستقوم به لاحقاً. ورجحت مصادر ان يصبح هذا التحرّك اكثر كثافة وفعالية، إذا ما برزت تطورات ايجابية في ساحة المنطقة، أفضت الى هدنة في قطاع غزة، تنسحب بدورها على جبهة لبنان، حيث انّ هذا الأمر من شأنه أن يحفّز أكثر على التفرّغ للملف الرئاسي بصورة مكثفة ومتتالية.
اما على خط المساعي الرامية الى تبريد الجبهة الجنوبية، فلا صوت حتى الآن يعلو على صوت التوترات السائدة على امتداد الحدود، وورقة الحل الفرنسية وفق ما يؤكّد معنيون بها لـ»الجمهورية»، أدّت قسطها، والردّ اللبناني على هذه الورقة يبدو جلياً أنّه طواها وباتت في حكم الفاقدة لصلاحيتها كمشروع حل مقبول لتبريد الجبهة.
وسألت «الجمهورية» معنيين بالردّ باللبناني على الورقة الفرنسية الذي سلّمه الرئيس بري الى الفرنسيين عن نقاط الخلل التي تعتريه، ففضّلت عدم الغوص بها، وقالت: «من حيث الشكل الورقة مقبولة لناحية عنوانها لحل سياسي، علماً انّ الحل السياسي مؤجّل البحث فيه الى ما بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي على غزة، وكذلك وقف اعتداءات اسرائيل على لبنان. واما من حيث المضمون فيمكن القول إنّ ربع الطرح مقبول، واما ثلاثة ارباعه فمرفوضة، حيث تتبدّى فيها محاولات تشاطر وتلاعب على الكلام، وتنظر بعين واحدة الى إجراءات ينبغي ان تُطبّق في الجانب اللبناني، ويغفل الجانب الاسرائيلي نهائياً، حتى أنّه يحرّرها من التطبيق الكامل للقرار 1701، وبالتالي الطرح في مجمله مرفوض، ولا يمكن للبنان أن يقبل به على الاطلاق».
وقالت مصادر ديبلوماسيّة من العاصمة الفرنسية لـ«الجمهورية»، انّ باريس تدرك الحاجة الملحّة الى خفض التوتر في منطقة الحدود بين لبنان واسرائيل، وتجنّب الانجرار الى حرب مواجهات واسعة، وضمن هذا السياق، جاءت مبادرة الحل بتوجيه شخصي ومباشر من قبل الرئيس ايمانويل ماكرون، الذي يولي أولوية وجدّية عالية لمنع تمدّد الحرب الى لبنان وانحدار الامور إلى الأسوأ.
ورداً على سؤال حول ما قيل عن انّ ورقة الحل الفرنسية تراعي مصلحة اسرائيل، حيث انّها تفرض إجراءات في الجانب اللبناني، دون ان تفرضها على الجانب الإسرائيلي، قالت المصادر: «انّ جوهر الطرح الفرنسي يقوم على حل مستدام يتوخّى مصلحة جميع الاطراف، ويؤمّن الهدوء والاستقرار على جانبي الحدود، والتأكيد على تطبيق القرار 1701، وتمكين النازحين من العودة إلى بيوتهم من الجانبين اللبناني والاسرائيلي».
وعمّا تردّد عن توجّه باريس لإعداد ورقة حل جديدة بناءً على ملاحظات الاطراف المعنية بالمواجهات على الجبهة الجنوبية، لفتت المصادر: «حتى الآن لا كلام رسمياً حول توجّه لصياغة ورقة جديدة. ولكن بطبيعة الحال، وبعد تسلّم ملاحظات الاطراف، سيصار الى صياغة افكار جديدة، انما متى سيحصل ذلك، فلا جواب ولا معلومات حتى الآن».
ورداً على سؤال عمّا اذا كانت الورقة الفرنسية منسّقة مع الاميركيين، قالت المصادر: «باريس على تشاور دائم مع اصدقائها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الاميركية، التي تتشارك وباريس الرغبة في خفض التصعيد وتبريد جبهة لبنان، ومنع تمدّد الحرب اليه».
وقال عضو تكتل الاعتدال النائب سجيع عطية لـ«الجمهورية» عن سبب توقف مبادرة التكتل: نحن لم نوقف المبادرة بل الجو العام في لبنان والمنطقة ساخن، واللجنة الخماسية كان يفترض ان تضع جهدها معنا لتسهيل المبادرة وازالة العقبات امام الاعتراضات الشكلية، لكن يبدو ان لأطراف الخماسية اجندات واولويات مختلفة، لذلك ربما يعمل ويتحرك كل سفير منفرداً.
اضاف عطية: الكل يرتقب الهدنة في غزة، واذا تحققت وانعكست تهدئة على لبنان، سنعيد التحرك مجدّداً بحيث لا يبقى عذر لأي طرف. وان كنا نرى ان التوتر دافع اكبر لدفع الاستحقاق الرئاسي، لكن يبدو ان موضوع الرئاسة اصبح جزءاً اساسياً من التسويات الكبرى في المنطقة.
وابلغ النائب المستقل الدكتور غسان سكاف «الجمهورية» انه برغم تراجع الملف الرئاسي، فقد واصل حراكه بعيداً عن الاعلام والتقى مرتين عددا من القيادات السياسية والروحية، وقال: نحن نعمل منذ سبعة اشهر مع الفرنسيين والاميركيين على محاولة فصل الملف الرئاسي عن حرب غزة ومواجهات الجنوب، وقمنا بهذه الجولة على القيادات بهدف تكوين ملف داخلي يلاقي الخارج بعيدا عن الازمات الخارجية لانتخاب رئيس للجمهورية، لكن هناك بعض الاطراف مازالت تصر على تعليق الاستحقاق الرئاسي على حبال حرب غزة.
اضاف سكاف: حسب معلوماتي، فإن مهمة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان والموفد الاميركي آموس هوكشتاين تخطت الوضع اللبناني، وهما يتابعان مع القاهرة المفاوضات لوقف اطلاق النار في غزة وعودتهما الى لبنان مرتبطة بما سيحصل في غزة. وانا معلوماتي ان الهدنة في غزة ستحصل وستنعكس على لبنان ويمكن عندها تمرير الانتخابات الرئاسية، لذلك اصرينا على ضرورة وجود رئيس للجمهورية يقود المفاوضات الاقليمية المرتقبة.
واوضح سكاف انه مستمر بمهمته وسيستغل فرصة الهدنة في غزة لمواصلة مساعيه.
أخبار ذات صلة
إينوميَّات
سؤال برسم دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري
لكل مقام مقال
بري وعد ووفى... وفى على طريقته