08-05-2024
عالميات
|
النهار العربي
يدفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمفاوضات الهدنة إلى حافة السقوط، مفضّلاً عدم المخاطرة بحكومته، فرفض الاقتراح المصري الأخير حول الهدنة في غزة، بما يعني أنّ هجوم رفح بات وشيكاً، وأنّ الشرق الأوسط أمام جولة جديدة من التصعيد.
الحفاظ على الحكومة هو الأولوية التي تتصدّر جدول أعمال نتنياهو. وعندما قارن بين هدنة تطيح ائتلافه الحكومي وتُسقطه من السلطة وتعرّضه للمساءلة عن الإخفاق في 7 تشرين الأول (أكتوبر) وحتى بعده، والمضي في حرب تؤمّن له البقاء في السلطة، فإنّه اختار مواصلة الحرب. ولذلك يُغرق مفاوضات الهدنة بشروط تعجيزية، من مثل الفصل بين التهدئة والهجوم الذي يراه حتمياً على رفح.
نتنياهو، واثق من أنّ بايدن يخاطر بالدخول في مواجهة معه، حتى ولو سقط المزيد من المدنيين الفلسطينيين في رفح، وحتى لو انتشر الجوع في كامل غزة، وحتى لو اتسعت الحرب في المنطقة.
ونتنياهو، واثق أيضاً من أنّ الولايات المتحدة لن تسمح للمحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات اعتقال بحقه بتهمة تجويع متعمّد لسكان غزة، بينما حكم محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة المرفوعة من جانب جنوب إفريقيا وانضمّت إليها نيكاراغوا، يحتاج إلى سنوات للصدور. وفي مجلس الأمن، الفيتو الأميركي جاهز لإسقاط أي مشروع قرار يدعو إلى وقف النار، بينما المساعدات العسكرية والاقتصادية التي أقرّها الكونغرس الشهر الماضي، تؤمّن تدفق السلاح الأميركي إلى إسرائيل حتى عام 2030 على الأقل.
وفي الداخل الإسرائيلي، لا يواجه نتنياهو أية معارضة فعلية تشكّل خطراً عليه. وحكومته مستمرة طالما هو منسجم مع الوزيرين المتشدّدين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، وحتى لو انسحب بيني غانتس من مجلس الحرب، فإنّ ذلك لا يؤثر على الائتلاف الحكومي القائم على التحالف بين الليكود وأحزاب الصهيونية الدينية.
الرئيس الأميركي اختار بدوره المضي في سياسته المؤيّدة بالمطلق لإسرائيل، على بعد 6 أشهر من الانتخابات الرئاسية. لا احتجاجات الجامعات ولا استقالات مسؤولين في إدارته ولا الضغوط التي يتعرّض لها من الجناح اليساري، ولا الاتهامات بالتواطؤ في الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في غزة بما يشكّل سقوطاً أخلاقياً للولايات المتحدة، بقادرة كلها على إقناعه بتغيير سياسته، حتى لو انطوت على خسارة حملته لولاية ثانية في البيت الأبيض.
ومنذ البداية، لا يعترض بايدن على هجوم رفح، إنما يريد حصوله بعد إجلاء أكثر من مليون نازح لجأوا إلى هناك منذ بدء الحرب التي دخلت شهرها الثامن.
وهذا بدوره يشجع نتنياهو على التمسك باستمرار الحرب على غزة، أو لجهة احتمال توسيعها لاحقاً نحو لبنان وربما أبعد، وفق ما يطالب بن غفير وسموتريتش.
هناك خمسة أشهر سيستغلها نتنياهو لتحقيق ما عجز عن تحقيقه في الأشهر السبعة الماضية.
وأول هذه الأهداف ترميم صورته التي تشوّهت في إخفاق 7 تشرين الأول (أكتوبر)، وثانياً إعادة احتلال قطاع غزة بالكامل، من دون الالتفات إلى التحذيرات الصادرة من أكثر من جهة دولية، حول المخاطر التي ستترتب على ذلك، وثالثاً، التأكيد على أنّه الشخص الوحيد القادر على قيادة إسرائيل في الأوقات العصيبة. ويراهن في ذلك على ضعف الشخصيات في صف المعارضة، وعدم قدرة أي منها على تشكيل حالة شعبية تقف في مواجهته.
ليس بالضرورة أن ينجح نتنياهو في ما يخطّط له. وكلما استطالت الحرب، كلما زاد الثمن الذي سيدفعه المجتمع الإسرائيلي لتحمّل أعبائها، لا سيما من الناحية الاقتصادية، ناهيك عن احتمالات توسعها إلى جبهات أخرى، بينما شرعية إسرائيل في العالم ستتعرّض لمزيد من التآكل على رغم الحماية الأميركية.
كل هذا ليس مهمّاً بالنسبة لنتنياهو الذي لا يعبأ في هذه المرحلة سوى لبقائه في سدّة الحكم، من دون النظر إلى الأثمان.
أخبار ذات صلة