25-04-2024
محليات
افتتح رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بمشاركة حاكم مصرف لبنان بالإنابة الدكتور وسيم منصوري، وبحضور 400 شخصية لبنانية وعربية من رجال المال والمصرفيين والمستثمرين، مؤتمر"الأمن الاقتصادي العربي في ظل المتغيرات الجيوسياسية"، قبل ظهر اليوم في فندق "فينيسيا".
وقال ميقاتي: "مهما عصفت بوطننا المحن والمصاعب، يبقى يختزن الكثير من الطاقات والقدرات والقيم والموارد البشرية والميزات الجغرافية، ما يمكنه من استعادة عافيته ومكانته وفق قدرة مجتمعه، وبتعاون اشقائه واصدقائه في العالم العربي والعالم باسره".
وأضاف، "مر لبنان بمحطات مشرقة من الاستقرار والنمو والازدهار وبناء السلام. لكن البلد يكابد اليوم في مواجهة أزمات عديدة ومتداخلة، ومناخ إقليمي حافل بالتوترات والتحديات والتهديدات والحروب العدوانية. هذه التحديات ترخي بثقلها على الشعب اللبناني الذي يعاني من أزمة اقتصادية ومالية وإنسانية غير مسبوقة، ومن فقدان المقومات الاساسية المعنوية والمادية التي تمكنه من الصمود، ثم النهوض والتعافي".
وتابع ميقاتي، "تكمن أولى التحديات الوطنية في شغور رئاسة الجمهورية وتعذر انتخاب رئيس جديد للبلاد، وما يستتبع ذلك من عدم استقرار مؤسسي وسياسي، ومن تفاقم للأزمة الاقتصادية والمالية، وتعثر في انطلاق خطط الإصلاح والتعافي الاقتصادي والمالي الذي يعول عليه اللبنانيون لإنقاذ البلد من الأوضاع الصعبة، وإعادة بناء الدولة والمؤسسات والأجهزة، وتعزيز دور القطاع الخاص والشركات الناشئة، وصولا إلى استعادة الثقة، وإعادة جذب الاستثمارات الخارجية، وعودة السياحة إلى ربوعنا. أنتم تعلمون ان الاستثمارات المجدية لا تكون الا من رحم الازمات التي نعيشها، لهذا أدعوكم جميعا الى ان تكون لكم ثقة بهذا البلد".
اضاف، ان "التحديات تزداد وتتفاقم حدتها مع استمرار احتلال إسرائيل لمساحات من أرضنا في الجنوب اللبناني، ومواصلة عدوانها واعتداءاتها وانتهاكاتها اليومية للسيادة اللبنانية، وخرقها لموجبات قرار مجلس الأمن 1701. يبقى هدفنا العمل على تجنب الانزلاق نحو حرب إقليمية شاملة، بموازاة ترسيخ السلم والسلام والأمن في المنطقة، وبسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل التراب، حتى الحدود المعترف بها دوليا. ولا يفوتني هنا أن أذكر، ومن باب التحديات أيضا، موجات النزوح المتتالية التي طالتنا في لبنان عبر العقود الماضية، وتطال تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية كافة مظاهر الحياة في البلد".
واستكمل ميقاتي، "أما التحدي الإقليمي الأبرز فيتمثل بالقضية الفلسطينية ومعاناة الشعب الفلسطيني الشقيق الذي يرزح تحت الاحتلال، ويصارع لنيل حقوقه. وفيما تزداد الحاجة للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني، نعيد مجددا تأكيد تمسكنا بالسلام العادل والشامل المستند إلى حل الدولتين والمرجعيات الدولية. وأكرر اليوم أمامكم التذكير بمبادرة السلام العربية الصادرة عن قمة بيروت في العام 2002، والتي طرحنا فيها أسس السلام المنشود".
وقال: "في المجال الاقتصادي المالي والتنموي، وبمواجهة هذا الكم الهائل من التحديات، نحن حريصون على تهيئة البيئة الاستثمارية الحاضنة للفرص الواعدة، بما يشمل تنشيط الدورة الاقتصادية وتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية مع الدول العربية، التي تعد الشريك التجاري الأساسي لنا، مع إمكان التوجه مستقبلا نحو أسواق جديدة، في قطاعات تنافسية محددة. في هذا السياق، أود تسجيل ارتياح لبنان للاستقرار والتطور والنمو ومسار بناء المستقبل في دول الخليج العربي، التي يدين لبنان وشعبه لها بالكثير من الشكر والامتنان، والعرفان والتقدير".
واستكمل ميقاتي، "كما تعلمون، إن الاقتصاد اللبناني في المنطقة والعالم خدماتي بامتياز، وعلينا العمل على تطويره وجعله خدماتيا وإنتاجيا وتنافسيا، في ظل السعي إلى تفادي المزيد من الحروب والصراعات، وتقليص المخاطر، وتنويع الاستثمارات، وصولا إلى الميزان التجاري الإيجابي".
وتابع: "يعد القطاع المالي والمصرفي أحد أهم دعائم الاقتصاد اللبناني. وفيما نعمل على تعزيز الاستقرار، واستعادة الثقة، ومساعدة الأسر الفقيرة والمحتاجة على تعزيز قوتها الشرائية، وإيجاد فرص عمل جديدة للشباب، فاننا نسعى إلى اعتماد نهج مالي جديد، وتجديد السياسة النقدية، والبدء بتنفيذ إستراتيجية التعافي، والتوصل إلى اتفاق بشأن خطة إصلاح شاملة لوضع الاقتصاد اللبناني على مسار الإنقاذ والنهوض والتعافي بالتعاون الوثيق مع المجتمع الدولي ومؤسساته، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والجهات المانحة، والأشقاء، والأصدقاء".
واردف ميقاتي، "هدفنا الاستمرار في العمل تدريجيا على حل الأزمةالاقتصادية – المالية الحالية، وإنقاذ البلد، وفق جدول زمني محدد، يشمل إقرار الإصلاحات والقوانين والتشريعات الضرورية، وتوزيع الخسائر المالية، وإقرار وتنفيذ قانون "الكابيتال كونترول"، والمحافظة على أموال المودعين في المصارف اللبنانية، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي على نحو منصف وعادل. كما يشمل ذلك الوفاء بالتزاماتنا المالية المحلية والعالمية، وإعادة جدولة الديون، وبناء الاحتياطي بالعملات الأجنبية، وتخفيض الانفاق، وتعزيز الواردات، وجذب الاستثمارات الخارجية.والأهم ربما، تعزيز مسار المساءلة والمحاسبة، ومكافحة الفساد وتبييض الأموال والجرائم المالية، ومواجهة التطرف والإرهاب".