21-04-2024
محليات
رعى بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي، حفل إحياء الذكرى المئوية الثالثة على إعادة الشركة بين كنيسة أنطاكية الملكية وكنيسة روما، على مسرح ثانوية سيدة البشارة، في إطار جولاته الراعوية خلال السنة التذكارية اليوبيلية، بدعوة من الرئيسة العامة للراهبات المخلّصيّات في دير سيدة البشارة الأم تيريز روكز، ومجلس المدبرات.
حضر القداس الذي ترأسه العبسي، النائبين ميشال موسى وغسان عطالله، مختار جون سمير عيسى ممثّلًا النائب بلال عبد الله، طوني أنطونيوس ممثلا النائب السابق نعمه طعمه، مدّعي عام البقاع القاضي منيف بركات، ممثل قائد الجيش العميد جوزف سعد، ممثل المدير العام للأمن العام العميد ايلي الديك، ممثل المدير العام لقوى الأمن الداخلي المقدم جوني بجاني، الرائد في مخابرات الجيش – مركز الجية خضر الحجار، متروبوليت الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران مخائيل ابراهيم، متروبوليت صور للروم الملكيين الكاثوليك المطران جورج اسكندر، راعي ابرشية صيدا ودير القمر للموارنة المطران مارون العمّار، الرئيس العام للرهبانيّة الباسيليّة المخلصيّة الارشمندريت انطوان ديب، الرئيس العام للرهبانيّة الباسيليّة الحلبيّة الأرشمندريت الياس بطيخة، الرئيس العام لجمعيّة الأباء البولسيّين الأب مروان سيدي، رجل الأعمال نبيل خرياطي، الرئيسة العامّة للراهبات الباسيليّات الشويريات الأم ندى طانيوس، الرئيسة العامّة لراهبات سيّدة المعونة الدائمة الأم نيكول حرّو، الرئيسة العامة لجمعيّة القلبين الأقدسين الأم برناديت رحيّم، الرئيسة العامّة للراهبات اللبنانيات المارونيات الأم أوغيت ميخائيل، الرئيسة العامّة للراهبات الأنطونيات الأم نزها الخوري، الرئيسة العامة السابقة الأم وازن، الأمين العام للمدارس الكاثوليكيّة الأب يوسف نصر ولفيف من الكهنة والرهبان والراهبات، وحشد عدد كبير من أفراد الهيئة التعليميّة والموظفين العاملين في مراكز عمل الراهبات المخلصيات كافة وشخصيات ورؤساء بلديات ومخاتير من منطقة جزين والاقليم وأصدقاء .
العبسي
بعد الانجيل المقدس، القى العبسي عظة قال فيها : "زيارتي اليوم إلى هذا الدير العابق بالقداسة والشهادة، في مناسبة المئة الثالثة لإعادة الشركة بين كنيستنا الملكيّة والكرسي الرسوليّ الرومانيّ، تنضح بالسرور وتحمل التقدير والشكر إلى جمعيّة الراهبات الباسيليّات المخلّصيّات لسيّدة البشارة، إذ إنّ هذه الجمعيّة كانت من اللُبنات الأولى في مدماك كنيستنا الروميّة الملكيّة الكاثوليكيّة، بموازاة الرهبانيّة الباسيّلية المخلّصيّة الكريمة وبالتعاون معها، منذ أن تفتّحت براعمها مع الراهبات اللواتي أتين من دير صيدنايا، ينضَممن تحت جناح البطريرك الجديد كيرلّس السادس طاناس ويَردِفن الرهبان الذين كانوا سبقوهنّ إلى العمل مع المطران أفتيميوس الصيفيّ رائد الدعوة إلى استعادة الشركة مع الكرسي الرسوليّ الرومانيّ وحاملِ لوائها والمدافع عنها حتّى العذاب والدّم".
وأضاف: "زيارتي اليوم إليكنّ أيّتها الأخوات المحبوبات في الربّ زيارةُ شكر لله تعالى الذي أعطى كنيستنا هذه الجمعيّة، وزيارةُ شكر لكنّ أنتنّ على ما تقدّمنه لكنيستنا ولمن كان قريبًا إليها من خدمات جُلّى في ميدان التعليم والتربية والطِّبابة والعمل الكنسيّ والاجتماعيّ والإنسانيّ في لبنان وفي البلدان المجاورة، زيارةُ شكر على الشهادة الإنجيليّة التي تشهدن بها للملكوت الذي وعد به الربّ يسوع "كلّ من ترك بيوتًا أو إخوة وأخوات أو أبًا وأمًّا أو بنين أو حقولًا من أجل اسمه. تاريخ هذه الجمعيّة، كتاريخ شقيقتها الرهبانيّة الحنّاويّة، جزء لا يتجزّأ من تاريخ كنيستنا من البداية إلى الساعة وإلى سنين سنين وإلى ما شاء تعالى. وهودا نحن اليوم هنا لنشهد على ذلك ولندعو لجمعيّة الراهبات المخلّصيّات الفاضلات بأن تبقى قويّة مزدهرة شاهدة لامعة بالقداسة، بالفضائل والإيمان المستقيم، خادمة للمحتاج والمنبوذ والمريض والتّعب والغريب..."
وتابع : "نمرّ في هذه الأيّام بضيقة مادّيّة وأخرى إنسانيّة اجتماعيّة ونتطلّع فلا نرى حدودًا لأفق ولا نورًا لدرب، بيد أنّنا لا نقطع الرجاء ونبقى عليه على خلاف كلّ رجاء كما يعلّمنا القديّس بولس. وما يَزيد الضيقة ضيقًا أنّنا نحن المكرّسين بتنا نشعر بما كان يشعر به القدّيس بولس وبما باح به، هو الذي كان دائم التحفّظ عمّا يخصّه شخصيًّا لئلّا يستكبر ويراه الناس فوق ممّا هو عليه، باح به لأهل كورنثس بقوله: "قد صرنا مشهدًا للعالم...جهّالًا...ضعفاء...مهانون...نُشتم ويشنّع علينا" . يرى الناسً أصغر هفوة وينسون الخير الذي يجري على يد الكهنة والرهبان والراهبات. بلى، كان ولا يزال في الكنيسة الكثيرون ممّن كرّسوا ووهبوا حياتهم للسيّد المسيح على الوفاء والإخلاص ونصاعة الخدمة ونقاوة السيرة. بفضل هؤلاء الذين يعيش معظمهم في الخفاء والتواضع والفرح، في ظلّ الربّ يسوع، تستمرّ الكنيسة ويشتدّ عودها ويبقى نورها ساطعًا وأبواب الجحيم لن تقوى عليها، وتستمرّ هكذا الرهبانيّات، تستمرّ هذه الرهبانيّة المحروسة، والأبرشيّات، تصنع الخير وتَهدي إلى الخلاص وتقود إلى الملكوت. هؤلاء كلّهم نذكرهم على الدوام في صلاتنا بالشكر والتشجيع والتعاطف. وما كان أبلغَ ما كان لقاؤهم بعضهِم مع بعض، كهنةً ورهبانًا وراهباتٍ مع الأساقفة، في يوم السبت الفائت الثالثَ عشرَ من الشهر الحالي، عددًا كبيرًا جميلًا ترتسم على وجوههم أمارات الفرح والسلام والرجاء والأخوّة الكهنوتيّة والغيرة الرسوليّة، ويرسمون معًا مستقبل كنيستنا. غدًا، في الأحد الثالث بعد القيامة، تذكر الكنيسة شفاء مخلّع بركةِ بيتَ حسدا. هي معجزةٌ من بين معجزات كبيرة أخرى أجراها السيّد المسيح واستدلّ بها الإنجيليّ يوحنّا ليبرهن أنّ المسيح هو ابن الله، معجزةٌ حصلت، كما يصفها الإنجيليّ، في عيد العنصرة عند باب الغنم في بركة اسمها بيتَ حسدا (بيت الرحمة) لها خمسة أروقة، يتجمّع فيها "جمهور كثير من المرضى والعميان والعرج ويابسي الأعضاء مضطجعون ينتظرون تحريك الماء". تمثّل بركةُ بيتَ حسدا الأرضَ والسقماء المضطجعون فيها يمثّلون الناس عامّة، يمثّلون كلّ واحد منّا نحن الذين على الأرض إذ إنّ معظمنا نحن الأرضيّين مرضى بأمراض كثيرة متنوّعة نفسيّة وروحيّة وجسديّة. وكما كان السقماء في بيت حسدا ينتظرون تحريك الماء لينالوا الشفاء كذلك نحن كلّنا، يقول القدّيس بولس، قد خطئنا فأعوزنا مجدُ الله (روم 3: 23)، أعوزنا الشفاء ننتظره. وكما كان المضطجعون في بيت حسدا يتسابقون للنزول في الماء كذلك نحن أيضًا نتسابق إلى الشفاء، إلى الحصول على أشياء وأشياء في الحياة، ونتدافع في هذا السبيل ولكن مع الأسف لا يفكّر الواحد منّا إلاّ بنفسه. كلّ منّا يقول في نفسه إنّ المهمّ هو أن أشفى أنا، أنا أحصل أنا على كذا وكذا، أن أسعد أنا وأتمتّع أنا، أمّا غيري فليتدبّر أمره".
وقال: "هذا ما جعل المخلّع يقول ليسوع "ليس لي أحد"، "ليس لي إنسان إذا تحرّك الماء يلقيني في البركة". نتصوّر ما هي حالة المرء حين يتفوّه بمثل هذه العبارة، حين تخرج هذه الصرخة، هذه الحسرة، من صدره. "ليس لي أحد": يعني أنّه ليس معي أحد، ليس إلى جانبي أحد، ليس أحد ينصرني. "ليس لي أحد": إنّها العزلة، آفة العصر التي غالبًا ما تولّد اليأس القاتل: ليس من يواسيني أو يفرح معي أو يشعر معي أو من يراني وكأنّني غير موجود لا اعتبار لي ولا قيمة. عاش المخلّع ثمانية وثلاثين عامًا ولم يجد بين الناس من يحمله إلى البركة، من يمدّ له يد المعونة. كم يدلّ هذا الواقع على الأنانيّة البشريّة، إذ كلّ إنسان يسعى إلى مصلحته أوّلاً من غير أن يفكّر بغيره. كثيرون من الذين كانوا يرتادون تلك البركة كانوا يُشفَون غير أنّه ما فكّر واحد منهم أن يساعد بعد شفائه المخلّع لينزل إلى البركة، بل كان ينصرف مكتفيًا بأنّه نال هو الشفاء، وسواءٌ عنده مِن بعدُ أنال غيره الشفاء أم لا. لكنّ المسيح أراد أن يري المخلّع أمرًا آخر غير الذي كان معتادًا عليه، أن يريه مشهدًا جديدًا غير مألوف. أراد يسوع أن يري المخلّع أنّ له أحدًا يفكّر به ومستعدّ أن يساعده، بل أن يبذل نفسه عنه، وهو يسوع نفسه. "أتريد أن تبرأ؟"... "قم احمل فراشك وامشِ"... ولا تقل إنّه ليس لك أحد لأنّك بذلك تؤلمني، فأنا هنا من أجلك لكي أشفيك وأخلّصك وأكون معك. "قم احمل فراشك وامشِ" فأنا لا أُطيق أن أراك مقعدًا فلقد أتيتُ لتكون لك الحياة وتكون بوفرة. في صلاة هذا اليوم قطعة جميلة جدًّا يخاطب المسيح فيها المخلّع قائلاً: "أنا صرت من أجلك إنسانًا وتقول ليس لي إنسان يرميني في البركة". أجل إنّ يسوع قد صار من أجلنا إنسانًا لكي يكون معنا فلا نشعرَ بأنّنا متروكون مهملون وحيدون، يداوي ويشفي جروحنا ويمنحنا الحياة الأبديّة".
وأضاف: "لذلك لا يسعنا نحن، في أيّ ظرف أليم صعب كنّا، أن نقول ليس لي أحد. هذا القول مناقض للإنجيل وللإيمان المسيحيّ اللذين نتعلّم منهما أنّ السيّد المسيح قد أتى لكي يخلّصنا وأنّه معنا إلى الأبد. أجل يسوع معنا وفيما بيننا غير أنّنا لا نراه نحن في كثير من الأحيان كما حصل للمخلّع في بيت حسدا لأنّنا مخلّعون ومرضى بأشياء كثيرة. كان يسوع موجودًا وحاضرًا في البركة بين الجمع الغفير لكنّ المخلّع لم يره ولم يعرفه، ولو كان رآه وعرفه وشعر بقربه لما كان قال له "ليس لي أحد". ألم يقل لنا يسوع في سفر الرؤية إنّه واقف على الباب يقرع؟ إنّما نحن الذين لا نفتح الباب بل نبقى في الداخل مغلِقين النوافذ والأبواب، ولو كنّا نفتح لكنّا رأينا يسوع وحصلنا على الخلاص وسمعناه يقول لكلّ واحد منّا: "قم احمل فراشك وامضِ"، ولكنّا رأينا كم إيماننا جميل، كم فيه فرح وسلام. إنّ جمعيّة الراهبات الباسيليّات المخلّصيّات للبشارة التي نحن قائمون في دارها العامرة، بما قدّمت للناس خلال تاريخها المنير من خدمات ثمينة في مختلف الميادين، بتجرّد وصمت وفرح وصبر وحنان ومحبّة، قد علّمتِ الناس وعلّمتنا ألّا نقول "ليس لي أحد". قربها من الناس جعلهم يرون ويلمسون في بناتها المخلّصَ الذي يحملن اسمه ويسمعن صوته يصرخ: "قم احمل فراشك وامضِ". وعندما قرّرن أن يخرجن من الحصن ويذهبن للبشارة إنّما أردن أن يكنّ بقرب الناس وبينهم لكي يجد هؤلاء من يمدّ لهم يد المساعدة ويعلّمَهم أنّ في العالم أناسًا كرّسوا أنفسهم ليكونوا كلًّا للكلّ فلا يبقى إنسان يقول "ليس لي أحد". نحن هنا لنقول لكلّ واحد يُلقيه الربّ على دربنا أو نلقاه أو نذهب إليه إنّ لك أحدًا هو السيّد المسيح وهو أيضًا نحن الذين كرّسنا ذواتنا له. وما نقوله لغيرنا، أيّها الأحبّاء، فليقله كلّ واحد منّا لنفسه: "إنّ لي أحدًا"، إنّ لي يسوع وإنّ لي الأخوات الراهبات الباسيليّات المخلّصيّات، فممّن أخاف؟ "
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار