أشار رئيس مجلس النواب نبيه بري، في حديث صحافي، حول القادم بعد حرب غزة، الى أن "الأمر يتوقف على عدة محددات لتقدير الموقف، فلكل طرف أهداف استراتيجية من هذه الحرب سواء المقاومة أو اسرائيل، هل حقق الجيش الاسرائيلي هدفه من الحـرب رغم كل ما جرى من قتل واستـشهاد عشرات الآلاف؟ وهم باستـشهادهم وتمسكهم بأرضهم يغزلون ثوب الحرية للقضية لأن ثوب الحرية من حرير يحتاج الكثير من التضحيات"، لافتاً إلى أن "الإجابة القاطعة، لم يحقق الجيش الاسرائيلي هدفه ولن يحققه، فإذا كان هدفه المعلن هو القضاء على حـمـاس دعني أقول لك وهذه معلومات أن المقاومة الفلسطينية لم تفقد إلا 10 % من قدراتها منذ اندلاع القتال ولديها قدرة على الصمود، أما اسرائيل فخسائرها متعددة وكبرى سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا واستراتيجياً أيضًا".
ورداً على سؤال عن طريقة تحقيق ذلك، أوضح بري: "الآن الشارع العربي يلتف حول القضية الفلسطينية رغم محاولات قتل القضية في الضمير العربي، وهنا أحكي عن الشعوب العربية لأن الموقف الرسمي العربي اتسم بالحياد، وهو مصطلح أراه مناسبًا دبلوماسيًا، وحقيقة يجب أن نسجل لمصر وقيادتها السياسية وشعبها موقفهم الواضح منذ اللحظة الأولى بالوقوف ضد العدوان على غزة ورفض تهجير أهل غزة إلى سيناء أو تهجيرهم إلى الأردن أو تهجيرهم داخليا والتصدي لمخطط تصفية القضية الفلسطينية، وتلعب مصر الآن دورًا رئيسيًا مع جميع الأطراف"، مشيراً إلى أن "البعد الآخر أن اقتصاد إسرائيل ينزف، رغم كل ما يصل إليها من مساعدات لا تستطيع أن تستمر على هذا النحو لبضعة أشهر، وهذا هو مأزق نتانياهو بخلاف ما تفرضه عليه خلافاته الداخلية في الائتلاف الحكومي الهش، فضلا عن ملاحقته قضائيا، ومن هنا يسعى لمد أجل الحرب، وأيضا قد يسعى لتوسيع رقعة الحرب وتوريط أطراف أخرى وهنا لا أتحدث عن لبنان فقط".
ورأى بري أنه "حتى هذه اللحظة تتعامل المقـاومة فث لبنان وما تقوم به من عمليات وفق المنهج والسياق المناسبين، لبنان لديه ذاكرته وخبرته من الحروب مع إسرائيل على مدار عقود، وهذه الذاكرة حضرت عند صياغة القرار الأممي رقم (1701) عام 2006، جلس هنا معي الدبلوماسي الأميركي ديفيد وولش، وتمسكت بصياغات محددة تحفظ حق لبنان في مواجهة اسرائيل وقلت له سأذكرك فيما كنت تختلف معي فيه، ومرت سنوات وخرج من الخدمة واتصلت به لأذكره". وعن موقف الولايات المتحدة في هذه الحرب، أشار إلى أنّ "أميركا حضرت في هذه الحرب كطرف وتجاوز الأمر مجرد الدعم السياسي والاقتصادي للجيش الإسرائيلي بل كان الدعم عسكريًا وعملياتيًا، وهذا الأمر ليس سرًا وتناوله الإعلام الأميركي وتناولته دوائر السياسة الأميركية ولكن في هذا العام أميركا تدخل بكل اهتمامها وثقلها في مجريات وتفاعلات الانتخابات الرئاسية الأميركية التي تجري في تشرين الثاني 2024 ولكن تبدأ سياسيا من الآن، لذا علينا أن ننتظر ونرى ما تقوده التفاعلات".
وأشار إلى أن "حكومة نتانياهو قد تواجه هي الأخرى مأزق الانتخابات المبكرة هذا العام, العالم كله يتغير، أدبيات الصراع العالمي تنضج، مخاض النظام العالمي لا يزال مستمرا في أكثر من رقعة"، معتبراً أن "الصبر هنا ســلاح استراتيجى وما وجدت سـلاحا أفضل من الصبر، علينا أن ننتبه لما يجري تجاه سواحل اليمن وباب المندب، الصراع العالمي متداخل ومتشابك تحضر فيه استراتيجية ومحورية الممرات البحرية، يحضر فيه صراع الطاقة، تحضر فيه الأطماع في مياه العرب". وعن لبنان، لفت بري إلى أنّ "لبنان حاليا لديه تحديات حاضرة وتحديات مؤجلة, التحديات الحاضرة أولها إنهاء حالة الفراغ الرئاسي، ومن هنا كانت دعوتنا للحوار والاتجاه نحو انتخاب رئيس جديد للجمهورية، أما التحديات المؤجلة فهي تلك التي نبدأ في مواجهتها بعد انتخاب رئيس الجمهورية وفي مقدمتها الأزمة الاقتصادية".
وأضاف: "نحن ندرك أن العالم تغير وأن أصدقاء وحلفاء لبنان الداعمين أيضا قد تغيروا، وفي هذا تتشابه مصر مع لبنان فمثلما تركت مصر بمفردها لمواجهة تحدياتها ترك لبنان بمفرده، وهذا هو حال السياسة، وهذا هو العالم الذي نحيا فيه الآن، ومن حق كل طرف أو صديق أو حليف أن يعمل وفق مصالحه". وأشار إلى أنه "في الفترة الحالية هناك تعاون كبير مع حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي ونسعى لتقريب كل وجهات النظر والالتفاف حول مصلحة لبنان وأن يكون لبنان أولا، من هنا أيضا كان اهتمامنا وحرصنا البالغ على ألا يترك أهل الجنوب اللبناني ديارهم منعا لحدوث هجرة داخلية فى لبنان".