مباشر

عاجل

راديو اينوما

ositcom-web-development-in-lebanon

هل أثار هوكشتاين "الترسيم" البرّي والغجر والمزارع وكفرشوبا؟

25-11-2023

محليات

|

النهار

سركيس نعوم

قام الموفد الشخصي لرئيس الولايات المتحدة آموس هوكشتاين بزيارتين للمنطقة الملتهبة بالحرب في الشرق الأوسط. كانت الأولى للبنان الذي انخرط الفريق الأقوى فيه وعلى كل الصعد “حزب الله” وحلفاؤه الفلسطينيون في الحرب التي شنّتها إسرائيل على قطاع غزة بعد نجاح عملية “حماس”، “طوفان الأقىص”، في السابع من أكتوبر الماضي في إرباكها وإذلالها وإشعارها بأنها ليست محصّنة فعلياً ضد المفاجآت العسكرية غير السارة من تنظيمات عسكرية كما من الدول التي تدعمها بالمال والسلاح مثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

 

أما الزيارة الثانية فكانت لإسرائيل ودامت بضع ساعات فقط التقى خلالها عدداً من المسؤولين ثم عاد بعدها الى دوحة قطر علماً بأنه منها توجّه الى إسرائيل. طبعاً لم يتكلم هوكشتاين علانية عن الهدف من زيارتيه وعن نتائج محادثاته مع المسؤولين الإسرائيليين وقبلهم مع المسؤولين اللبنانيين. لكن التحليل والمنطق يدفعان الى الاعتقاد بأن محادثاته في البلدين لا بد من أن تكون تطرّقت الى “الهدنة” القصيرة التي كانت تعمل عليها قطر بين إسرائيل و”حماس”، والى تبادل دفعة أولى من الأسرى بين إسرائيل و”حماس”. ولا بد من أن تكون تطرّقت أيضاً الى اشتراك “حزب الله” وحلفائه الفلسطينيين في لبنان وربما غيرهم في الحرب تخفيفاً عن “حماس” في غزة كما عن شعبها الذي ضربت إسرائيل رقماً قياسياً عالمياً ربما في عدد القتلى والجرحى الذين سقطوا بقصف جيشها البرّي والبحري والجوي وهو بالآلاف خلال فترة وجيزة، ورقماً قياسياً أيضاً في حجم الدمار الذي ألحقته بالقطاع رغم مساحته التي لا تتعدى 300 كيلومتر مربع في أحسن الأحوال.

ولا يستبعد التحليل والمنطق بل أصحابهما أن تكون محادثات هوكشتاين في لبنان وإسرائيل ولاحقاً في الثانية وحدها الى دور “الحزب” اللبناني و”حماس” و”الجهاد” الفلسطينيين ومن لبنان في حرب إسرائيل – غزة وذلك من أجل تخفيف العبء العسكري الثقيل جداً عنهما. ولم يستبعد أخيراً التحليل والمنطق نفساهما أن يكون هوكشتاين تطرّق مع المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم الى موضوع إعادة تثبيت الحدود اللبنانية – الإسرائيلية البرية الذي كان يعمل عليه قبل “طوفان الأقصى” وبعد نجاحه في ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.

 

هل التحليل والمنطق المُستَنَد إليهما أعلاه كانا صائبين؟ يجيب متابعون لبنانيون من قرب “حزب الله” وحركته داخلاً وخارجاً أن هوكشتاين في زيارته اليتيمة للبنان حتى الآن على الأقل بعد بدء الحرب على غزة ركّز على ضرورة عدم دخول لبنان طرفاً في حرب إسرائيل على غزة شعباً و”كتائب القسام” وإن كان هدف ذلك إشغال آلتها العسكرية وعدم الإفساح أمامها في مجال الانتصار على المقاومين في غزة ومن خلالهم على فلسطين والدول العربية كلها، كما يقول قادة “حزب الله” في مجالسهم الخاصة على الأقل كما في محادثاتهم الرسمية مع أطراف عديدين.

علماً بأن “السرية” عادةً تطبّق على كل ما يُقال في اجتماعات كهذه. كان موقف هوكشتاين في هذا النقاش هو أن مجريات الميدان أي الحرب وتطوراتها سواء في غزة أو على حدود لبنان مع إسرائيل قد لا تبقى مطابقة للتخطيطات الموضوعة سواء من “الحزب” أو من إسرائيل. فالأخيرة ربما تريد في العمق استدراج “حزب الله” الى حرب فعلية مستفيدةً من اقتناعها بأنها ستربح حرب غزة رغم كلفتها الباهظة جداً عليها، وبأن الوجود العسكري الأميركي في المتوسط يشكّل دعماً معنوياً مهماً قد يتحوّل دعماً عسكرياً فعالاً إذا قرّر الحليف الأوحد لـ”حزب الله” من الدول الكبرى إقليمياً أي إيران الإسلامية التدخل في الحرب بقوة وضد إسرائيل طبعاً.

هل تطرّق هوكشتاين في زيارته اليتيمة لبيروت منذ “طوفان الأقصى” حتى الآن على الأقل الى موضوع آخر يهم لبنان وإسرائيل في آن واحد غير حرب إسرائيل على غزة، وحرب “المساندة” لـ”حماس” التي يخوضها “حزب الله” على حدود لبنان والتي يمكن أن تتحوّل حرباً شاملة بكل ما لهذه الكلمة من معنى؟ تفيد معلومات مصدر سياسي واسع الاطلاع ودقيق وعلى اتصال مهم ووثيق وبعيد من الإعلام بأطراف مهمة وفاعلة داخل لبنان وربما خارجه أن هوكشتاين ركّز بعد تناوله مع الذين التقاهم من المسؤولين اللبنانيين حرب إسرائيل على غزة وحرب “حزب الله” على إسرائيل على الحدود، ركّز على الحدود البرّية بينها وبين لبنان. انطلق في كلامه من معرفته أن الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل الذي أنجزه قبل أشهر عدة سينتهي بالفشل إذا استمرت حرب تخفيف الضغط على “حماس” في غزة التي يشنّها “حزب الله” وحلفاؤه من المناطق الحدودية في الجنوب اللبناني. ذلك أن إسرائيل ربما تكون صارت على أهبة اتخاذ قرار بالحرب على لبنان بعد توسّع حرب التخفيف والمساندة لـ”حماس” التي يخوضها “الحزب” وحلفاؤه. يعني ذلك عودة المعادلة التي انتشرت سابقاً الى الحياة وهي:

“ما في قانا يعني ما في كاريش”. وتفيد معلومات المصدر نفسه أيضاً أن هوكشتاين حكى مع من التقى من مسؤولين لبنانيين في بيروت بالحدود البرية وأنهم أجابوه بأنهم مستعدون لفتح البحث في هذا الموضوع. ثم طُرحت للبحث نقاط عدة مثل إيجاد حل للـ13 نقطة الخلافية على الخط الأزرق الذي رُسّم بعد حرب 2006. وأبدى هوكشتاين تجاوباً مبدئياً واستعداداً للعمل على هذا الموضوع. ثم تناول البحث النصف اللبناني من قرية الغجر وأبدى هوكشتاين الاستعداد للعمل لإعادته الى لبنان موحياً بأن ذلك ممكن. كذلك تطرّق البحث الى كفرشوبا ومزارع شبعا. بدا في هذا المجال، استناداً الى المصدر السياسي نفسه، أن الموفد الشخصي للرئيس بايدن لم يكن يُعطي وعوداً ثابتة ويؤكد حرص بلاده على الوفاء بها، بل كان يستوضح ويستعلم بهدف التأكد من أن “حزب الله” لن يعارض ذلك في حال طرحه لاحقاً أو قد يمشي به.

ماذا عنى ذلك في حينه؟ اعتبره البعض من المطلعين في لبنان محاولة أميركية جدّية لاستبعاد حرب مباشرة وشاملة بين إسرائيل ولبنان أي بينها وبين “حزب الله” صاحب قرار الحرب والسلم في البلاد بل صاحب القدرة على شنّ الحرب أو على الانخراط فيها بكل قوته إذا شُنّت عليه. ربما يكون بذلك المعنى الاستنتاجي صحيحاً. لكن السؤال الذي تطرحه الآن وقائع “الميدان” بين غزة وإسرائيل و”حزب الله” وحلفائه الفلسطينيين وإسرائيل هو: هل ستقع الحرب الشاملة بين لبنان وإسرائيل؟ والجواب السلبي عن هذا السؤال ضعُفَت نسبته مع الأسف.

 
ositcom-web-development-in-lebanon

مباشر

عاجل

راديو اينوما