في الوقت الذي تستمر فيه الجبهة الجنوبية محور متابعة محلية ودولية، يبقى الوضع الداخلي على حاله من التأزّم نتيجة استمرار خلافات الأطراف السياسية، لا سيما مع تقدّم «شبح الفراغ» في قيادة الجيش على ما عداه من الملفات السياسية، وفي الوقت الذي لا يزال فيه رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل يتمسّك بموقفه الرافض للتمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، كانت لافتة الزيارة الذي قام بها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط بداية الأسبوع الى البترون، حيث عقد اجتماعا مطوّلا مع باسيل، وحول هذه الزيارة وأبعادها شرحت مصادر الأخير لـ«اللواء» طبيعتها، فاكدت ان الزيارة غير منفصلة عن سياق التواصل القائم بين التيار من جهة والحزب التقدمي الاشتراكي من جهة ثانية، إضافة الى وجود لجنة تواصل نيابية قائمة بينهما، واعتبرت بان زيارة جنبلاط الى باسيل أتت في إطار الجولة التشاورية التي أجراها الأخير على القيادات السياسية، وهي شملت رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط،

 

ولفتت المصادر الى ان عدم حضور تيمور جنبلاط في لقاء كليمنصو استدعى أن يتم التواصل والاتفاق معه على زيارة البترون التي كانت ناجحة وودّية وإيجابية شكلا ومضمونا، مشيرة الى ان اللقاء استمر لوقت طويل وتخلله غداء وجولة في المدينة، وهو تناول البحث في كافة المستجدات، وتركز الحديث في الدرجة الأولى على أبعاد العدوان الإسرائيلي على غزة وعلى جنوب لبنان، والموقف من هذا العدوان مع إمكانية توحيد المقاربة.

وكشفت المصادر على التوافق بين الطرفين بالنسبة الى توصيف الحرب ومخاطرها وكل ما يتصل بالحرب على غزة، كما تطرق البحث الى سبل المواجهة والاستعداد في لبنان لهذه الحرب، من خلال تحصينه في السياسية والاقتصاد والمجتمع وعلى المستويات كافة.

وأشارت المصادر أيضا الى انه كان هناك اتفاق تام بين الرجلين على ضرورة استعجال انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة تقوم بعملها، وهذا التوافق انسحب أيضا على المقاربة في ملف النازحين ومخاطره.

وعن ملف قيادة الجيش أشارت مصادر باسيل الى انه تم التطرق بشكل عرضي لهذا الموضوع من جانب جنبلاط، حيث كرّر رئيس التيار موقفه من هذا الموضوع، وأكد من انه نتفق حيث أمكن، اما في المواضيع التي نختلف عليها فذلك لا يعطّل العلاقة فيما بيننا.

وقالت المصادر: «نحن نعلم حرص الحزب التقدمي على موضوع قيادة الجيش، وخوفه من الفراغ ونحن على يقين من عدم وجود أي منطلق سياسي أو حسابات أو انتخابات لديهم، بخلاف حزب «القوات اللبنانية»، لذلك فأن رئيس التيار طمأن جنبلاط على اننا نحرص على عدم وقوع أي فراغ في القيادة، لان وضعية الجيش اللبناني تؤكد ذلك».

ولفتت المصادر أيضا الى ان الحديث تناول إمكانية التعاون وتطوير العلاقة بين الحزب والتيار على كافة المستويات لا سيما الوطنية وفيما يخص الجبل، كما أصبح هناك اتفاق واضح على تعزيز هذه العلاقة، ووضع أطر تنظيمية لها تشجع على تطويرها في الاتجاه الصحيح إنمائيا وبلديا وكل ما يتصل بذلك.

وحول تمسّك التيار بموقفه المعارض للتمديد لقائد الجيش وذلك بخلاف مواقف معظم الأطراف السياسية قالت المصادر: «إذا كانت هذه الأطراف تقارب الملف بطريقة نعتبرها مخالفة للقوانين فهل يمكن ان نجاريهم ونسير مثلهم»، مشيرة الى انه إذا كان لدى القوى السياسية إمكانية للتمديد لقائد الجيش بطريقة قانونية دون أن يتم الطعن بذلك، فنحن لا مانع لدينا، ولكن موقفنا من هذا الملف بات واضحا، وهو موقف مبدئي لا علاقة له بقائد الجيش، بل نحن ومنذ انخراطنا بالحياة السياسية حتى يومنا هذا، ضد مبدأ التمديد على كافة المستويات، وهو ما عبّرنا عنه سابقا عندما رفضنا التمديد لقائد الجيش السابق جان قهوجي، كذلك الأمر بالنسبة للمدير العام السابق للأمن العام عباس إبراهيم ولكافة قادة الأجهزة الأمنية».

وردّا على سؤال حول ان دقة الظروف الاستثنائية الحالية تختلف هذه المرة عن كل الظروف السابقة تقول المصادر: «ليس هناك شيء اسمه ظروف مختلفة، والقوانين ليست وجهة نظر تتغيّر حسب الظروف، وفي النهاية نحن لا نشكّل أكثرية في المجلس النيابي أو في الحكومة، وبالتالي يمكنهم القيام بما يريدون فعله، ولكن في النهاية موقفنا ثابت، ولا يستطيع أي طرف أن يؤثر على قرارنا بالنسبة لهذا الموضوع أو الضغط علينا للقيام بأي خطوة تخالف قناعاتنا».

وختمت المصادر قائلة: «موقفنا مبدئي وأساسي من ملف التمديد لقائد الجيش، ونحن نرفض بشكل حتمي مخالفة الدستور والقوانين، ونؤكد ان الحلول كثيرة ومتوفرة دون حدوث

أي فراغ في هذه المؤسسة».

لينا الحصري زيلع