03-11-2023
عالميات
|
النهار
يواجه الرئيس الأميركي جو بايدن عقبات في الداخلأكثر مما يواجهه في حشد الحلفاء في الخارج. وأسطع دليل على ذلك، هو تعثر المساعدة الطارئة التي طلبها لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان ومشاريع محلية بنحو 106 مليارات دولار.
قيمة المساعدة لإسرائيل هي 14 مليار دولار، وقيمة المساعدة لأوكرانيا تبلغ 61 مليار دولار، والباقي موزع على تايوان ولتعزيز أمن الحدود الأميركية مع المكسيك. حاول بايدن أن يقيم ربطاً بين هذه المساعدات، أي أن يجعلها صفقة واحدة، بحيث لا يستطيع الجمهوريون المتردّدون في بذل المزيد من المساعدات لأوكرانيا، أن يؤخّروا الصفقة بسبب ارتباطها بالحرب التي تخوضها إسرائيل في غزة.
لكن الأمور لم تسر كما يشتهي بايدن، ذلك أنّ رئيس مجلس النواب الأميركي الجديد الجمهوري مايك جونسون، قرّر أن يعمد المجلس إلى مناقشة مساعدة إسرائيل على حدة وبشكل منفصل عن أوكرانيا.
وكان بايدن تعرّض لخيبة في الكونغرس في أيلول (سبتمبر) الماضي، عندما رفض النواب الجمهوريون وهم الغالبية في المجلس، إقرار طلب بايدن مساعدة بـ24 مليار دولار لأوكرانيا، على رغم أنّ الجمهوريين أقرّوا صفقة تمويل موقتة للحكومة الفيدرالية لمدة 45 يوماً تنتهي في 15 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري. ودفع رئيس مجلس النواب السابق الجمهوري كيفن مكارثي منصبه ثمناً لهذه الموافقة، لأنّ نواب الحزب الموالين للرئيس السابق دونالد ترامب كانوا ضدّ إقرار اتفاق التمويل، حتى ولو أدّى ذلك إلى توقف رواتب قطاعات حكومية واسعة ومن بينها القوات المسلحة.
أراد ترامب إحداث أقصى إرباك لإدارة بايدن على أبواب الحملات الانتخابية الرئاسية، في وقت يتهم الرئيس السابق البيت الأبيض بالوقوف وراء الملاحقات القضائية التي تطارده فيدرالياً وعلى صعيد الولايات، بما يعيق حملاته الانتخابية، على رغم أنّه لا يزال يتمتع بفارق كبير عن بقية منافسيه الجمهوريين.
لا يريد ترامب منح كييف "شيكاً على بياض"، بينما بايدن يعتبر أنّ التوقف عن مساعدة أوكرانيا قد يتسبب بضرر بالغ للمصالح القومية الأميركية، ويمكّن روسيا من الانتصار ليس في أوكرانيا فحسب وإنما في أوروبا أيضاً.
ترامب ومعه ما بات يُعرف بالجمهوريين المتمردين في مجلس النواب، لا يريدون بعد الآن دعم المساعدات المقدّمة لأوكرانيا من دون تحديد البيت الأبيض لاستراتيجية واضحة المعالم في هذا البلد، وعدم الانزلاق إلى حرب مباشرة مع روسيا.
ثم أنّ الجمهوريين يسألون بايدن، لماذا لا تقوم الدول الأوروبية الثرية، وخصوصاً ألمانيا وفرنسا، في تقديم مساعدة أكبر لأوكرانيا، طالما أنّ هذه حرب تدور على أراضٍ أوروبية.
في المقابل، يحذر بايدن من تصاعد هذا التيار الانعزالي في الولايات المتحدة، ويعتبر أنّ المساعدات الأميركية لأوكرانيا هي أكبر استثمار في الأمن القومي الأميركي، وكذلك الحال بالنسبة إلى تايوان في مواجهة ما يراه من تهديدات صينية متصاعدة للجزيرة التي يصنّفها الرئيس الأميركي بأنّها نظام ديموقراطي كما هو الحال بالنسبة إلى أوكرانيا، في وقت يقسّم الرئيس العالم إلى جبهتين متصارعتين بين "الأنظمة الديموقراطية" و"الأنظمة الاستبدادية".
هذا التصنيف لا يكترث له ترامب كثيراً، ولذلك لن يكون سهلاً المضي في السخاء الأميركي لأوكرانيا، على رغم أنّ زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونيل الذي هو على خلاف مع ترامب، متفائل بأنّ رئيس مجلس النواب الأميركي الجديد أكثر تعاطفاً مع مسألة إقرار المساعدة التي طلبها البيت الأبيض لكييف.
لكن الواقع يخالف ذلك، مع بدء جونسون بمناقشة المساعدة المخصّصة لإسرائيل بشكل منفصل عن أوكرانيا. ويبدو أنّ جونسون الذي انتُخب للمنصب بعد شغور في رئاسة مجلس النواب امتد أسابيع بسبب خلافات بين الجمهوريين، لا يريد تكرار خطأ ما كارثي بالوقوف ضدّ رغبة ترامب.
سميح صعب
أخبار ذات صلة