حدثان شغلا اللبنانيين أمس، توزعت الإهتمامات بهما بين الفرح والفخر والإعتزاز، وبين الألم والحزن وصدمة الفراق.
إنتخاب الكاتب والمفكر اللبناني أمين رشدي معلوف رئيساً للأكاديمية الفرنسية، أثار موجة من الفرح في زمن القحط والأزمات، وأعاد لبنان إلى خريطة الإبداع الثقافي والحضاري، بعدما أبعدته الصراعات السياسية والمشاكل الإجتماعية، عن مواقع التميّز
التي طالما تفوّق بها طوال عقود من الزمن، وكان جبران خليل جبران في مقدمة نجومها التي لمعت في سماء المعرفة الإنسانية، وفي فضاء الثقافات العالمية.
تنقل أمين معلوف بين الرواية والمسرح الشعري والتاريخ والسياسة، وأبدع في رواياته التي تُرجم العديد منها إلى أكثر من أربعين لغة.
من «ليون الإفريقي» و»سمرقند» و»صخرة طانيوس» في الرواية، إلى «الحروب الصليبية كما يراها العرب» و»الهويات القاتلة» في التاريخ، إلى «غرق الحضارات» و«إختلال العالم» في السياسة، تبوأ الكاتب اللبناني، الذي غادر لبنان في السنة الثانية للحرب اللبنانية ١٩٧٦، مكانة ثقافية عالية في فرنسا، و إنتشرت مؤلفاته في أكثر من خمسين بلداً في العالم، ولكنه حافظ على صلته بالوطن، من خلال الروايات والمؤلفات التي عالج فيها تداعيات الحرب اللبنانية، ومضاعفتها المدمرة على الشباب اللبناني، وأبرزها رواية «التائهون».
وصول أمين معلوف إلى رئاسة «الأكاديمية الفرنسية»، هو تكريم للفكر الإنساني المتمرد على قيود العنصرية والطائفية والشوفينية، والمتمسك برحاب الحرية في التفكير والتعبير ضد سلطة جائرة أو نظام ظالم. وهو في الوقت نفسه موضع فخر وإعتزاز كل لبناني ينهش القلق والإحباط بطموحاته، بسبب منظومة سياسية عاجزة وفاسدة أفلست البلد، وأفقرت أهله!
أما الحدث الذي أثار موجة من الحزن والألم فكان وفاة المطربة الكبيرة نجاح سلام، التي كانت إحدى نجوم الزمن الجميل، وفنانة النهضة الموسيقية في الخمسينات والسيتينات، وصاحبة الصوت الشجيّ الذي رافق أعراس المد القومي في المرحلة الناصرية.
ومع أفول شمس الفن الأصيل، وبروز طقطوقات آخر الزمان، ومع إنحسار موجات الإبداع الفني، وغياب القامات الكبيرة التي حررت الموسيقى العربية من قيودها التقليدية، آثرت الفنانة القديرة أن تترك الساحة بكرامتها وبتراثها الغني، والذي مازال متداولاً جيلاً بعد جيل.
نجاح سلام كانت صوت لبنان في مسيرة الطرب العربي، كما كانت تحمل اللحن العربي إلى أرز لبنان.