مباشر

عاجل

راديو اينوما

"التربية" تتعمد التهويل بأعداد الطلاب السوريين وتهمل تناقص اللبنانيين!

28-09-2023

محليات

|

المدن

وليد حسين

وليد حسين

المسؤولون في وزارة التربية يدفنون رأسهم في رمال النزوح السوري، هرباً من البحث عن حلول للأزمة العميقة التي تضرب القطاع التربوي والكيان اللبناني. وزارة التربية والحكومة ليستا فقط غير قادرتين على تعليم الطلاب في المدارس الرسمية، بل غير قادرتين على دفع رواتب وأجور المعلمين في القطاع الرسمي، وتحاولان ابتزاز الدول المانحة لرفع نسب تمويل تعليم الطلاب، لتأمين بعض الدولارات وإرضاء المعلمين. فتارة يوعز البعض بتصعيد الخطاب ضد الدولة المانحة للحصول على تنازلات بملف تمويل الطلاب السوريين، وطوراً يشيعون أرقاماً عن أعداد الطلاب اللبنانيين والسوريين للتهويل، وإلهاء الرأي العام.

تخويف اللبنانيين
لم ينجح مخطط ممارسة الضغوط من خلال التهويل بعدم تسجيل الطلاب السوريين بالمدارس الرسمية، في حال لم تدفع الدول المانحة للطلاب اللبنانيين مثل الطلاب السوريين. ورضخ الجميع لمبدأ الحاجة لتسجيل الطلاب السوريين، الذي من دونه لا تستطيع المدارس الرسمية تعليم الطلاب اللبنانيين.
أما مؤخراً فقد أشيعت أرقام عن تعاظم أعداد الطلاب السوريين إلى 700 ألف طالب، للتهويل أمام الرأي العام.
ليس خافياً على أحد أن أزمة النزوح السوري عميقة، وتلقي بتبعات كبيرة على لبنان والشعب اللبناني. لكن بما يتعلق بقطاع التربية الرسمي شكل النزوح السوري خشبة خلاص لطلاب المدارس الرسمية، خصوصاً أن الدول المانحة دفعت لصناديق المدارس في مرحلة التعليم الأساسي 160 دولاراً عن كل طالب سوري، مقابل 18.75 دولاراً عن كل طالب لبناني. ورغم ذلك، أشاع البعض أرقاماً تهويلية عن أعداد الطلاب السوريين لتخويف الشعب اللبناني والتصويب على أن الأزمة التي يعيشها الطلاب والأساتذة في القطاع الرسمي سببها النزوح السوري.

تناقض الأرقام
المبالغة بأرقام الطلاب السوريين وصل إلى التهويل بأن عددهم يفوق 700 ألف طالب في العام الدراسي المقبل. لكن في مراجعة قاعدة البيانات والأرقام الرسمية، يتبين أن الأرقام غير دقيقة.
حسب المركز التربوي للبحوث والإنماء، كان عدد الطلاب السوريين بالتعليم الرسمي (قبل الظهر) في العام 2018 نحو 43 ألف طالب، وفي التعليم الخاص غير المجاني 39 ألف طالب، وفي الخاص المجاني نحو 10 آلاف طالب. في العام 2023، وفي النشرة التي ستصدر قريباً، وقد أطلعت "المدن" على بعض الأرقام فيها، وصل عدد الطلاب غير اللبنانيين في المدارس الخاصة والرسمية إلى نحو 172 ألف طالب، بما فيهم الفلسطينيون في مدارس الأونروا. يضاف إليهم نحو 155 ألف طالب سوري في المدارس الرسمية في فترة بعد الظهر.

وبمقارنة أرقام العام الدراسي الفائت مع تلك الصادرة في العام 2018-2019. يصل عدد الطلاب السوريين في التعليم الرسمي (قبل الظهر) إلى 31 ألف طالب، بتراجع بنحو 12 ألف طالب عن العام 2019. في المقابل، ارتفع العدد في المدارس المجانية إلى 14 ألف طالب، فيما ارتفع العدد بأكثر من تسعين بالمئة بالتعليم الخاص غير المجاني، ووصل إلى نحو 70 ألف طالب.

أرقام المركز التربوي حول أعداد الطلاب في التعليم الخاص تتناقض مع أرقام وزارة التربية التي عرضت في الجلسة النيابية مؤخراً. وتبين أن أرقام وزارة التربية مبالغ بها. فقد وصل عدد الطلاب حسب الوزارة إلى نحو 804 آلاف طالب من ضمنهم نحو 97 ألف طالب سوري. والتناقض لا يشمل الطلاب السوريين فحسب بل اللبنانيون أيضاً. وحسب المركز التربوي، يصل عدد الطلاب في التعليم الخاص إلى نحو 748 ألف طالب، بينهم نحو 85 ألف طالب سوري.

تناقص عدد اللبنانيين
الملفت بأرقام المركز التربوي هو تناقص عدد الطلاب اللبنانيين الملتحقين بالمدارس. ففي مقارنة لأرقام اللبنانيين، يتبين أن عدد الملتحقين بالمدارس تراجع بنحو 14 ألف طالب في العام 2023 عن العام 2019: كان عدد الطلاب اللبنانيين نحو 912 ألف طالب (رسمي وخاص) وبات نحو 898 ألف طالب.
الجهة الأكثر رصانة وموثوقية في لبنان بما يتعلق بالأرقام هي دائرة الإحصاء المركزي. وحسب مسح القوى العاملة والأحوال المعيشية في العام 2018 كان عدد غير اللبنانيين بين سن 3 و24 عاماً نحو 425 ألف نسمة، والملتحقون منهم بالتعليم نحو 205 آلاف نسمة. وحسب المسح للقوى العاملة في العام 2022، كمتابعة لإحصاء العام 2018، يتبين أن نسبة الملتحقين بالتعليم بين غير اللبنانيين هي 52 بالمئة، أي شبيهة بالنسبة التي كانت في العام 2018، مع زيادات طفيفة.
أما بما يتعلق بأعداد الطلاب السوريين، فيستحيل أن يرتفع عددهم منذ ذلك الوقت إلى اليوم إلى 700 ألف طالب. فمن ناحية الولادات الجديدة، منذ ذلك العام وحتى اليوم، ما زالت في سن الروضات، ولم تدخل إلى المدارس بعد. ومن ناحية ثانية لا توجد إحصاءات رسمية حولها.

لا نزوح إلى القطاع الخاص
تناقض الأرقام التي تستخدم للتلاعب السياسي والتهويل تشمل قطاع التربية بشقيه الخاص والرسمي. ففي مطلع العام الدراسي الفائت تطرق مسؤولون في الوزارة إلى موجة نزوح كبيرة من التعليم الرسمي إلى الخاص بسبب الاضطرابات التي تعاني منها المدارس الرسمية، جراء إضراب الأساتذة. لكن الملفت بالمسح الذي أجراه الإحصاء المركزي هو نسب التحاق الطلاب بالمدارس الخاصة غير المجانية. وبعكس ما تشيعه وزارة التربية من أن طلاب المدارس الرسمية نزحوا إلى التعليم الخاص، تظهر الدراسة أن نسبة الملتحقين بالمدارس الخاصة غير المجانية تراجع من 47.8 بالمئة في العام 2019 إلى 36.9 بالمئة في العام 2022. أما بما يتعلق بالتعليم الرسمي فقد ارتفعت النسبة من 46.5 بالمئة في العام 2019 إلى 52.8 بالمئة في العام 2022. وفي المدارس الخاصة المجانية ارتفعت النسبة من 5.6 في العام 2019 إلى 10.3 بالمئة في العام 2022.
بما يتعلق بالطلاب السوريين، الأرقام التي تشاع هي للاستخدام السياسي وليست اعتباطية أو ناجمة عن قلة دراية أو عدم وجود موظفين يعملون على الإحصائيات في وزارة التربية. أما بما يتعلق بالطلاب اللبنانيين وتناقص عددهم، كما ورد آنفاً، فهذا الأمر لا يشغل بال المسؤولين. فمخاطر هذا التراجع أنه يتركز في المرحلة التعليمية المتوسطة وما دونها. ما يعني أن هناك تسرباً مدرسياً للأطفال ما دون سن المراهقة. وهذا الأمر لا يعالج بالتهويل بملف النزوح السوري. 

This website is powered by NewsYa, a News and Media
Publishing Solution By OSITCOM

Copyrights © 2023 All Rights Reserved.