28-09-2023
قضاء وقدر
|
المدن
اقتصاد التّهريب الذي تتشاركه أطراف سورية مع حلفائها في الداخل اللّبنانيّ كحزب الله، هو الذي يَسّرَ التّفلت الحدوديّ الحاصل تحديدًا في المنطقة الحدوديّة الممتدة من أقصى البقاع الأوسط لأقصى البقاع الشماليّ، وما يحدوها من تشعبات، وتُسيطر عليها غالبًا عناصر حزب الله والفرقة الرابعة (المقلب السّوريّ)، ويحظى هذا الوضع بشبه تزكيّة شعبيّة، واستفادت منه العشائر، التّي قامت بدورها بإنشاء العديد من المعابر وخصوصًا في جرود الهرمل والقصر اللّبنانيّة والقاع وحوش السّيد علي، والتّي أُطلق عليها أسماء مثل "معبر زعيتر" و"معبر جعفر".. وغيرها.
قبرص وأوروبا
وهذه المستجدات، تزامنت مع ما نقلته وكالة "رويترز"، عن وزير الداخليّة القبرصي كونستانتينوس يوانو أمس الأربعاء 27 أيلول الجاري، الذي قال "إن بلاده، العضو في الاتحاد الأوروبيّ، ترغب في أن تقدم بروكسل مساعدات ماليّة وفنيّة للبنان لمساعدته في التّعامل مع تدفق اللاجئين السّوريّين ومنعهم من الوصول إلى الجزيرة الواقعة في شرق البحر المتوسط"،
وأضاف: "عرضت نيقوسيا التبرع بزوارق سريعة وإجراء دوريات مشتركة مع لبنان، بعد أن أشار الوافدون الجدد عن طريق البحر إلى أن طرق التهريب تحولت بعيدا من تركيا واتجهت إلى الساحل اللبناني".
وقال يوانو للإذاعة القبرصية الرسمية: "تشير التقديرات إلى أن هناك حوالى 2.5 مليون لاجئ سوري في لبنان، لذلك يمكنك أن تتخيل حجم المشكلة التي يواجهها لبنان نفسه، الذي يتراوح عدد سكانه ما بين خمسة إلى ستة ملايين نسمة ولا يتلقى حتى مساعدات فنية أو مالية من الاتحاد الأوروبي"
وهذا التّصريح الذي جاء على متن محاول قبرص (راجع "المدن") لردع ظاهرة الهجرة غير الشرعيّة لمراكب "الموت" الحاملة للاجئين السّوريّين والمنطلقة من الشواطئ اللّبنانيّة – الشماليّة منها تحديدًا. والتّي غفلت السّلطات اللّبنانيّة عنها مدّةً من الزمن، في إطار سياساتها العقيمة لحلّ مسألة "اللجوء السّوريّ".
تهريب البشر: التّدفق السّوري
أما الجديد بموجة "التّسلل" السّوريّ (راجع "المدن")، أي تهريب المواطنين السّوريين عبر المعابر غير الشرعيّة في البقاع الشمالي وأيضًا الشمال اللّبنانيّ (التّي تحاول السّلطات اللبنانيّة ضبطها مؤخرًا)، فكان إحباط الجيش ومنذ نحو يومين لمحاولة تهريب 90 سوريًّا إلى لبنان بطريقة غير شرعيّة، وذلك في منطقة حارة السّماقة- جرود الهرمل، وتمّ إيقاف المواطن (ح. ن.) المسؤول عن عمليّة التّهريب، حسب ما ذكر بيان الجيش. وقد أفادت مصادر أمنيّة في البقاع الشماليّ لـ"المدن" أن هذه العمليّة المُعلنة، هي ليست الأولى في هذه الفترة. وقد عمد الجيش لتوقيف البعض من السّوريّين فيما أُعيد شطر آخر إلى الداخل السّوريّ وتمّ تسليمه للفرقة الرابعة. فيما أشار المصدر أن الجيش قد أوقف منذ منتصف شهر آب حتّى تاريخه ما يربو عن 2000 حالة تهريب من جرود الهرمل وجرود قرى بعلبك، على حدّ قوله.
ومن الناحية الأمنيّة، تفيد مصادر "المدن" بأن عناصر الجيش المولجة مراقبة الحدود ما زالت في حالة تأهب وجاهزية عالية. فيما يعمل الجيش اللبناني - فوج الحدود البريّ بالتعاون مع جهاز المخابرات، على مراقبة المعابر غير الشرعيّة المتبقية، بعد نجاحهم في إحباط محاولات التّسلل السّوريّة الأخيرة، لافتةً لكون الجيش قد كثف مراقبته عبر الحواجز على امتداد البقاع الشماليّ، ويتمّ توقيف أي شخص من الجنسيّة السّوريّة والاستفسار منه عن أوراقه القانونيّة، كالهويّة أو الإقامة أو حتّى إفادات السّكن أو الإفادات الصادرة عن المخاتير المحليين، وإن لم تتوفر يُجرى توقيفه وترحيله فورًا، بمعزلٍ عن التّدقيق من تاريخ دخوله إلى الأراضي اللّبنانيّة. وبالإضافة إلى ذلك، أقيمت حواجز أمنيّة على طول الطرق الدولية والمعابر والتشعبات التّرابيّة، في منطقة البقاع الشمالي لمنع تسلل المهربين اللبنانيين والسوريين على حدٍّ سواء.
التّوجه الرسميّ العام
وبالعودة إلى المواقف المحليّة، المواكبة لمستجدات الموجة الأخيرة، قدم حزب "الكتائب اللبنانية" طلبًا يتمثل في "إقامة مخيمات رسميّة للاجئين تحت إشراف مؤسسات الدولة". وأشار النائب سليم الصايغ، نائب رئيس الحزب، إلى أن "الحلّ لمسألة النزوح السوري يجب أن يبدأ أولاً بزيادة الوعي العام (مناعة القطيع) حيث يتعين على كل لبناني أن يدرك التهديد الذي يشكله هذا الوجود على البلاد. ومن الجانب الآخر، يجب أن تشدد البلديات والمخاتير في تطبيق القوانين اللبنانية، وعلى رأسها قانون العمل. نحن اليوم نضع أنفسنا تحت تصرف البلديات التي تقرر تنفيذ توصيات مجلس النواب والقوانين اللبنانية".
هذا فيما دعا رئيس لجنة الإدارة والعدل النيابية جورج عدوان (عن حزب القوات اللبنانية)، إلى إيقاف المساعدات للسّوريّين في لبنان ومساعدتهم في بلدهم، مشيرًا إلى أنه يتمّ العمل على قوانين تُشدّد من خلالها العقوبات على كل من يوظف أو يُسكن سوريًا ليس لديه إجازة عمل في لبنان. وذلك في مؤتمر صحافيّ قال فيه أن "ملف السوريين الموجودين في لبنان استحوذ بشكل كبير على مناقشات اللجنة وهو بات محطة أسبوعية نعمل عليها في جلستنا ونلاحقها".
وهذه التّصريحات الرسميّة والصادرة عن نواب حزبي الكتائب والقوات، تُماثل بروحيتها السّرديّة المغلوطة قانونيًّا التّي تبناها عددٌ من المشرعين، منهم إلياس جرادة الذي تقدم هو وميشال ضاهر وجميل السّيد وسجيع عطيّة بمقترح قانون (راجع "المدن")، اعتبر موارب تشريعيًّا. من جهته يرى الدكتور جاد طعمه أن الصياغة التّشريعيّة لها أصولها وهي ليست عبارة عن مواقف سياسية، فالنص التشريعي يجب ان يتضمن قواعد عامة ومجردة منسجمة مع سائر القوانين ومع التزامات لبنان الدولية بما يراعي حقوق الإنسان والكرامة الانسانية.
ويُتابع طعمه "والاقتراح المقدم ستتم مناقشته في اللجان النيابية وسيصار لتعديله لينسجم مضمونه مع ما جرى ذكره"، لافتًا إلى "أن هناك تقصيراً في الاطلاع على الاتفاقات الدوليّة التي تحمي حقوق اللاجئين، كما الإهمال في معاينة مضمون القوانين والأنظمة التي تنظم الدخول الى لبنان والإقامة فيه، كما تضييق على الصلاحيات المعطاة للمديرية العامة للأمن العام اللبناني".
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار