لا شك ان الامور تتجه الى التعقيد اكثر بعد دخول الملف الرئاسي في نفق مظلم. فالحراك السياسي الخارجي الناشط لا يكفي، ما لم يحصل تليين لمواقف الاطراف المعنية بالشأن اللبناني واقناع حزب الله بمرشح توافقي. ويرفض الحزب حتى الساعة استبعاد مرشحه الوزير السابق سليمان فرنجية، ولم يتوانَ في الوقت عينه عن توجيه رسالة لاذعة الى الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان - وفق معلومات لوكالة "اخبار اليوم" - يُبدي من خلالها انزعاجه، من المقاربة الرئاسية الجديدة لمصلحة خيار ثالث، علماً انّ هذا الطرح لم يأتِ من "الام الحنونة" او من سيّد الايليزيه بل جاء من روحية اللجنة الخماسية في اجتماعها الاخير في قطر في تموز الفائت.

في غضون ذلك، لم يعد لدى ايران اللاعب الاقوى في الاقليم سوى الرهان على الورقة الرئاسية في لبنان، لتبتز بها واشنطن، وامكان حصولها على تنازلات في موضوع الاتفاق النووي، بعدما نجحت في عملية تبادل الاسرى الذي تحقق برعاية قطرية، اضف الى ذلك تريد ايران مكاسب لها في موضوع ترسيم الحدود البرية بين لبنان واسرائيل، وفي موضوع الانتشار العسكري الأميركي في العراق وسوريا ومياه الخليج، في مقابل التخلي عن فرنجية.

وبعيداً عن النداءات الغربية والعربية - التي لا تصرف في الميزان السياسي المحلي- بأن على الداخل اللبناني مساعدة نفسه بنفسه"، فان الحقيقة الساطعة مفادها، انهُ لا دور خارجي فاعل سيأتي من الموفد الفرنسي جان ايف لودريان ولا من النواب والتكتلات او دور للأحزاب في هذه اللعبة كلّها، ولو تحاوروا مئة يوم ويوم، فلا شيء سيؤثر على هذا الصعيد، قبل نضوج اتفاق دولي - اقليمي، يبقى على اللبنانيين فقط تصديقه في مجلس النواب.

ويشير في هذا الاطار مصدر دبلوماسي في اتصالٍ مع وكالة "اخبار اليوم" انّ "الترياق الرئاسي"، سيأتي حتماً من الخارج، والذي من الممكن توفيره او تمريره، في اطار صفقة يهندسها القطريون، للحد من "المبارزة" القائمة على الاراضي اللبنانية بين الاميركيين والايرانيين.

في مقابل ذلك، يكشف الدبلوماسي عينه، ان موفد قطر وزير الدولة للشؤون الخارجية، محمد الخليفي، قد ارجأ زيارته الى مطلع تشرين الاول المقبل، بحيث فضل القطريون التشاور اكثر مع اللجنة الخماسية في نيويورك، على هامش انعقاد الجمعية العمومية للامم المتحدة، للارتكاز على موقف ثابت يخرج الملف الرئاسي من "القمقم"، في ظل "تمترس" الافرقاء اللبنانيين خلف مرشحين استفزازيين، بالتالي الذهاب بدايةً الى عروض "تغري" الحزب ومن خلفه طهران، في سيناريو مرسوم هو التخلي عن ورقة فرنجية من التداول نهائياً، والذهاب مباشرةً الى خيار وسطي.