• وأكثر من النصف (56 في المائة)، يعملون على اساس موسمي او اسبوعي او يومي، في الزراعة والبناء وتجارة الجملة والتجزئة، والخدمات المنزلية (ناطور)؛
• وان 23 في المائة فقط يحصلون على راتب شهري منتظم...
وهم يعتمدون بشكل اساسي على المساعدات التي تقدمها لهم المفوضية والمنظمات الدولية، وهي التي لا زالت تساعد وتدعم بقاء النازحين السوريين في لبنان..
كما كان للأزمة السورية وتزايد اعداد السوريين تأثير سلبي على الاقتصاد وسوق العمل، وهناك تراجع في النمو الاقتصادي والاستثمار الخاص، وتزايد العجز التجاري.
كما تتفاقم الأزمات المعيشية في مناطق الضواحي المكتظة بالسكان والمجتمعات الفقيرة المضيفة للنازحين والتي باتت تواجه صعوبة كبيرة في تأمين وسائل العيش لنقص الموارد وبخاصة مستلزمات المياه والصرف الصحي لم تعد كافية، مما أدى الى بروز مستويات عالية من التلوّث والنظافة السيئة نتيجة تراكم النفايات في المناطق المكتظة بالسكان، ولا سيّما اودية الانهار حيث تنتشر الامراض وتفتقر البلديات للوسائل والمعدات والامكانات اللازمة.
التمييز في تقديم المساعدات يؤدي إلى المنافسة والنزاعات
تعتبر المنافسة في سوق العمل من أكثر التحديات التي تواجهها المقيمين في المجتمعات المضيفة، مما أدى الى انخفاض الاجور وانتشار البطالة، وارتفاع معدلات الفقر، حيث يُفضل أرباب العمل استخدام العمالة الرخيصة لدى النازحين السوريين.
كذلك فقد نشأت منافسة كبيرة بين النازحين السوريين الذين تمكنوا من افتتاح شركات صغيرة لتسويق وبيع البضائع في المناطق المضيفة، وغيرهم من اللبنانيين من أصحاب الشركات والمستودعات التي باتت تعاني في مواجهة البضائع السورية المنتشرة في الأسواق..
كما برزت التوترات مع تزايد الطلب على المساكن مما أدّى الى ارتفاع الايجارات بشكل كبير بسبب النمو السكاني المتزايد، والدعم «للمأوى» الذي تقدمه المنظمات الدولية للاجئين، ما أدى الى تفاوت في مستويات الدخل، وبات من الضروري أن يتم تلبية احتياجات المجتمعات المضيفة بحيث لا يقتصر الدعم على اللاجئين وحدهم، كما يحصل بالنسبة لتأمين تكاليف تعليم النازحين السوريين دون غيرهم...
وبينما يعاني اللبناني من اشتداد الضائقة المعيشية، فقد ادى هذا التمييز الى تغير بارز في تجاوب المجتمعات المضيفة من الترحيب والضيافة خلال الفترة الأولى من النزوح، الى تنافس ومنازعات حول كافة نواحي سبل العيش في مختلف مراكز السكن والتوظيف، وانتقاد واسع للحماية التي توفرها المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية للاجئين دون غيرهم، في مجالات التعليم والصحة والعمل والسكن، حيث تتزايد الشكاوى والاحتجاجات على نطاق واسع..
وهناك مثلاً أكثر من مليوني نازح سوري يعملون على الاراضي اللبنانية كغيرهم من اللبنانيين (زراعة، سنكرية، أعمال بناء، صيانة، كهرباء، خدمات ومهن متعددة ومتنوّعة.. مع عدة أنواع من التجارة..)، لكنهم في الوقت نفسه يتقاضون المساعدات التي توفرها لهم المفوضية، كما أنهم لا يسددون أية رسوم أو ضرائب كغيرهم من اللبنانيين.
أما على مستوى المشاركة في الخدمات الاجتماعية العامة الضعيفة بالفعل، والتي لا تلبي حاجات اللبنانيين، فقد شكّل تدفق اللاجئين وتزايد اعدادهم تحديًا بارزاً، كما أن التوترات الاجتماعية، بما في ذلك قضايا النوع الاجتماعي، بين اللاجئين والمجتمعات اللبنانية آخذة في الازدياد، كما تؤدي زيادة اعداد النازحين الى تزايد الطلب على الخدمات في كافة البلديات، لتزايد أكلاف خدمات النقل وتأمين المياه ومعالجة النفايات، والخدمات الصحية والنظافة والصرف الصحي، ما ادى الى إجهاد النظام الصحي وتوقف بعض البلديات عن العمل لعدم توفر الامكانات اللازمة، وعدم مشاركة النازحين في دفع اية رسوم.
تدفقات الوافدبن من سوريا عبر الحدود، تهدّد الاستقرار الاجتماعي
ولتقييم مدى تطور الأثار والتداعيات، توضح النتائج الرئيسية لدراسة منظمة العمل الدولية، أنه خلال الاشهر الاولى لتدفق اللاجئين السوريين، فقد رحبت الأسر المضيفة بالوافدين وقدمت لهم الدعم اللازم في استقبالهم، لكن ومع اشتداد الازمة ما ادى الى تدهور الاقتصاد اللبناني وانتشار الفقر بين اللبنانيين، بينما كان يتزايد عدد النازحين السوريين نتيجة استمرار التدفقات الوافدة من سوريا عبر الحدود البرية، حيث يتم التهريب عبر عشرات المعابر والممرات غير الشرعية، ما يسهل عملية انتقال تداعيات الازمة السورية الى لبنان، ويهدد الوضع الأمني والاستقرار الاجتماعي داخل المجتمعات المضيفة، بحيث أنه بحسب التقييم الاجتماعي «في الواقع، كان للأزمة السورية وتدفق اللاجئين عواقب مزعزعة للاستقرار في لبنان».
التوصيات لمعالجة تحدّيات التوظيف ومواجهة التداعيات
لقد تركزت نتائج الدراسة على اهمية تنفيذ التوصيات لمعالجة تحديات التوظيف التي يواجهها اللاجئون السوريون والمجتمعات المضيفة، ثم دعم برامج انشاء الوظائف الفورية وتحسين امكانية الوصول اليها، وذلك لاستيعاب اكبر عدد ممكن من الباحثين عن عمل من الشباب اللبنانيين والسوريين، من ذوي المهارات المتدنية، للمساهمة بالاستقرار الاجتماعي..
• وهذا يتطلب أيضاً اعتماد برامج تشمل تنفيذ وتمويل مشاريع البنية التحتية الكبرى، ولا سيّما اعادة الاعمار في المناطق الريفية التي يتواجد فيها عدد كبير من النازحين السوريين، بحيث تشمل البرامج ادارة النفايات الصلبة، ثم خلق فرص العمل التي تعود بالنفع على كل من اللاجئين والمجتمعات المضيفة، ثم استخدام مجمل العاطلين عن العمل من المقيمين واللاجئين لإعمار بنية تحتية منتجة اقتصادياً، وتقديم منح او قروض مالية صغيرة للفئات الفقيرة المهمّشة، ما يؤدي الى تزايد التماسك الاجتماعي بين اللاجئين والسكان المحليين.
• كما توصي دراسة منظمة العمل الدولية بأهمية بناء قاعدة بيانات احصائية عن سوق العمل واستكشاف الاسواق المحتملة لتوظيف المزيد من العمال، ثم تعزيز المهارات وبناء القدرات المهنية والفنية للسوريين واللبنانيين، وبخاصة استهداف النساء والشباب من خلال تطوير برامج مبتكرة لخلق فرص العمل وتخفيض معدل البطالة..
خلاصة
اليوم، وبعد مضي عدة سنوات على هذه التوصيات، لم يتحقق شئ منها،.. وذلك نتيجة عدم وجود خطة متكاملة ومتابعة لتقييم المتغيرات في المجتمعات المضيفة لجهة عدم القدرة على الاستيعاب، بينما تبدو السلطة الحاكمة عاجزة وقد تخلت عن دورها في الدفاع عن حقوق اللبنانيين في العمل وتوفير الخدمات، حيث تتسارع عملية دمج النازحين في مختلف المناطق اللبنانية، ما أدى الى تغيير التركيبة السكانية فيها، وبحماية واضحة من الاتحاد الاوروبي، الذي لا زال يُعارض عودة النازحين لأسباب سياسية باتت واضحة المعالم، بينما يتجه لبنان الى المزيد من الفوضى والانهيار الأمني نتيجة التوترات المتزايدة وتفاقم انتشار الفقر..
وهناك شيء يثير التعجب ويدعو للاستغراب.. اذا كيف يمكن لدولة صغيرة ان تتحمّل وحدها ما تعجز عنه ٢٧ دولة في الاتحاد الأوروبي... ولماذا تفرض قوانين اللجوء على دولة لم توقع اتفاقية اللاجئين لعام 1951، بينما تتصل منها بعض الدول الأوروبية وترفض تطبيقها لحماية الأمن الاجتماعي والحفاظ على السيادة..
ولماذا ترفض الدول الاوروبية مبدأ تقاسم المسؤولية في تحمل أعباء اللاجئين..
أسئلة لا تجد صداها اليوم مع انهيار الدولة اللبنانية الضعيفة نتيجة الفراغ في الحكم والصراعات السياسية المتواصلة، الغارقة في الفساد وتقاسم الحصص الطائفية، والمحكومة من قبل سلطة عاجزة عن حماية الاراضي اللبنانية، وفاشلة في الحفاظ على سيادة لبنان.