18-09-2023
محليات
|
الانباء
تُحدث زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان خرقاً فعلياً في ملف انتخابات رئاسة الجمهورية، خصوصاً في ظل تمترس بعض المعنيين خلف مواقفهم أكان لجهة رفضهم الحوار أو انعقاد الجلسات دون تعطيل، إلّا أن ذلك لا يعني أنها دون جدوى، فالموفد الفرنسي، الورادة عودته في وقت قريب، طرح الى التداول خيار الاسم الثالث الذي سيكون الحل النهائي على الأرجح، ولو بعد حين. وفي ظل التعنت المحلي فإن الأمر بات بعهدة الدول الخارجية، وهو ما كان تحدث عنه بصراحة الرئيس وليد جنبلاط في الثامن من أيلول الحالي في كلمته في المختارة أمام البطريرك الماروني بشارة الراعي.
وفي سياق الاسم الثالث يتقدم قائد الجيش جوزاف عون صدارة المشهد، لكن البعض يلمّح إلى أن طرح اسمه في هذه المرحلة قد يكون أيضاً من باب الحرق لأنّه مرفوض من قبل رئيس التيار "الوطني الحر" جبران باسيل، ومن "حزب الله" بدرجة أقل.
أسهم عون من المرجّح أن ترتفع في الأيام والأسابيع المقبلة مع احتمال وصول موفد قطري إلى لبنان سيستكمل العمل على محاولة إنجاز تسوية رئاسية، وكان لقطر جولة قبل أشهر لم تُصرف في الإطار المحلي، لكن نتيجتها تظهّرت في اللقاء الخُماسي الذي استضافته الدوحة، خصوصاً وأنه بات من المعروف أن قطر تؤيّد وصول قائد الجيش إلى سدّة الرئاسة وستعطي موقعه زخماً.
مصادر مواكبة لجولة لودريان والوضع السياسي القائم أشارت إلى أن "زيارة لودريان أظهرت أن مواقف الأطراف السياسية على حالها لجهة الحوار، لكن قد يكون طرح الموفد الفرنسي لجهة الخيار الثالث عبارة عن رمي حجر في مياه راكدة، وهو ما قد يحرّك الملف لكن ببطء، إلّا أن المعنى الفعلي لهذا الطرح هو تراجع فرنسا عن تموضعها السابق"، وهو ما انعكس في موقف حزب الله من الزيارة، اذ لفتت المصادر في حديثها لجريدة "الأنباء" الإلكترونية، إلى كلام عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله، الذي قال إن "خرقاً لم يحدث رغم كل التحركات والاتصالات والتسريبات"، في إشارة إلى زيارة لودريان وتبعاتها.
وفي سياق الحراك الدولي وتعليقاً على زيارة الموفد القطري المحتملة، أملت المصادر أن يُحدث ذلك خرقاً، لكنها عادت وأشارت إلى أن "الملف اللبناني مرتبط بشكل وثيق بواشنطن وطهران، والحلول الخارجية تكون من خلالهما".
إلى ذلك، فإن الأنظار ستتجه في الأيام القليلة المقبلة إلى الجمعية العام للأمم المتحدة، والاجتماعات التي ستحصل على هامشها، خصوصاً تلك المرتبطة بدول اللقاء الخُماسي، رغم انه بغياب إيران لا يعوّل الكثير على اللقاءات أن تنتج حلاً في ظل تأثيرها الواضح في الملف اللبناني.
في غضون ذلك وعلى المستوى الاقتصادي، اعتبر الخبير المالي والاقتصادي انطوان فرح أن "بيان صندوق النقد حول لبنان أشار إلى أن الدولة اللبنانية مقصّرة في الاجراءات الإصلاحية التي وعدت بتنفيذها، وهي بمثابة ممرات الزامية للتوصل مع الصندوق إلى اتفاق، منها الكابيتول كونترول والانتظام المالي وقانون هيكلة المصارف".
وفي حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية، قال فرح إن "هذه الممرات الثلاث الالزامية لم تنفذها الدولة رغم أنها وعدت بتنفيذها بوقت قصير، وبالتالي البيان الذي صدر سلّط الضوء على هذا التقصير، ثم أنه ليس صحيحاً أن الصندوق "نفض يده" من لبنان"، معتبراً أن ملف لبنان أصبح بحالة رفض، "بدليل أن الصندوق ركّز على النقاط التي اعتبرها إيجابية، ومنها السياسة الجديدة في مصرف لبنان حيال وقف تمويل الدولة وتقديم القروض".
وتابع فرح: "صندوق النقد ما زال يطالب بأمور إجرائية، وهذا يعني أنه ما زال يعمل مع لبنان ولم يفقد الأمل من الأمور التي طالب بها، مثل توحيد سعر الصرف الدولار وعدم اللجوء إلى اسعار متعدّدة، وثمّة تركيز لإيجاد مناسبة لتحرير سعر الصرف بالتزامن مع الاجراءات المتخذة من قبل مصرف لبنان".
واعتبر فرح أن "المهم أن صندوق النقد في هذه الزيارة تبلّغ بشكل واضح أن موضوع شطب الودائع ضمن الخطة الإنقاذية لا يمكن أن يمر، وبالتالي أصبح هناك عائق كبير ومرحلة من إعادة التفاوض مع صندوق النقد حول خطة التعافي وكيف ستكون، ووجوب المحافظة على الودائع من خلال التزام الدولة بدفع ديونها والزام مصرف لبنان بدفع ديونه او جزء منها".
إذاً، بات من الواضح الوضع الاقتصادي الى مزيد من التأزم، معطوفاً على العقم الذي يضرب الاستحقاق الرئاسي حتى الساعة، والحلول أصبحت بانتظار الحل الخارجي الذي قد يشمل لبنان، لكن ذلك لن يكون في مصلحته على اعتبار أن الدول تعمل وفق أجنداتها لا أجندة لبنان، فنكون قد خسرنا محطة جديدة على خط بقاء الدولة.
أخبار ذات صلة