15-09-2023
عالميات
|
الأخبار
احمد العبد
احمد العبد
رام الله | ما إن تحلّ «الأعياد اليهودية»، حتى يجدّد المستوطنون استباحة مدينة القدس المحتلة طولاً وعرضاً، مكاناً وزماناً، مكثّفين استهداف المسجد الأقصى، ومستعرضين عنصريّتهم في أزقّة المدينة القديمة وشوارعها العربية وأمام مساجدها وكنائسها، وذلك تحت حماية قوات الاحتلال. وفي السياق، أعلنت سلطات العدو، أمس، فرضها إغلاقاً عسكرياً شاملاً على الضفة الغربية وإغلاق المعابر في قطاع غزة، ابتداءً من ظهر اليوم، وحتى ليل السبت - الأحد المقبل، لإحياء ما يسمى «عيد رأس السنة العبرية». وكانت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية قد أوصت حكومة بنيامين نتنياهو برفع درجة التأهب العسكري والاستخباري خلال موسم «الأعياد»، نظراً إلى ارتفاع عدد الإنذارات الساخنة من تنفيذ عمليات فدائية خلالها.
وتكرر حكومة الاحتلال هذا الإغلاق الذي يطال العمال الفلسطينيين في الداخل، وحركة المقدسيين كذلك، في كلّ يوم من الأعياد المختلفة التي تبدأ في 5 أيلول وتستمرّ لعدة أسابيع، ويتخلّلها «يوم الغفران» الذي يصادف في 24 أيلول ويستمر حتى 25 منه، وكذلك «عيد العرش» الذي يستمر لمدة ثمانية أيام كاملة تبدأ في 29 أيلول وتمتدّ حتى ليل 7 تشرين الأول المقبل. وتعمل جماعات «الهيكل» المزعوم، منذ عدّة أسابيع، على حملة دعائية وإعلامية مكثفة لحشد أكبر عدد من المستوطنين لاقتحام المسجد الأقصى خلال الأعياد، بأثواب كهنوتية بيضاء ترمز إلى رداء «طبقة الكهنة» التي تقود الصلوات، وتحثّ «المؤمنين» على تأدية طقوسهم التلمودية في داخل الحرم القدسي، ومن بينها نفخ البوق والسجود الملحمي.
وفي الواقع، تستغلّ إسرائيل والجماعات الاستيطانية «الأعياد اليهودية» من أجل جعل الاقتحامات الواسعة للمسجد وأداء الطقوس التوراتية داخله، أمراً اعتيادياً، وبالتالي تصوير الحرم مكاناً مقدساً لليهود، بما يخدم مخطّطات بناء «الهيكل» والحرب الديموغرافية على القدس والمسجد الأقصى، ويمهّد للغرض الذي عجز عن تحقيقه الاحتلال حتى الآن، والمتمثّل في بسط سيادته على المسجد. والجدير ذكره، هنا، أن المطامع الإسرائيلية في الأقصى كثيرة وعديدة، وتتفق الحكومة الإسرائيلية عليها مع جماعات «الهيكل» والمجموعات الاستيطانية وتوفر لها جميع سبل الدعم. وعلى رأس تلك المطامع، يأتي إنهاء الوصاية الأردنية على المسجد، وإنجاز تقسيمه زمانياً ومكانياً، وصولاً إلى ما يعتبره الاحتلال الخطوة الأهم وهو إقامة «الهيكل». وعلى طريق تحقيق الأهداف المذكورة، يأتي الإصرار على تأدية الطقوس التلمودية ذات الأهداف السياسية، من مثل نفخ البوق الذي يعني إعلان الهيمنة على الأقصى، وإشعاراً بالانتقال من زمانه الإسلامي إلى زمانٍ عبري جديد، وإنذاراً بقرب مجيء «المخلص» ليستكمل إقامة «الهيكل» المزعوم.
على أن «الأعياد اليهودية» هذه السنة، تبدو أكثر خطورة من سابقاتها، نظراً إلى استعدادات الجماعات التلمودية لتصعيد غير مسبوق وتنفيذ أوسع عمليات اقتحام للمسجد الأقصى شبيهة بالاجتياح الكبير، وكذلك اقتحامات للبلدة القديمة وحائط البراق، بالإضافة إلى أداء طقوس تقديم القرابين والصلاة الملحمية والصلاة العلنية. واستعدّت الحكومة الإسرائيلية، بقيادة اليمينَين: المتطرف والفاشي، لتوفير احتياجات نجاح تلك الاقتحامات، عبر استنفار أمني واستخباري عالي المستوى لعناصرها، وتوفير قوة مسلحة تكون قادرة على قمع الفلسطينيين، وهو ما يزيد، كما جرت العادة، من وتيرة جرائمها، من مثل عمليات الاقتحامات والاعتقالات والإبعاد عن القدس والأقصى، وعسكرة المدينة عبر تحويل البلدة القديمة والمنطقة المحيطة بالمسجد إلى ثكنة عسكرية. ودائماً ما كانت «الأعياد اليهودية» مناسبات مفضلة لدى المستوطنين وجيش العدو لارتكاب المجازر في المدينة؛ ففي خلالها ارتُكبت مجزرة المسجد الأقصى عام 1990، حين حاول مستوطنو ما يسمى بجماعة «أمناء جبل الهيكل»، وضع الحجر الأساس لـ«الهيكل» الثالث المزعوم، فتصدّى لهم آلاف المصلّين، قبل أن يتدخل جنود الاحتلال ويفتحوا النار بشكل عشوائي، ما أسفر عن استشهاد 21 مواطناً، وإصابة أكثر من 200 مصلٍّ. كذلك، كانت في خلالها هبّة النفق عام 1996، وانتفاضة الأقصى عام 2000، وهبّة السكاكين 2015.
أخبار ذات صلة