01-09-2023
محليات
|
الأخبار
خليل الحاج علي
خليل الحاج علي
في ظلّ التخبّطات والضغوط التي يعيشها أبناء القرى المهمّشة، تبرز مبادرات ثقافية وإنمائية من شأنها تحقيق ما لم تستطع السلطات والجهات المعنية تحقيقه. في قرية بتلون الشوفيّة، تنطلق اليوم الجمعة، النسخة الثالثة من مهرجان «آخر أيام الصيفية»، الذي تنظمه جمعية «بيت سرمدى»، ليكون واحداً من المشاريع الفنية والثقافية والإنمائية، التي تحقق الاستدامة للفنانين والنساء على وجه التحديد.
المهرجان هذا العام، ينطلق تحت عنوان «من المونة عم نعمل فن». فبعد أن كانت جمعية «بيت سرمدى» المنظمة للمهرجان، تنتج العروض المسرحية فقط، باتت تدمج في السنوات الأخيرة، بين الإنتاج الفني والثقافي والاقتصادي، ما يمكّن الفنانين الصاعدين، والنساء من ذوي الدخل المحدود، والجمهور، من تبادل الإنتاج والمونة والمنتجات الحرفية والصناعية. تقوم المعادلة على مشاهدة العروض المسرحية أو الغنائية، ومقايضة المشتركين بين بعضهم، بغرض من أغراضهم، من دون وجود للعملة. مثلاً، تبادل الصابون مقابل مرطبان مونة، مع حضور أمسية غنائية.
برنامج المهرجان، الذي يمتد حتى بعد غدٍ الأحد، يبدأ برحلة مشياً على الأقدام، في «حارة التحتا» في بتلون، عند الساعة السادسة والنصف عصراً، والعودة إلى «بيت سرمدى»، حيث تُقدم مسرحية «دائرة الصمت» (تأليف وإخراج: زاهر قيس) على مدار ثلاثة أيام متتالية، عند الساعة السابعة والنصف. بعد العرض، يفتح سوق المونة والحرفيات، من أجل إجراء عملية التبادل التجاري بين الحضور والمشاركين. ومن المقرر أن تُقام سهرة غنائية كل ليلة، عند الساعة التاسعة مساءً. تحل فرقة «أمسية» في 2 أيلول، و«فاتن والفرقة» (3 أيلول)، والختام مع «زياد الأحمدية وفرقته» (3 أيلول).
بالنسبة إلى العرض المسرحي «دائرة الصمت»، فإنّه يتناول ماهية الوعي التغييري، الذي يحرّر الإنسان من مآسي الحياة، ويساعده على تحقيق السلام الداخلي. يقول المخرج زاهر قيس، إن العرض هو حصيلة ثلاثة أشهر من العمل مع شباب منطقة الشوف على الارتجالات والتمارين المسرحية. يسائل العرض معضلة الوعي، ليس بمفهومه الساذج العادي، بل الوعي كمفهوم للتنبه واليقظة، «والذي يكون بمثابة الوعي التغييري الذي يحررنا من مآسي الحياة». إذاً يسعى العمل إلى توفير مساحة آمنة للشباب الصاعد، وتوفير منصة لهم، من أجل التعبير عن ذواتهم، في ظل التحديات الراهنة التي يمرون بها.
يؤكد منظم المهرجان زاهر قيس، أن الجمهور المستهدف هو الطبقة الشعبية، التي تسعى إلى تأمين دخلها (يسمح المهرجان بمشاركة 30 عائلة في عرض منتجاتها)، إلا أن المهرجان يستقطب أيضاً الطبقات الأخرى القادرة على دعم ذوي الدخل المحدود، وتشجعيها لهم من خلال شراء منتجاتهم. يضيف قيس «إنه من الأهداف الجوهرية للمهرجان هو أحقية وصول الجميع إلى الفن. فهو يسعى إلى توسيع رقعة العروض الفنية والثقافية، كي لا تكون حكراً على العاصمة بيروت فقط». وعليه، يخلق المهرجان بذلك بيئة حاضنة ويعزز دور الأرياف، وتحديداً الشوف، في رسم المشهد الثقافي والفني في البلد. كما يعزز عملية التواصل بين جيلين مختلفين، بكل ما يحملان من تناقضات وأفكار مختلفة. للشباب الصاعد حق في المشاركة بالفن، وللنساء أولوية في عملية الإنتاج.
يبقى أن مهرجان «آخر أيام الصيفية»، هو مبادرة يجب تكريسها في المناطق اللبنانية كافة. في ظل موجة التطرف والقمع وإسكات الآخر، يبقى الفن مساحةً حرةً للطبقات الفقيرة، ومحفزاً أساسياً في تطوير الوعي الفردي وتغيير المجتمعات الصغيرة.
أخبار ذات صلة
قضاء وقدر
جريمة مروعة تهز الشوف.. اليكم التفاصيل!
أبرز الأخبار