28-08-2023
صحة
|
TRT ARABI
فاطمة الزهراء عبد المجيد
فاطمة الزهراء عبد المجيد
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإنّ التغير المناخي هو أكبر تهديد للصحة تواجهه البشرية، ولتفادي آثاره الكارثية على الصحة، ولمنع ملايين الوفيات على أثره، ينبغي أن تتوقف الزيادة في درجات الحرارة عند 1.5 درجة مئوية.
يُعرَّف التغير المناخي بأنّه تحولات في درجات الحرارة وأنماط الطقس على المدى البعيد، حسب منظمة الأمم المتحدة، وقد تحدث هذه التحولات لأسباب طبيعية، نتيجة التغيرات في نشاط الشمس والانفجارات البركانية، أو لأسباب بشرية، خصوصاً مع بداية القرن التاسع عشر والثورة الصناعية.
ومنذ ذلك الحين، تُعد النشاطات البشرية الباعث الأساسي للتغير المناخي، وذلك عن طريق حرق الوقود الأحفوري، الذي بدوره يؤدي إلى انبعاث الغازات الدفيئة التي تلتف حول الكرة الأرضية، فتحبس حرارة الشمس داخل الغلاف الجوي، فترتفع درجات الحرارة.
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإنّ التغير المناخي هو أكبر تهديد للصحة تواجهه البشرية، ولتفادي آثاره الكارثية على الصحة، ولمنع ملايين الوفيات على أثره، ينبغي أن تتوقف الزيادة في درجات الحرارة عند 1.5 درجة مئوية، التي ارتفعت بالفعل بمقدار 1.2 درجة مئوية عام 2020، مقارنةً بالنصف الثاني من القرن التاسع عشر.
وهذا لا يعني أنّ تلك الزيادة آمنة، بل إنّ كل زيادة بمقدار عُشر درجة مئوية كفيلة بإحداث آثار وخيمة على حياة الناس وصحتهم.
التغير المناخي وآثاره على الصحة
يؤثر التغير المناخي على الصحة بطريقتين؛ إما من خلال تغيير درجة خطورة أو معدل تكرار المشكلات الصحية التي يواجهها الفرد بالفعل، وإما عبر خلق مشكلات صحية جديدة أو غير متوقعة.
وتعتمد قابلية الفرد للإصابة بأمراض نتيجة تغير المناخ على ثلاثة عوامل:
التعرّض: ويتمثل ذلك في نوعية المكان الذي يمكث الفرد فيه، وطول الوقت، والعمل الذي يؤديه، فقد يكون الأشخاص الذين يقضون وقتاً طويلاً في الهواء الطلق أكثر عُرضة للحرارة الشديدة من أولئك الذين يقضون أغلب الوقت في أماكن مغلقة.
الحساسية: وتعتمد على عوامل عدّة، مثل الحالة العمرية والصحية، فمثلاً الأطفال والبالغون المصابون بمرض الربو أكثرَ حساسية تجاه ملوثات الهواء ودخان حرائق الغابات.
القدرة على التكيّف: إذ يُمكن للناس التكيّف مع تغير المناخ وفقاً لعوامل مثل السن ومقدار الدخل، وإمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية.
وأكثر الناس تضرراً من آثار التغير المناخي هم كبار السن والأطفال، والذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي، وقد زادت الوفيات بنسبة 53.7% لكبار السن فوق 65 عاماً، بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
الأمراض المرتبطة بالموجات الحرارية
وتؤكد منظمة الصحة العالمية أنّ التغيّر المناخي يتسبّب في ظهور أو تفاقم كثير من الأمراض، منها الأمراض المُعدية الناشئة جديداً أو التي تعاود الظهور، وأمراض الجهاز التنفسي، والأمراض التي تنقلها الوسائط أو المياه أو الأطعمة، والأمراض الحيوانية التي تصيب الإنسان، وكذلك الأمراض الجلدية مثل الإكزيما. كما يؤثر فقدان التنوع البيولوجي الناتج عن التغير المناخي في زيادة الأمراض المناعية والأمراض العصبية.
الأمراض الناشئة عن الجسيمات الدقيقة
تعد الانبعاثات الناتجة عن السيارات ومحطات توليد الطاقة وحرائق الغابات هي المسبّبات الأساسية لأمراض الجهاز التنفسي عبر الجسيمات الدقيقة التي تنفذ إليه، ومن هذه الجسيمات: الكبريتات والنترات والكربون الأسود والميثان.
ومن أمراض الجهاز التنفسي الناتجة عن هذه الجسيمات: الربو والانسداد الرئوي المزمن، والتهاب الأنف التحسسي المعروف بحمى الكلأ.
ولتجنب الآثار الصحية المترتبة على ذلك، يجب التوعية بأحوال الطقس وبالأعراض المبكرة لأمراض الجهاز التنفسي.
الأمراض المنقولة عبر الوسائط
ويُعد البعوض وذباب الرمل والقراد من الوسائط الأساسية في جلب الأمراض، ومن الأمراض التي تنقلها: حمى الضنك، وحمى غرب النيل، وزيكا، والملاريا، وداء لايم.
وتؤدي الأمطار الغزيرة والفيضانات إلى تلويث المياه وزيادة نمو العفن والفطريات، ما يزيد خطر الإصابة بعدوى بكتيريا السالمونيلا.
من ناحية أخرى، فإنّ احترار المحيطات ينعكس على تلوث الأطعمة البحرية، ما يتسبّب في زيادة العدوات الطفيلية التي تنتج عن أكلها.
اختلال الميكروبيوم
ويشير مصطلح اختلال الميكروبيوم إلى اختلال توازن أو سوء تكيّف الكائنات الدقيقة على سطح الجسم أو داخله.
وتحتوي القناة الهضمية وحدها على نحو 100 تريليون ميكروب من نحو 160 نوعاً مختلفاً، ويملك الجسد القدرة على التفرقة بين الميكروبات المتعايشة فيه وتلك التي تسبب الأمراض.
وأي خلل في الميكروبيوم يؤدي إلى إعاقة عملية التعرف على الميكروبات، وبالتالي يتسبّب في الالتهابات المتعددة وأمراض المناعة الذاتية، مثل مرض كرون والتهاب القولون التقرحي، وكذلك بعض الأمراض الأخرى مثل التهاب المفاصل الفقاعي والإكزيما.
ولا تقتصر تأثيرات اختلال الميكروبيوم على الأمراض المناعية وحدها، بل إنّ تأثيراتها تطول الجهاز العصبي المركزي أيضاً، مما يؤدي إلى أمراض عصبية مثل التصلب المتعدد والتوحد ومرض باركنسون.
الصحة النفسية
وأثبتت دراسات متخصصة أنّ أصحاب الأمراض النفسية هم الأكثر عرضة لتأثيرات تغيّر المناخ على الصحة البدنية والعقلية.
كما لاحظت الدراسات زيادةً في معدلات العنف والجريمة واضطراب تعاطي المخدرات، وتوتر العلاقات بين الأشخاص، وانخفاض التماسك المجتمعي؛ بسبب التأثيرات المناخية، مرجحةً أنّ هناك علاقة بين ارتفاع درجة الحرارة وازدياد عدد حالات الانتحار.
وكشفت هذه الدراسات عن أنّ الكوارث البيئية ينتج عنها عدد من الاضطرابات النفسية، فقد أُبلغ عن إصابة 49% من ضحايا إعصار كاترينا عام 2005 بالتوتر والقلق والاكتئاب، وأُصيب 1 من كل 6 باضطراب ما بعد الصدمة.
الوقاية من الأمراض المرتبطة بالتغير المناخي
وينبغي علينا اتباع نمط حياة صحي، لا سيّما في العادات الغذائية؛ لحماية أنفسنا من تلك الأمراض أو على الأقل حتى نقلّل من حدّتها.
ويُعد تناول الفاكهة والخضراوات بكثرة عاملاً مهماً في التقليل من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، ومن المهم أيضاً تخزين الأطعمة في درجة حرارة مناسبة؛ لأنّ خطر تلف الأطعمة يزداد مع ارتفاع الحرارة، وبالتالي تزداد الأمراض التي تنقلها.
ويوصَى أيضاً بزيادة النشاط البدني اليومي عن طريق المشي واستخدام الدراجات بدلاً عن السيارات ووسائل المواصلات التي تعمل بالوقود، فمن شأن ذلك أن يعزّز من طاقة الجسد وقدرته على مجابهة الأمراض، كما يسهم في الحدّ من انبعاثات الغازات الدفيئة.
وللحماية من أشعة الشمس، يوصَى بتظليل النوافذ وإسدال الستائر السميكة حتى تقلّل من نفاذ الحرارة إلى داخل المنزل وتبقيه بارداً في الأيام الحارة، وكذلك يوصَى بعدم التعرض المباشر لأشعة الشمس خارج المنزل بقدر الإمكان.
ويشار إلى أنّ النباتات تمتص ثاني أكسيد الكربون، وبالتالي فإنّ الإكثار من زراعتها يقلّل من الآثار السلبية للغاز على الصحة.
وينبغي الابتعاد عن الضباب الدخاني، وهو خليط من الدخان الناجم عن انبعاثات العمليات الصناعية والسيارات مع جزيئات بخار الماء المتكاثف، ويحمل كثيراً من الجسيمات الضارة بالجهاز التنفسي، خصوصاً لدى الذين يعانون أمراضاً تنفسية مزمنة وأمراض القلب.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار