أعلنت هولندا والدنمارك الأحد أنهما ستقدمان طائرات حربية من طراز F-16 لأوكرانيا، في إعلان طال انتظاره، ووصفه الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بأنه شكل دافعا إيجابيا مهما لقوات بلاده المنخرطة في هجوم مضاد صعب ضد روسيا.

لكن المقاتلة، وفقا لتحليلات عسكرية منشورة في المواقع البحثية، قد لا تكون العصا السحرية التي تنتظرها كييف لحل المشاكل على الجبهة، رغم أنها ستكون، وفقا لتلك التحليلات، إضافة بالغة الأهمية للترسانة الأوكرانية.

وشنت أوكرانيا مؤخرا هجوما مضادا ضد قوات الكرملين دون غطاء جوي، واضعة قواتها تحت رحمة الطيران والمدفعية الروسية مما كلفها كثيرا من الخسائر.

وقال زيلينسكي على قناته على تلغرام إن أوكرانيا ستحصل على 42 طائرة، لكن هولندا والدنمارك، في بيان مشترك للإعلان عن عمليات التسليم، لم يحددا الأرقام.

ما هي F-16؟

F-16 Fighting Falcon هي طائرة مقاتلة خفيفة الوزن، أميركية الصنع، تم تصميمها في البداية في سبعينيات القرن العشرين. دخلت الخدمة لأول مرة في عام 1979، واستخدمت بكثافة من قبل القوات الجوية الأميركية في كل من حروب العراق وأفغانستان.

وبنى الطائرة في الأصل الولايات المتحدة في تعاون مع بلجيكا والدنمارك وهولندا والنروج، وأصبحت الطائرة، التي يمكنها السفر ضعف سرعة الصوت، واحدة من أكثر الطائرات العسكرية شعبية في كل العصور ولا تزال مستخدمة على نطاق واسع.

تقول شركة لوكهيد مارتن، الشركة المصنعة الأميركية، إن هناك أكثر من 3000 طائرة من طراز F-16 في الخدمة في 25 دولة.

واستبدلت الولايات المتحدة الطائرة بمقاتلة F-35 ، لكن الـ F-16 لا تزال تصنع للبيع خارج البلاد من قبل شركة لوكهيد في ساوث كارولينا.

مزايا الطائرة

ويشير معهد راند للأبحاث إلى المزايا التي ستحصل عليها أوكرانيا على المدى الطويل لامتلاك المقاتلة، إذ سيكون من الأسهل على أوكرانيا الحفاظ على الطائرات التي تصنع أجزايها الولايات المتحدة ودول الناتو من طائراتها القديمة التي تصنعها روسيا.

كما يمكن أن يسهل على أوكرانيا دمج قواتها الجوية في حلف شمال الأطلسي في وقت ما في المستقبل.

وتشير دراسة المعهد إلى أن الطائرات الجديدة تعمل بشكل أفضل مع الصواريخ جو – جو التي يجهزها الناتو، والتي يمكن أن تكون حاسمة في الدفاع ضد صواريخ كروز الروسية والطائرات من دون طيار الإيرانية الصنع.

وتختم الدراسة بالقول إنه من المحتمل ألا تمنح طائرات F-16 أوكرانيا تفوقا جويا، لكنها ستسهل الدفاع عن مجالها الجوي.

الدعم الأرضي

وينقل موقع يورو نيوز عن جان بيير مولني، نائب مدير معهد العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية، إن فائدة هذه الطائرات المقاتلة هي أنها تستطيع استهداف القوات الروسية بالمناورة العكسية".

ويضيف ليو بيريا بينيه، الباحث في معهد العلاقات الدولية مركز الدراسات الأمنية (IFRI) للموقع، أن هناك ثلاث طرق رئيسية لاستخدام طائرات F-16 للدعم الأرضي.

تتمثل الطرق تلك بمهاجمة المغيرين الروس، أو لدعم هجوم أوكراني أو لاعتراض الطائرات المقاتلة التي قد تدخل المجال الجوي الأوكراني.

العامل الزمني

وتحتاج أوكرانيا لعدة أشهر على أقل تقدير لتدريب طيارين وكوادر صيانة على العمل مع طائرات F-16، كما إن إدخال الطائرات في خطط العمليات قد يحتاج إلى وقت أيضا.

وقال زيلينيسكي إن الطائرات "لن تساعد على الفور الآن في المجهود الحربي".

ورفض زيلينسكي تحديد عدد الطيارين الأوكرانيين الذين سيخضعون للتدريب في الدنمارك وبعد ذلك في رومانيا، مشيرا إلى أسباب أمنية.

ومع ذلك، قالت الدنمارك الجمعة إن التدريب سيبدأ هذا الشهر.

وقال مسؤولون في وقت سابق إن الطيارين الأوكرانيين سيحتاجون من ستة إلى ثمانية أشهر من التدريب.

وتقول واشنطن إن طائرات F-16 مثل دبابات أبرامز الأميركية المتقدمة - ستكون حاسمة على المدى الطويل حيث تواجه كييف روسيا.

وتعتمد أوكرانيا على طائرات قديمة، مثل طائرات ميغ 29 وسوخوي روسية الصنع. وتتمتع طائرات F-16 بتكنولوجيا وقدرات استهداف أحدث. كما أنها أكثر تنوعا ، كما يقول الخبراء.

ويقول معهد راند للأبحاث إن الوضع أكثر تعقيدا بكثير من مجرد تدريب الطيارين الأوكرانيين وتسليم حفنة من طائرات F-16 المستخدمة إلى كييف.

ويضيف المعهد، نقلا عن دراسة أجرتها خدمة أبحاث الكونغرس في مارس 2023 تشير إلى أن الحصول على قطع غيار كافية، وتخصيص التمويل للعمليات والدعم، وتنفيذ نظام جرد الصيانة، وتدريب المشرفين، والحصول على إمدادات مستمرة من الأسلحة المتوافقة مع الطائرات هي من الأمور المهمة الأخرى التي يجب توفيرها لضمان تشغيل ناجح للطائرات.

ووفقا لدراسة المعهد فإنه يجب معالجة هذه القضايا إذا أرادت أوكرانيا أن تكون قادرة على استخدام الطائرات باستمرار، حيث أنه بدون خطط لدعم هذه الطائرات، فإنها ستنهار بسرعة وتصبح أهدافا جالسة على الأرض لصواريخ جو-أرض الروسية.

وتوقع المعهد ألا تتمكن أوكرانيا من نشر طائرات F-16 من الناحية التشغيلية حتى نهاية العام، إن لم يكن بعد ذلك.

وحتى مع الإمداد والصيانة الكافيين، فإن F-16 لا تعمل منفردة، حيث أنها مثل أي نظام أسلحة معقد، تكلف بمجموعة معينة من الأدوار داخل هيكل عسكري قائم بعقيدة وثقافة فريدة.

ويقول المعهد إنه يمكن لمقاتلات التفوق الجوي الروسية الكبيرة مثل MiG-31 و Su-35 أن تكتشف الطائرات المعادية أبعد بكثير من F-16 من خلال راداراتها القوية والحديثة.

ولدى الروس أيضا صواريخ R-37 التي لديها مدى أطول بكثير من AIM-120 AMRAAMs التي يوفرها الناتو.

وبعبارة أخرى، يمكن للطائرات الروسية أن تكتشف طائرات F-16 الأوكرانية وتسقطها قبل أن يراها الطيارون الأوكرانيون قادمة، وهو ما كان يحدث مع أسطول أوكرانيا الحالي من مقاتلات Su-27 و MiG-29.

وتشير دراسة المعهد إلى أن القدرات المحسنة لـ F-16 ليست كافية لإمالة هذا التفاوت لصالح أوكرانيا.

ولا يرجح المعهد أن تغير طائرات F-16 التوازن في ساحة المعركة في أي وقت قريب.