وبعيداً عن متاهات الإنهيارات المتوالية في لبنان، بدا واضحاً من نتائج محادثات وزيري خارجية البلدين أن المسار السعودي ــ الإيراني يتقدم في معالجة الملفات الشائكة في الإقليم، وأن ثمة نوايا، بل وحرص متبادل، في تطوير علاقات حسن الجوار بين البلدين، وطوي صفحة الخلافات التي أدمت أكثر من بلد في المنطقة.
من السذاجة بمكان أن يتوقع البعض إمكانية حل المشاكل العالقة بكبسة زر، أو على طريقة عصا موسى. والبحث الجدّي الدائر بين الرياض وطهران أدّى إلى تبريد أجواء التوتر والفتنة المذهبية، التي كانت تشكل الخطر الأكبر على أمن وإستقرار المنطقة، ثم فتحت أبواب الحوار بين الأطراف الداخلية المتنازعة في اليمن والعراق، بإنتظار أن تحصل خطوات مماثلة في سوريا ولبنان.
ولا نذيع سراً إذا قلنا أن من أهداف زيارة الوزير اللهيان إلى الرياض، الإعداد للزيارة المتوقعة للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى المملكة، تلبية لدعوة رسمية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، حيث ستحقق هذه الخطوة نقلة نوعية في العلاقات السعودية ــ الإيرانية، ستعم نتائجها الإيجابية الوضع الإقليمي برمته، نظراً لأهمية الدور السعودي، الذي يقوده الأمير محمد بن سلمان، في تصفير مشاكل وأزمات الإقليم، وبداية التجاوب الإيراني مع سياسة ولي العهد السعودي، الذي يتطلع إلى تحويل منطقة الإضطراب الشرق أوسطية، إلى واحة للتنمية والتطوير والتحديث، وإنشاء سوق إقتصادية مشتركة تُحاكي تجربة سوق الإتحاد الأوروبي.
أما التخبط اللبناني المتفاقم في التعاطي مع الإنهيارات الإقتصادية والمالية والإجتماعية في البلد، فيبقى مسؤولية المنظومة السياسية الفاشلة، التي لم تتورع يوماً عن تحقيق مصالحها الأنانية والفئوية على حساب إفلاس البلد، وتدمير مقومات الدولة.
وكفى إلقاء مسؤولية فشلنا وإنقساماتنا على الآخرين!