مباشر

عاجل

راديو اينوما

ositcom-web-development-in-lebanon

البحر الأسود... أقرب ساحة مواجهة عالمية

16-08-2023

عالميات

|

النهار العربي

أسعد عبود

أسعد عبود

منذ انسحاب روسيا من اتفاق الحبوب في 16 تموز (يوليو) الماضي، تحوّل البحر الأسود إلى نقطة محورية في الحرب الروسية- الأوكرانية. ويتبادل البلدان الهجمات التي تزيد من احتمالات توسّع الصراع، كون البحر تحدّه ثلاث دول منتمية إلى حلف شمال الأطلسي، هي رومانيا وبلغاريا وتركيا.
عملياً، يفرض الأسطول الروسي حصاراً على الموانئ الأوكرانية، بينما حذّرت أوكرانيا السفن الأجنبية من التوجّه إلى 6 موانئ روسية مطلّة على البحر الأسود، واعتبرت أنّ من يحاول الاقتراب من هذه الموانئ يضع نفسه في دائرة "مخاطر الحرب" حتى إشعار آخر. وفي استعراض للقوة والقدرات، وجّهت أوكرانيا في الأيام الأخيرة، ضربتين لبارجتين روسيتين بواسطة زورقين مسيّرين، كما استهدفت ناقلة نفط روسية. وكان قائد البحرية الأوكرانية الأدميرال أولسكي نيجيبابا حذّر في أيار (مايو) الماضي، من أنّه "يجب أن ندافع عن سواحلنا ابتداءً من سواحل العدو". أما روسيا، فألحقت أضراراً كبيرة بموانئ تصدير الحبوب ومستودعات التخزين في أوديسا. وطاولت إحدى الضربات الروسية مرفأ مجاوراً للأراضي الرومانية، وتسبّبت الضربة بتكسير زجاج وحالة هلع على الجانب الروماني من الحدود. هذا ما يفسّر خطورة المواجهة وإمكان نشوب صدام بين روسيا ودولة عضو في الأطلسي من طريق الخطأ أو نتيجة سوء في الحسابات والتقديرات. وتجوب البحر الأسود قطع حربية أميركية وبريطانية ومن دول أوروبية أخرى، وتقوم بأعمال الدورية والاستطلاع. ولا شيء يمنع تكرار ما حدث في 14 آذار (مارس) الماضي، عندما أدّى إحتكاك بين مقاتلة روسية ومسيّرة أميركية من طراز "إم كيو-9 ريبر" إلى تحطّم الأخيرة، في حادث أجّج التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا. وعلى عكس جبهات القتال البري في أوكرانيا، فإنّ المواجهة في البحر الأسود قريبة من حدود الأطلسي، وتالياً تنطوي على مخاطر حصول صدام روسي- أطلسي. ويقول السفير الأميركي السابق لدى حلف الأطلسي إيفو دالدار، الذي يدير الآن مجلس شيكاغو للشؤون العالمية: "البحر الأسود هو الآن منطقة نزاع- ومنطقة حرب ذات صلة بحلف الأطلسي، على غرار غرب أوكرانيا". الأحداث الجارية في البحر الأسود في الأسابيع الأخيرة، بحسب ما ترى صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، "قد تترك مضاعفات على أسواق الطاقة العالمية وإمدادات الغذاء. كما أنّها ستشكّل تحدّيات جديدة لحلف الأطلسي"، بحيث يكون قادراً على ضمان حرّية الملاحة، من دون التورط مباشرة في نزاع مع القوات الروسية. وذكّرت في هذا السياق بالتحفظات التي كان يبديها مسؤولون في إدارة الرئيس جو بايدن، حيال ضرب أوكرانيا أهدافاً داخل روسيا، بما في ذلك موانئ البحر الأسود، وذلك "خوفاً من أن تؤدي هذه الهجمات إلى تصعيد التوترات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. لكن هذه التحفظات تراجعت، وإن كانت لم تختف". وبذلك، يفرض توسّع الحرب الروسية- الأوكرانية إلى البحر الأسود، معادلات جديدة في هذه الحرب. وتاريخياً، كانت المنطقة تشكّل نقطةً محورية في تطلّعات روسيا الإقليمية، وخاضت حروباً عدة مع دول أجنبية في سبيل تثبيت نفوذها هناك، وتالياً تعزيز مكاسبها الجيوسياسية في أوروبا والشرق الأوسط. وهذا أحد الأسباب التي دفعت بوتين إلى ضمّ شبه جزيرة القرم عام 2014، بعد سقوط حليفه الرئيس الأوكراني فيكتور يانكوفيتش في انتفاضة "الميدان" في كييف. وفي الوقت الحاضر يعتبر بوتين أنّ الدفاع عن القرم مسألة جوهرية في الحرب. بينما تعتبر أوكرانيا في المقابل أنّه من دون إستعادة القرم، سيبقى أي انتصار أوكراني في الحرب منقوصاً. ويزيد هذا من شراسة الحرب وضراوتها، ويشرّع الأبواب أمام تمدّد النزاع إلى دول أخرى. ومهما طغى الحذر، فإنّ الخطأ يبقى وارداً في كل لحظة. والأمل الوحيد بخفض التوتر في البحر الأسود يكمن في إقناع روسيا بالعودة إلى اتفاق الحبوب. لكن مثل هذه العودة تبدو غير متوافرة الآن، إلاّ إذا تمكّن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من إقناع بوتين بالتراجع عن موقفه. لكن هذا التراجع لن يكون بلا ثمن.
ositcom-web-development-in-lebanon

مباشر

عاجل

راديو اينوما