08-08-2023
مقالات مختارة
|
نداء الوطن
ألان سركيس
ألان سركيس
مرّت ثلاث سنوات على انفجار المرفأ الذي هزّ بيروت ولبنان وتردّدت أصداؤه في كل أصقاع العالم، لكنه لم يهزّ الضمائر السياسية اللبنانية، فصار الفراغ هو الحاكم الأول في البلاد والجمهورية تُصارع لكي تبقى، فيما لم يتبدّل أي شيء في علاقات لبنان العربية والدولية.
وفي الذكرى الثالثة للانفجار استفاق الشعب على خبر تحذير السعودية وعدد من الدول العربية رعاياها بعدم السفر إلى لبنان، ما أعاد إلى الأذهان صورة القطيعة أو شبه العزلة التي عاشها لبنان بعد وصول محور «الممانعة» إلى السلطة.
بعد وقوع انفجار 4 آب خرج رئيس الجمهورية آنذاك العماد ميشال عون بتصريح آملاً فكّ العزلة عن لبنان، ومثله فعل الحلفاء، لكن النتيجة كانت عدم حصول تغيير في السياسة الداخلية وعدم تجاوب الخارج مع المنظومة الحاكمة، فبقي لبنان شبه معزول. لم يُحدث الإنفجار الصدمة السياسية المطلوبة، بل تراجع الوضع، وعادت المنظومة الحاكمة لتُمسك برقاب البلاد والعباد. حتى العدالة لم تتحقّق والخشية من أن تكون دماء الشهداء قد ذهبت هدراً.
منذ 3 سنوات كان هناك حدّ أدنى من مؤسسات الدولة، أما اليوم فالدولة شبه مفككة وغائبة. ومنذ 3 سنوات كان هناك رئيس جمهورية ولو لم يكن على قدر الآمال، أما اليوم فرأس الجمهورية غائب. وفي 4 آب 2020 كانت هناك حكومة برئاسة حسّان دياب حتى لو لم تكن تقوم بالمطلوب، أما حالياً فالبلاد تحكمها حكومة تصريف أعمال «مبتورة» تتولّى صلاحيات رئيس الجمهورية وتستعملها وفق أهواء المنظومة الحاكمة ولا تستطيع طمأنة اللبنانيين والعرب، ولم يسارع الرئيس نجيب ميقاتي مثلاً إلى الإتصال بالرياض لاكتشاف خلفية قرار منع السفر.
لم تستطع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي معالجة الأوضاع الإجتماعية والمالية والنقدية والعلاقات مع الجوار عندما كانت حكومة فعلية، فكيف الحال عندما أصبحت حكومة تصريف أعمال في ظل غياب رئيس الجمهورية؟! لذلك صار الوضع أسوأ مما كان عليه لحظة انفجار مرفأ بيروت، وارتفع منسوب معاناة الشعب اللبناني، وبقي الأفق السياسي مسدوداً. فلا يزال «حزب الله» هو المتحكّم الأول بكل الإستحقاقات، وعلى رأسها إنتخاب رئيس جمهورية جديد، ولا تزال المنظومة التي جدّد لها الشعب في انتخابات 2022 النيابية تسرح وتمرح من دون حسيب أو رقيب. فكان القرار السعودي والخليجي كاعتراف بوقوع لبنان تحت سلطة النفوذ الإيراني.
وعلى وقع التوتر الإقليمي وعدم اصطلاح العلاقات الخليجية - السورية والخليجية - الإيرانية، يبدو أنّ لبنان دخل مرحلة جديدة من اللامبالاة العربية نتيجة السياسات المتبعة. ولم ينجح مجلس النواب في انتخاب رئيس إصلاحي وسيادي كما تُنادي الرياض، لذلك تؤكد المعلومات بقاء الموقف العربي هو نفسه بالنسبة إلى لبنان، وبالتالي لا مساعدات مالية.
ومن جهة ثانية، ينتظر الخليج من لبنان إتخاذ إجراءات أمنية وسياسية، والغضب السعودي على سوريا في قضية ضبط تهريب الكبتاغون ينطبق على لبنان الذي يُستخدم مصنعاً وممرّاً رديفاً لعبور الكبتاغون إلى السعودية وبقية دول الخليج.
ولا يستطيع أحد توقّع المدى الذي قد تتّخذه الإجراءات الخليجية، فالموضوع لم يعد محصوراً بالأمن، بل السياسة تلعب لعبتها، في حين يبدو أنّ فترة السماح العربية انتهت، والآتي أصعب في ظل غياب سلطة غير قادرة على المعالجة، بل تزيد توتّر الأمور.
ولا تملك أي جهة رسمية لبنانية الجواب الواضح لبيانات التحذير الخليجية، علماً أنّ الدول الفاعلة في لبنان تعرف محدودية تأثير إشتباكات عين الحلوة، كما أنّ السياح العرب يقصدون مناطق الاصطياف الآمنة والمعروفة أنها تحت سلطة الدولة وليست مناطق الإشتباك، لذلك يحتاج الموقف الخليجي إلى بعض الوقت ليتضح أكثر.
أخبار ذات صلة