31-07-2023
صحف
|
الجمهورية
فيما خَطر الفراغ الرئاسي مستمر، مُتزامناً مع استمرار الانهيار الذي تعيشه البلاد على كل المستويات في انتظار أن تنجح المساعي الداخلية والخارجية في تحقيق انجاز الاستحقاق الرئاسي، ينتظر ان يتجاوز لبنان اليوم قطوع الفراغ في سلطته النقدية والمالية بانتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة التي دامت 30 عاماً، وتَولّي نائبه الاول الدكتور وسيم منصوري مهماته التزاماً بموجبات قانون النقد والتسليف، بحيث ينطلق الجميع بمهمة ستستمر الى حين انتخاب رئيس جمهورية جديد، ليتمّ بعد ذلك تعيين حاكم جديد للمصرف وفق الاصول القانونية التي تُلزِمه بقسم اليمين القانونية امام رئيس الجمهورية.
وفي ظل هذه الاجواء، أكد قداسة البابا فرنسيس، أمس، انه «يصلي من أجل إيجاد حل للأزمة في لبنان». وأوضح بعد تلاوة صلاة التبشير الملائكي للمُحتشدين في ساحة القديس بطرس، بأنه «ستصادف يوم الرابع من آب المقبل ذكرى مرور ثلاث سنوات على الانفجار المدمّر في مرفأ بيروت. أُجدّد صلاتي من أجل الضحايا وعائلاتهم التي تبحث عن الحقيقة والعدالة». ونقل موقع أخبار الفاتيكان عن قداسته، قَوله عن الأزمة اللبنانية: «آمل أن تجد أزمة لبنان المعقدة حلاً يليق بتاريخ وقِيَم ذلك الشعب، ولا ننسى أنّ لبنان هو رسالة».
لم يسجل أمس أي تطور بارز على جبهة الاستحقاق الرئاسي، وبحسب معلومات لـ«الجمهورية» فإنّ الموفد الفرنسي ينتظر اجوبة الافرقاء الذين التقاهم عن الاسئلة التي كان قد وَجّهَها اليهم حول الملفات التي ينبغي ان تكون محور اهتمام الرئيس العتيد في بداية عهده، وعن المؤهلات الواجب توافرها في هذا الرئيس والتي تُمَكّنه من معاجلة هذه الملفات، حتى اذا تلقى الرجل هذه الاجوبة يعمل على اجراء تقاطعات فيما بينها، قبل ان يعود الى بيروت لوضع الجميع في الخلاصات التي توصّل اليها والبحث معهم فيها، وفي ضوء النتائج تتحدد امكانية الدعوة الى انتخاب الرئيس الجديد.
الى ذلك تستمر الاوساط السياسية على اختلافها في تَتبّع مجريات الحوار الدائر بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، حيث يتقدّم هذا الحوار بخُطى واثقة ويتوقع ان تتبلور نتائجه في وقت ليس ببعيد، وتحديداً قبل عودة الموفد الفرنسي لرعاية تشاور بين الافرقاء المعنيين بالاستحقاق الرئاسي، يفترض ان يمهّد الى انعقاد مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد.
واعلن رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل من مخيم الشباب في بشتودار، استعداده «للتضحية باسم رئيس الجمهورية فقط لا بموقع الرئاسة او بصلاحياتها، مقابل مَكسَبين للبنان: اللامركزية الادارية والمالية الموسعة والصندوق الائتماني»، مشدداً على ان ذلك «ليس مُقايضة ولا تنازلًا انما من أجل تحصيل حقوق اللبنانيين وأموالهم»، وقال: «لنا الشرف ان نقوم بمعركة حقيقية لتطبيق اللامركزية التي أُقِرّت منذ 33 سنة ولم تُنفّذ بعد. كما حققنا الشراكة في قانون الانتخاب والحكومات ورئاسة الجمهورية سنحقق للبنانيين اللامركزية الموسعة شاء من شاء وأبى من أبى».
وعن الصندوق الائتماني، قال: «لنا الفخر انّ الرئيس ميشال عون هو مَن طرحه في الورقة الاقتصادية بعد ثورة ١٧ نشرين. وهو يقضي بحفظ أصول الدولة وملكيتها فيما تتم ادارتها من القطاع الخاص ما يسمح بتحسين ايرادات الدولة وردم جزء من الفجوة المالية واعادة الأموال للمودعين. الدولة مفلسة والحل لا يكون ببيع املاكها إنما بحسن ادارتها. والصندوق الائتماني لا علاقة له بالصندوق السيادي الذي أُقرّ العام ٢٠٢٢ في قانون استخراج النفط والغاز».
جنبلاط عند البخاري
في غضون ذلك التقى السفير السعودي وليد البخاري في دار السفارة السعودية في اليرزة مساء امس النائب السابق وليد جنبلاط ونجله رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي تيمور جنبلاط والنائب وائل ابو فاعور، وتخلل اللقاء عشاء، وتم عرض لأهم المواضيع السياسية والأزمة الرئاسية وسبل الخروح منها.
نحن مغفّلون
وسأل البطريرك الماروني الكاردينال ما بشارة بطرس الراعي في عظة الاحد من الديمان: «هـل من احد يشرح لنا لماذا لا يلتئم المجلس النيابي في جلسات متتالية بدوراتها لانتخاب رئيس للجمهورية بحسب المادة 49 من الدستور، ويوجد مرشحان اساسيان كفؤان كما ظهر في جلسة 14 حزيران الماضي؟ فإمّا ينجح واحد منهما وإما لا احد، ولكن بعد ثلاث دورات متتالية على الاكثر، يصار الى الاتفاق على ثالث بحوار مسؤول. وهل من يقول لنا لماذا أُبطل النصاب في تلك الجلسة التي كادت ان تكون حاسمة؟ وهل من يشرح لنا الغاية من ترحيل هذا الاستحقاق الاساسي لقيام مؤسسات الدولة الى شهر أيلول؟ أهي عطلة شهر آب للسادة النواب، للاستجمام بحرًا وجبلًا وسفرًا، فيما الشعب يموت جوعًا، والدولة في حالة الفوضى الدائرة، والنازحون السوريون يحتلون البلاد بدعم من الاسرة الدولية، ونحن مغفّلون، وهم متناسون ارضهم ووطنهم وتاريخهم وثقافتهم».
مصرف لبنان
في هذه الاثناء ينتظر ان تنتهي ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة اليوم، ليتسلم مهماته نائبه الاول الدكتور وسيم منصوري الذي صرفَ النظر عن الاستقالة، وقَرّر تَحَمّل المسؤولية في ضوء اتفاق مع رئيسي المجلس النيابي والحكومة لتأمين كل المستلزمات القانونية والتشريعية لتسهيل مهمة مصرف لبنان، من دون حصول اي تصرف بما هو مُتبَقّ من الاحتياط الالزامي من العملات الصعبة في مصرف لبنان الا بموجب اقتراض بمبلغ محدود لا ينتجاوز 200 مليون دولار ولمدة 3 اشهر، وذلك لتأمين رواتب الموظفين والادوية لامراض المزمنة وغيرها من المسلتزمات الضرورية على ان تعيدها الحكومة الى مصرف لبنان في مهلة اقصاها سنة.
وعلمت «الجمهورية» ان منصوري أعَدّ خطة تساعد الحكومة على تأمين المداخيل التي تمكنها من رد المبالغ التي ستقترضها من مصرف لبنان، مؤكدا فيها حرصه على اموال المودعين وعدم المس بها. وهذه الخطة تحظى بمواكبة دولية عموما واميركية خصوصا، بحيث سيكون هناك اكثر من مصرف اجنبي مراسل لدعم مصرف لبنان، وان الاميركيين تعهدوا التشجيع والمساعدة في هذا الاتجاه.
وفي مؤتمره الصحافي اليوم، سيشدد منصوري على ضرورة تعاون الجميع مع مصرف لبنان وتحديدا الحكومة ومجلس النواب، كذلك سيُشدد على وجوب انطلاق ورشة اصلاحية جددة والقطع مع مرحلة دامت 30 عاماً والعبور الى مرحلة جديدة عبر اعتماد قوانين جديدة في موضوع تمويل الدولة.
جلسة لموازنة الـ 2023
في هذه الأجواء ينعقد مجلس الوزراء عند الرابعة من عصر اليوم بنصاب كامل، بعدما اعلن الأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكية أن الاجتماع مخصص لمتابعة البحث في مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2023.
ولفتت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» الى انّ رئيس الحكومة سيستهل الجلسة بكلمة يتوجه فيها الى الوزراء، شارحاً للظروف التي أملت عليه الدعوة الى تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان المركزي من دون ان يوجّه اللوم الى الوزراء المقاطعين الذي عطّلوا نصابها. ويتوجه بالدعوة الى جميع الوزراء من دون استثناء بضرورة التحضير لمشاريع القوانين التي يطالب بها نواب حاكم مصرف لبنان، لافتاً الى الاسباب الموجبة التي أدت الى مطالبتهم بتسهيل مهماتهم ليتمكنوا من الامساك بالمهمة الصعبة التي يواجهونها، وانّ على الحكومة واجب التعاون مع المجلس النيابي لهذه الغاية.
وقبل خمس ساعات على موعد الجلسة سيعقد منصوري مؤتمره الصحافي في مصرف لبنان يحوط به زملاؤه الثلاثة، من اجل إطلاق سلسلة مواقف تحكم المهمة التي سيتسلمها بدءاً من صباح غد، وسيتناول عناوين عدة تقرر اعتمادها من دون الدخول في التفاصيل العملية، مع ترجيح الإشارة الى استمرار العمل بالتعاميم التي اصدرها سلامة كما بالنسبة إلى منصة صيرفة ولمهلة غير محددة.
وقالت مصادر قريبة من نواب الحاكم لـ«الجمهورية» انّ فكرة الاستقالة، التي أسقطها نواب الحاكم الثاني والثالث والرابع من حساباتهم، انسحبت على موقف النائب الاول ايضا على رغم من الضغوط التي مُورسَت عليه لكي يستقيل منعاً لأي «محاكمة سياسية» سيتعرض لها الفريق السياسي المنتمي إليه قبل الحديث عن أي معايير مالية او نقدية. وتبين ان الاستقالة او عدمها لن تغير شيئاً في الواقع الذي سينشأ بتسلمه مهمات الحاكم بالإنابة بعد ان يغادر الحاكم الأصيل مكتبه مع نهاية الدوام اليوم، مُنهياً إقامة فيه استمرت ثلاثين عاما متواصلة.
وقالت المصادر عينها انه من المُبكر الكشف عن كل التفاهمات التي تحققت مع رئيس حكومة تصريف الأعمال ومباركة رئيس مجلس النواب، ولن يتطرق اليها منصوري اليوم في انتظار المراحل التي تواكب التنفيذ كان قد تعهّد بها رئيسا المجلس والحكومة.
ورفضت المصادر التأكيد أن النفي لجهة التعديلات المقترحة على بعض التعاميم المصرفية لا سيما التعميم 158 برفع حصة المودع من 400 دولار أميركي فريش الى 800 دولار شهرياً في انتظار ما تُقرّه الحكومة من مشاريع قوانين، وبعد البت بها في المجلس النيابي، لافتة الى أن الحديث المسبق عن مثل هذه الخطوات خطأ لا يمكن ارتكابه قبل توفير الأجواء المواتية لأي خطوة من هذا النوع.
وانتهت المصادر الى القول انها على ثقة بأن يَفي رئيس الحكومة بالتزاماته تجاه نواب الحاكم، خصوصا لجهة تجهيز مشاريع القوانين التي تسمح للدولة بالاقتراض من الاحتياط الالزامي في مصرف لبنان بما قيمته 600 مليون دولار لثلاثة اشهر، وآلية اعادة الاموال اليه وفق خطة واضحة.
«تحالف متحدون»
وتزامناً مع الجلسة المخصصة للموازنة العامة للعام 2023، يعقد عند الرابعة بعد ظهر اليوم في مركز «تحالف متحدون»، وبدعوة منه لقاء مشتركاً بين ممثلي مجموعات من المودعين والمحامين للبحث في الإجراءات التي ينوي نواب حاكم مصرف لبنان اتخاذها في المرحلة المقبلة، وإطلاق مقاربة جديدة لاستعادة ودائع الناس تحت عنوان «الودائع يجب أن تعود لأصحابها بعملة الإيداع مع ملحقاتها والاقتطاعات غير المشروعة منها ومع التعويض عن خسائر الليرة».
عين الحلوة
من جهة ثانية قتل ستة فلسطينيين بينهم قائد عسكري في حركة «فتح»، في اشتباكات اندلعت في مخيم عين الحلوة ليل امس الاول وتجددت امس.
فقد قتل القائد العسكري في «فتح» اللواء أبو أشرف العرموشي مع أربعة من رفاقه في مكمين الأحد، وفق ما أفاد القيادي في الحركة منير مقدح لوكالة «فرانس برس». وذلك بعد معارك ليلية داخل المخيم بين عناصر من «فتح» وآخرين من مجموعات إسلامية.
ونعت حركة «فتح» في بيان العرموشي ورفاقه مهند قاسم وطارق خلف وموسى فندي وبلال عبيد «الذين اغتالتهم أيادي الغدر والإجرام والإرهاب بعملية آثمة جبانة».
ونقلت «فرانس برس»، عن مصدر فلسطيني في المخيّم، انّ اشتباكات دارت ليل السبت ـ الاحد بين عناصر من حركة «فتح» وآخرين من «جماعة الشباب المسلم»، في المخيّم، تسبّبت بمقتل عنصر في الجماعة وجرح ستة أشخاص آخرين بينهم قيادي إسلامي.
وأعلن الجيش اللبناني إصابة أحد عناصره في سقوط قذيفة هاون مصدرها الاشتباكات في المخيم «داخل أحد المراكز العسكرية، ما أدى إلى إصابة أحد العسكريين بشظايا، وحالته الصحية مستقرة».
وفي «حصيلة أولية» للاشتباكات بلغت ستة قتلى وأكثر من ثلاثين جريحا، وقد طاول الرصاص الطائش أحياء ومنازل في مدينة صيدا وكذلك انفجر عدد من القذائف في محيط المخيم ما ادى الى وقوع اصابات.
واعتبر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في بيان أن «توقيت الاشتباكات الفلسطينية قي مخيم عين الحلوة، في الظرف الاقليمي والدولي الراهن مشبوه، ويندرج في سياق المحاولات المتكررة لاستخدام الساحة اللبنانية لتصفية الحسابات الخارجية على حساب لبنان واللبنانيين». واضاف أنّ «تزامن هذه الاشتباكات مع الجهود التي تبذلها مصر لوقف الخلافات الفلسطينية-الفلسطينية هو في سياق الرسائل التي تستخدم الساحة اللبنانية منطلقاً لها». وطالب ميقاتي «القيادات الفلسطينية بالتعاون مع الجيش لضبط الوضع الأمني وتسليم العابثين بالأمن الى السلطات اللبنانية».
وخلال اجتماع للفصائل الفلسطينية ضم ممثلين لحركة «فتح» وشارك فيه ممثلون لحركة «أمل» وحزب الله، تم الاتفاق على وقف إطلاق النار اعتبارا من السادسة مساء وعلى اثره سجل بعده تراجع في وتيرة الاشتباكات.
نتنياهو يهدد
على صعيد آخر علّق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتناياهو على خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أمس بالقول «إنه في ساعة الامتحان سيجد إسرائيل متراصة كتفا إلى كتف»، مشيراً الى ان «نصرالله يعلم أيضا أنه من غير المجدي له وللبنان أن يختبرنا».
وكان نصرالله قد وجّه أمس الاول تحذيرا لإسرائيل خشية أن «تتخذ خطوة حمقاء» قد تُشعِل الجبهة الجنوبية. فيما أوضح نتنياهو رداً على ذلك أنه سيبحث مع المسؤولين الكبار في الجيش الإسرائيلي ووزير الأمن يوآف غالانت في «طريقة التعاطي مع هذه التهديدات».
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار