29-07-2023
مقالات مختارة
|
نداء الوطن
سناء الجاك
سناء الجاك
صدر الفرمان. علينا انتظار أيلول. هذا ما أسفرت عنه حصيلة لقاءات الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لو دريان خلال زيارته الثانية إلى الربوع اللبنانية
وفي الانتظار فلنبحث عن وسائل بدائية لمواجهة آب اللهاب، ولنبتهج مع القراءة المعمقة لتلاوين البسط والانشراح والضحكات التي تفتح "كوة" في جدار العبوس المعهود للحاج محمد رعد، ونكاد نسمع صدى تردداتها من خلال الصورة على رغم مراسم حزن عاشوراء خلال لقاء لو دريان وكتلة "الوفاء للمقاومة".
وليس ضروريا أن نسأل عن ابتسامات لو دريان العريضة، لعل الحاج لم يخبره أن "حزب الله" لا يزال على موقفه. "ولم يغيِّر ولن يبدّل"، ويجب على "البعض أن يتراجعوا عن قناعاتهم التعطيلية.. وعسى أن ننتظر فرجاً يأتينا، وإلهاماً يدفع البعض للتراجع عن أخطائه".
ولنركن إلى "الكوة التي فٌتِحت في جدار الرئاسة"، والتي تحدث عنها رئيس مجلس النواب نبيه بري.. بالتأكيد شأنها عظيم، فهي وان بقيت أقل من نافذة، وهي وإن كانت لا تملك سحر الأبواب التي تفتح على مصراعيها باتجاه الحلول والانفراجات، إلا أنها تكسر الانسداد.
"والكوة" لها رديف في اللهجة اللبنانية، هو "الطاقة" التي أخبرني، ذات تحقيق استقصائي، أحد السجناء عن مفعولها، إذ كانت تقبع أعلى جدار زنزانته في أحد سجون لبنان التعيسة المواصفات، وعندما تصل إليها الشمس يسارع نزلاء الزنزانة إلى اصطياد أشعتها بمرآة حتى تنعكس إلى عمق الغرفة. ويتناوب النزلاء على الوقوف في مرمى الانعكاس ليتخلصوا من الرطوبة التي تفتك بهم.
وهي أيضا مصدر وحي للراحل نصري شمس الدين، فهو عندما كان يطلب موعدا من حبيبته، كان يخبرها ان كل العشاق ينامون وهو سهران على "الطاقة".
بالتالي، فإن لهذه الوسيلة الخارقة للانسداد قوى مفيدة في هذه المرحلة المتشنجة من الأزمة. ويمكن استخدامها برج مراقبة لكواليس الاتجاهات الجديدة لمعالجة الأزمة اللبنانية على خطَّي التنافس غير المعلن بين الجهود الفرنسية من جهة والقطرية من جهة أخرى، بحيث تُبنى على التطورات المتولدة منها مقتضات كل طرف من أطراف السلطة المتحكمين بالأزمة.
ونحن علينا أن نركن إلى حكمة هؤلاء المتحكمين من دون إغراق في التحليل والتوقعات بشأن مصير الليرة والدولار بعد انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.. ومع اللقاءات الماراتونية لإقناع نوابه بالتراجع عن الاستقالة، والتي أثمرت خيرا، على ما يبدو.
صحيح أنّ البلد لم يعد يمتلك ترف الوقت والمماطلة والتعطيل، إلا أن الذين أوصلوه إلى هذا الانهيار لا يعتبرون الوقت إلا وسيلة فعالة للفوز في لعبة عض الأصابع التي تدور فيما بينهم.. وهم ملوك المماطلة والتعطيل التي يدفع ثمنها "الأغبياء" الذين انتخبوهم وأعادوهم إلى مواقعهم.. والأهم أنهم يملكون الترف ويغرقون في البحبوحة والرخاء والهناء بفضل الأموال التي سرقوها من خزينة الدولة.
وليس علينا أن نشغل بالنا كثيرا بأحلام لا "طاقة" يمكننا النفاذ منها إليها. فلنكتفِ بكل هذا التهليل والتغني بموسم الصيف الواعد، وبدولارات المغتربين والسائحين، حتى لو شكلت فرجا آنيا وانتعاشا اقتصاديا وهميا، ولاحقين على الهم والكرب.
فلنهدأ قليلا، ونكبت غضبنا مع اقتراب ذكرى جريمة تفجير مرفأ بيروت في الرابع من آب، ولنأمل أن تتفتق قريحة مسيو لو دريان خلال إجازته، عن حل سحري ينتشل لبنان من انهياره المتمادي.. فنحن نحب الحلول السحرية والمعجزات والأساطير، ونحب المواعيد التي يفترض أن تعود مع "حوار أيلول" وورقه الأصفر، لعل بعض وريقاته تتسلل من "كوة" بري إلى يأسنا وتصير ذهبا عتيقا بين أيدينا فتفرح.. ولو قليلا
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار