28-07-2023
None
الجميل لم ينفِ، في حديثه إلى القبس، تخوّفه من تفكك المعارضة، وتكرار الخطيئة السابقة، موضحاً في المقابل أهمية التنسيق الدائم بين أطرافها، والعمل على وضع تصور مشترك للمرحلة المقبلة.
وفي رد على الدعوات بشأن الحوار، يسأل الجميل: «هل تقبل أي دولة في العالم أن تحاور ميليشيا مسلحة تقرر عنها مصير الدولة والشعب؟». وفي ما يلي تفاصيل المقابلة الكاملة:
مجلس شورى الدولة أصدر قراراً بإلزام وزير المال تسليمكم تقرير التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان فهل ذلك انتصار لكم أم للمعارضة أم للرئيس ميشال عون الذي خاض معركة التدقيق الجنائي؟
القضاء انتصر للشعب اللبناني لأن أموال مصرف لبنان هي أموال اللبنانيين، ومن حقهم أن يعرفوا كيف أُنفقت أو أُهدرت. القرار انتصار لمنطق المحاسبة، ولقدرة المجلس النيابي على القيام بدوره الرقابي والتشريعي، وأثبت أن بعض القضاة يملكون الجرأة للذهاب في قناعاتهم حتى النهاية.
• ما هو المسار الذي ستسلكه هذه القضية بعد قول القضاء كلمته؟ وهل تعتقد أن الوزير سينفّذ هذا القرار؟
نحن بانتظار أن يلتزم الوزير بالتنفيذ، بعدما تم إبلاغه بالقرار القضائي. أما في حال تمنّعه عن تسليمنا تقرير شركة التدقيق الجنائي فسنطالب بغرامات إكراهية، كما سنواصل الضغط عليه.
في الحقيقة لا أعتقد أن وزير المال سيرضخ، لكن نحن مستمرون في هذه المعركة، لأنه من حقنا أن نعرف أين أُهدرت أموال اللبنانيين. وأذكر أننا منذ لحظة المطالبة بالتدقيق الجنائي -نعترف أنه من الإنجازات التي قام بها الرئيس ميشال عون- كنا من الداعمين لهذا المسار، وطالبنا بأن يشمل التدقيق كل الوزارات والإدارات الرسمية، للكشف عن كل الصفقات، التي كانت تجري فيها.
• لبنان في شغور رئاسي منذ 9 أشهر وحكومة تصريف الأعمال مُتَنازع على صلاحياتها والمجلس النيابي شبه معطل ألا تكشف هذه الأزمات خللاً عميقاً في النظام يتطلب الذهاب إلى عقد اجتماعي جديد؟
كل هذه الأزمات ليست وليدة خلل في النظام السياسي. قد يكون النظام مسؤول عن 20 في المئة من مشاكلنا. ليس النظام السياسي ما يمنع انتخاب رئيس جمهورية، بل محاولة «ح ز ب ا ل ل ه» فرض هيمنته على باقي المكونات اللبنانية. منطق الاستقواء والهيمنة هو الذي يمنع البرلمان من الانعقاد، وإلا كنا عقدنا دورات متتالية، وانتخبنا رئيس جمهورية.
«حزب الله» يضرب مبدأ المساواة بين اللبنانيين، هو من يقرر عنهم، وهو من يمتلك القدرة على تعطيل الاستحقاقات الدستورية، وعلى جر البلد إلى حرب، فيما الآخرون تحت سقف القانون. نحن اليوم أمام خيارين: إما الرضوح أو المواجهة، فبمجرد أن نسلم لمشيئة «ح ز ب ا ل ل ه» سيُصار إلى انتخاب رئيس جمهورية، لكن في المقابل نكون سلمنا البلد إلى «ح ز ب ا ل ل ه»، ووضعناه في محور الممانعة، وهذا ما لن يحصل.
• هل أثمرت مواجهة «ح ز ب ا ل ل ه» توحيد المعارضة على مرشح رئاسي؟
توحدنا بداية على دعم ترشيح النائب ميشال معوض للرئاسة، وهو من يمثل تطلعاتنا السياسية، ولنبرهن عن حسن نية ونكسر الجمود الحاصل، تراجعنا عن معوض، ودعمنا الوزير السابق جهاد أزعور، باعتباره مرشحاً توافقياً.
سياسة الانفتاح على الفريق الآخر ومد اليد ووجهت بالتخوين والتعطيل، وبمزيد من الاستقواء والفجور السياسي.
هم مستمرون في هذا المنطق حتى هذه اللحظة، حيث تتحفنا قيادات «ح ز ب ا ل ل ه» بتصاريح يومية، تتهمنا بتنفيذ أجندات صهيونية وغربية.
• تقاطعتم كقوى معارضة مع التيار الوطني الحر على تأييد جهاد أزعور، فهل ما زال هذا التقاطع قائماً؟ النائب آلان عون صرح بأن أزعور كان محاولة لم تصل إلى نتيجة، فهل هذا مؤشر للانسحاب من هذا التقاطع؟
لا يزال جهاد أزعور مرشحنا، بتأكيد من كل الأفرقاء الذين دعموا هذا الترشيح، وقد تبلّغت رسمياً من التيار الوطني الحر بأنهم مستمرون في هذا الخيار، كما من باقي الأحزاب ومن النواب المستقلين والتغييريين.
• بيان اللجنة الخماسية من أجل لبنان، التي اجتمعت في الدوحة، يلاقي إلى حد كبير مطالبكم، وهو أغفل الدعوة إلى الحوار كشرط لانتخاب رئيس للجمهورية، وشدد على الاحتكام إلى الدستور لانتخابه، لكنه دعا في المقابل إلى انتخاب رئيس يوحّد اللبنانيين، فما رأيك؟
نحن أيضاً نريد رئيساً يوحّد اللبنانيين. جهاد أزعور ليس محسوباً على أحد، وأيّده التيار الوطني الحر، حليف «حزب الله». وبالتالي، هو قادر على جمع اللبنانيين. المشكلة أن «ح ز ب ا ل ل ه» يريد رئيساً مطواعاً، لا رئيساً يوحّد اللبنانيين.
• الموفد الرئاسي الفرنسي في بيروت التقيتم به، فهل سمعتم منه أي جديد يخص الملف الرئاسي، علماً بأن الخارجية الفرنسية اعتبرت أن مهمته هي البحث عن حل توافقي؟ وهل يعني ذلك أن المرحلة السابقة طويت، وأن البحث جار عن خيار ثالث؟
التقيت لودريان، وأفضّل أن تبقى المداولات بيننا سرّية. كمعارضة، دعمنا الوزير السابق جهاد أزعور، باعتباره خياراً ثالثاً، وليس مرشح مواجهة. فليطرح الثنائي الشيعي اسماً توافقياً كما فعلنا.
• بيان اللجنة الخماسية أيضاً ذكّر بتنفيذ اتفاق الطائف، فهل حزب الكتائب لا يزال مقتنعاً بمرجعية الطائف؟
الدستور اللبناني هو النص الأعلى الذي ينظم الحياة السياسية. صحيح أن النظام بحاجة إلى تطوير، لكن من ضمن الآليات الدستورية. والدستور يتضمن في جوهره آليات التعديل.
• هذا يستوجب حواراً لبنانياً – لبنانياً، فهل أنتم مع عقد هذا الحوار؟
نعم، إنما ليس بغياب رئيس الجمهورية.
• هل سيكون للبنان رئيس في المدى المنظور؟ «ح ز ب ا ل ل ه» يقول لكم «لا تجرّبونا.. نَفَسنا طويل»؟
ونحن نَفَسنا أطول. بالنسبة لنا، ليس وارداً عندنا الخضوع لمنطق الابتزاز والتهويل والتخوين، هل المطلوب أن نقر بمرجعية «ح ز ب ا ل ل ه»؟ هل توافق كل الدول التي تعطينا دروساً بضرورة الحوار أن تحاور ميليشيا مسلحة، وأن يقرر فريق فيها مصير الدولة والشعب؟
أما عن انتخاب رئيس في المدى المنظور، فنعم، سيكون لدينا رئيس جمهورية عندما يقرر «ح ز ب ا ل ل ه» وقف التعاطي بمنطق الفرض والهيمنة على البلد. عندما يستخدم الأطر الديموقراطية، وليس القوة في فرض خياراته على باقي المكونات اللبنانية.
• كيف تقيّمون السياسة الفرنسية؟ وما رأيك بتصريح السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو حين توجهت بكلام غير مسبوق إلى اللبنانيين، وتحديداً القوى المسيحية؟
لم أسمع تصريح السفيرة الفرنسية. الفرنسيون يسعون إلى إيجاد حلول للمأزق السياسي. المشكلة تكمن في أنهم ينطلقون في محاولاتهم هذه من تجربة الـ2016 (انتخاب الرئيس ميشال عون) التي استعمل فيها «حزب الله» الأدوات نفسها التي يلجأ إليها اليوم، أي التعطيل، معتقداً أن الجميع سيخضعون لإرادته في نهاية المطاف. المعادلة الفرنسية تقول «لماذا إضاعة الوقت؟ فليذهب اللبنانيون إلى هذا الخيار». الفرنسيون يستنسخون التجربة السابقة، ونحن نؤكد لهم أن هذا الأمر لن يتكرر، على أمل أن تبقى المعارضة متماسكة وثابتة على هذا الموقف.
• هل تتوجس من تضعضع المعارضة أو انقلاب أحد الأطراف على هذه المواقف؟
لدينا تجربة مرة في هذا الخصوص. عام 2016 عارضنا كلنا انتخاب ميشال عون، وفي نهاية المطاف بقينا وحدنا في المواجهة. اليوم نفتح صفحة جديدة، ولدينا فرصة لتوحيد المعارضة، على أمل ألا يرتكب أحد أطرافها الخطيئة السابقة نفسها.
• بالمناسبة كيف أصبحت العلاقة مع «حزب القوات اللبنانية»؟ ولماذا لم تلتق رئيس الحزب سمير جعجع بعد؟
نحن على تواصل دائم في كل المواقف، اللقاءات غير مهمة، إنما التنسيق قائم، ونسعى إلى وضع تصوّر مشترك للمرحلة المقبلة.
• لماذا نشهد توتراً دائماً على جبهة المعارضة وبعض التغييريين، مع العلم أنكم كحزب الكتائب كنتم الأقرب إلى الجموع المنتفضة في 2019؟
مشكلة قوى التغيير ليست مع حزب الكتائب، فنحن على تنسيق دائم، بل مع بقية الأفرقاء، وهذه العلاقة تحتاج إلى بناء ثقة.
• تخوّفتم من عودة الاغتيالات، وحمّلتم «ح ز ب ا ل ل ه» المسؤولية، فما الذي استدعى هذه المخاوف؟
التهديد الأمني موجود دائماً. وصلتنا إشارات دفعتني إلى التحذير من عودة الاغتيالات قبل وقوعها.
• بالنسبة لحاكمية مصرف لبنان، هناك فريق يرفض تعيين حاكم جديد بغياب رئيس جمهورية، ونواب الحاكم يشترطون على الحكومة تأمين غطاء قانوني لتمويلها من الاحتياطي الإلزامي، ورغبة لدى البعض بالتمديد لسلامة، فعلى ماذا سيرسو مصير الحاكمية في ظل هذا الانهيار الاقتصادي المتمادي؟
لدينا 3 خيارات: إما التمديد لسلامة، أو تسلّم نواب الحاكم مهامه، أو تعيين الحكومة حاكماً جديداً. وهذه الخيارات تشبه طريقة تخيير أحد ما بشأن الطريقة التي يفضّل أن ينتحر بها. لسنا مضطرين للذهاب نحو حلول انتحارية بينما الحل موجود. حل يسمح بتعيين حاكم جديد، بتشكيل حكومة مكتملة الصلاحيات، باستنهاض البلد ورد الأمل للبنانيين: انتخاب رئيس للجمهورية.
• لماذا لم تنسحب التفاهمات الإقليمية السعودية – الإيرانية أو الخليجية – السورية على لبنان؟
لأننا لم نصل بعد لمرحلة التفاهمات. هي محاولات لوقف التشنّج، وليست حلولاً لمشاكل المنطقة. في لبنان لدينا مشاكلنا الخاصة غير المرتبطة بأي بلد آخر، مشكلتنا في ميليشيا مسلحة تهيمن على قرار البلد.
الكويت انحازت دائماً إلى جانب الشعب اللبناني
في رد على سؤال بشأن الأمور المطلوبة من لبنان لإعادة علاقاته مع الدول العربية إلى سابق عهدها، قال الجميل إن حزب الكتائب تربطه علاقات تاريخية بالدول العربية، خصوصاً دولة الكويت الصديقة، التي كانت دائماً منحازة إلى جانب الشعب اللبناني، وأفضالها كثيرة على لبنان.
وتابع: إن «ح ز ب ا ل ل ه» خرّب العلاقة مع الأشقاء العرب، ونتمنى أن تعود العلاقات بين لبنان وأشقائه العرب إلى سابق عهدها، ونسعى بكل جهدنا لترتيب هذ العلاقات، مدركين أن لبنان لا يمكن أن يتنفّس اقتصادياً وحتى سياسياً من دون التفاعل مع محيطه العربي.
لا كشف لجريمة تفجير المرفأ إلا بتحقيق دولي
قبل أيام من الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت، سألنا الجميل: أين أصبح التحقيق في هذه الجريمة؟ وهل سنكتشف الحقيقة يوماً ما؟ فأجاب: «من دون تحقيق دولي لن نصل إلى الحقيقة. كل الاغتيالات التي حصلت هناك جريمة واحدة، وصل فيها التحقيق إلى نتيجة، هي اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري. وما كنا لنعرف الحقيقة لولا المحكمة الدولية. في دولة اللاقانون والميليشيا والأجهزة الأمنية المتضاربة لا يمكن الوصول إلى أي نتيجة إلا عبر تحقيق دولي. وهناك دعم دولي لهذا الموضوع، ونأمل أن ننتقل إلى إقرار آليات دولية للتحقيق».
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار