مباشر

عاجل

راديو اينوما

ositcom-web-development-in-lebanon

هل بدأت أوكرانيا "تخسر" لعبة الوقت؟

21-07-2023

عالميات

|

النهار العربي

كسر استهداف جسر القرم رتابة المعارك التي اتّسم بها مؤخّراً الميدان في شرق أوكرانيا. لكنّه لم يكسر التوازن السلبيّ الذي يمنع كييف من تحقيق اختراق وازن في الجبهة، كما يمنع موسكو من تحقيق تقدّم ملحوظ في هجماتها التكتيكيّة المضادّة في لوغانسك. اصطدم الغرب بخيبة أمل لازمت الرهان على سرعة تحقيق أوكرانيا نصراً ميدانياً ولو موضعياً. دفع انسداد الأفق هذا، أو ربّما خيبة الأمل، بعض المراقبين إلى إطلاق العدّ التنازليّ لنهاية الهجوم الأوكرانيّ المضادّ.

 

 

 

ما استغلّته "طالبان"

 

في 18 تموز (يوليو)، وتحت عنوان "أوكرانيا والغرب يواجهان هزيمة مدمّرة"، استشهد روبرت كلارك باقتراح المستشار السابق للرئاسة الأوكرانيّة أوليكسي أريستوفيتش عن احتمال تقديم أوكرانيا تنازلات إقليميّة مقابل الانضمام إلى الناتو، ليكتب أنّ الوقت أمام كييف يتضاءل. وأضاف في صحيفة "تيليغراف" أنّ الغرب يواجه تحذيرات "طالبان" السابقة للأميركيّين: "تملكون الساعات، لكنّنا نملك الوقت". ولفت إلى إدراك كييف أنّ نافذة الفرصة تتقلّص كي تصل إلى بحر آزوف وتشطر الخطوط الروسيّة. في الشتاء، سيبدأ "التعب من الحرب" بالانتشار في الغرب.

 

تزامن تحليل كلارك مع تقرير لشبكة "سي أن أن" يعيد تأكيد اقتراب إمكانات دعم الأميركيّين لأوكرانيا من "الخطّ الأحمر" قبل نفاد مخزوناتهم من قذائف 155 ملم المدفعيّة. توقّع خبراء الدفاع الغربيّون أن تتضاءل وتيرة استهلاك أوكرانيا للمدفعيّة خلال الهجوم المضاد، من دون جدوى. عملياً، كانت موافقة الرئيس الأميركيّ جو بايدن على إرسال ذخائر عنقوديّة أبرز دليل إلى وجود مشكلة في الإمدادات.

 

 

 

نفق

 

راهن الرئيس الروسيّ على عامل الوقت والتعب ليخوض حرباً طويلة المدى. الأنباء الواردة من الميدان مريحة نسبياً وكذلك التصدّعات السياسيّة التي ظهرت في قمّة فيلنيوس الأخيرة. بالرغم من أنّ هذين العاملين يستغرقان وقتاً للتبلور عسكرياً وسياسياً، يمكن البناء عليهما لفرض ضغط أكبر على الأوكرانيّين والغرب في الشتاء. لكنّ الخيارات أمام بوتين ليست واسعة هي الأخرى. تمرّد "فاغنر" العسكريّ ثمّ التمرّد "الإعلاميّ" للقائد العسكريّ البارز عن المنطقة الجنوبيّة إيفان بوبوف يتركان ندوباً على معنويّات الجيش الروسيّ. يضاف إلى ذلك التحقيقات التي لا تزال تلاحق كبار الجنرالات الروس على خلفيّة روابط محتملة مع تمرّد "فاغنر". على سبيل المثال، يبقى مكان الجنرال سيرغي سوروفيكين مجهولاً لغاية اليوم. معرفة كيفيّة انعكاس جميع هذه العوامل على سير المعارك متروكة للمستقبل. لكن حالياً تبدو التأثيرات شبه معدومة.

 

 

  

الكاتب في صحيفة "واشنطن بوست" ديفيد إغناشيوس يرى أنّ أوكرانيا لا تزال تملك اليد العليا، ويشير إلى أنّ الاستياء مفهوم لكنّه خاطئ. مشبّهاً هذه المرحلة من الحرب بالنفق، يشير إلى أنّه في هذه المرحلة تُختبر قوّة أعصاب الجيوش. وبعد تحليله "تفكّك" القيادة والإمرة لدى الجيش الروسيّ، كتب أنّ اجتياز أوكرانيا "النفق" منهك لكنّه "يقرّبها" أكثر إلى النور. ويذكّر بأنّ غالبيّة الألوية الأوكرانيّة لمّا تدخل الحرب بعد.

 

 

 

مع ذلك، ثمّة سؤال

 

تترك أوكرانيا هذه الألوية لمرحلة الهجوم الأوسع، أي إلى ما بعد اكتشاف نقاط الضعف التي تحاول حالياً رصدها في الجبهة الروسيّة. لكن إذا كان الروس قادرين على إخفاء نقاط الضعف والاستمرار في إنهاك الألوية الأربعة المشاركة في الهجوم، هل تضطرّ أوكرانيا إلى دفع بعض الاحتياطات إلى الجبهة قبل تحقيق هذا الهدف؟ يعني تطوّر كهذا احتمال استنزاف المزيد من جنودها من دون التمكّن بالضرورة من تحقيق خرق كبير. وليس هذا مجرّد تكهّنات.

 

  

  

يقول "سلطان"، قائد الفوج الثامن والسبعين وهو إحدى الوحدات الخاصّة الأوكرانيّة، في حديث إلى "فايننشال تايمز" البريطانيّة: "بإمكاننا الدفع بعشرة ألوية لكنّ الأمر لن ينجح لأنّ الألغام موجودة في كلّ مكان، عند كلّ نصف متر ثمّة ألغام". و"سلطان" نفسه وقع ضحيّة لأحدها، غير أنّ شجرة أنقذته من معظم الشظايا.

 

 

 

مغالطة "حرب الخنادق"

 

في محاولة لتفسير جمود الوضع الميدانيّ، شبّه مراقبون طبيعة الحرب في أوكرانيا بحرب الخنادق خلال الحرب العالميّة الأولى، والتي أدّت إلى مراوحة قاتلة في الميدان. هذا التشبيه لقي رفضاً من الباحثَين في الشؤون العسكريّة في "مؤسّسة راند" رافاييل كوهين وجيان جنتيلي. وكتبا في "فورين بوليسي" أنّ الحرب الحاليّة تشبه أكثر قتال الجيش الأميركيّ ضدّ القوات النازيّة في النورماندي صيف 1944.

فبعدما نزل الحلفاء إلى شواطئ النورماندي اصطدموا بمراوحة تكتيكيّة لمدّة ستة أسابيع ولم يتقدّموا سوى 19 ميلاً نحو مدينة سان لو. طبيعة الأرض بحسب رأيهما تشبه طبيعة الأرض التي خاض الأميركيّون الحرب فيها، كما أنّ كثافة القوّات الروسيّة المدافِعة (700 مقاتل في الميل الواحد) أقرب إلى كثافة النازيّين في النروماندي (1000 مقاتل في الميل) منها إلى كثافة المدافعين في الحرب العالميّة الأولى (10 آلاف في الميل). ولم يستبعد الكاتبان حصول انهيار في الدفاعات الروسيّة كما حصل مع الدفاعات النازيّة في سان لو بسبب الإرهاق والاستنزاف الكبير، لكن من دون بلوغهما حدّ اليقين.

 

 

 

حيث يكمن الجواب

 

إشكاليّة تشبيه هجوم أوكرانيا المضادّ بهجوم النورماندي هي افتقار كييف إلى الغطاء الجويّ. يعرّض ذلك قوّاتها للمزيد من الخسائر والبطء في التقدّم، الأمر الذي يرفع احتمالات دخول الجيش الأوكرانيّ حلقة سلبيّة مفرغة. بطبيعة الحال، تعاني روسيا نفسها استنزافاً كبيراً، خصوصاً في الجنوب، وهو ما تسبّب بخروج غضب الجنرال بوبوف إلى الإعلام.

من بعيد، يبدو أنّ لكلا الطرفين نقاط قوّة وضعف تفسّر إلى حدّ ما هذه المراوحة القاتلة. متى تنتهي هذه المراوحة، إذا كانت ستنتهي، يبقى أحد أهمّ الألغاز في الوقت الحاليّ. يعتقد كلارك في "تيليغراف" أنّ الوقت يصبّ في مصلحة روسيا، بينما يرجّح كوهين وجنتيلي من "راند" عكس ذلك.

 

للمفارقة، إنّ العامل الوحيد الذي سيكشف ما إذا كان الوقت يصبّ في مصلحة الأوكرانيّين أو الروس هو الوقت نفسه. يبدو أنّه ما على المتابعين سوى الانتظار.

ositcom-web-development-in-lebanon

مباشر

عاجل

راديو اينوما