مباشر

عاجل

راديو اينوما

ositcom-web-development-in-lebanon

"أطفال الكرتونة".. ظاهرة مأساوية تصدم اللبنانيين وتثير مخاوفهم

20-07-2023

محليات

|

الحرة

ضحيتان جديدتان لجريمة اقترفها أقرب الناس إليهما، عثر عليهما قرابة منتصف الليل داخل كرتونة أمام نهر إبراهيم في لبنان، إلى المجهول ألقي بهما، ليصارعا قدرهما من دون أم وأب، وينضمان إلى عدد كبير من الأطفال الذين أجبروا على دفع ثمن علاقة غير شرعية أو عدم قدرة والديهما المادية على تربيتهما.

 

تلقى خادم جمعيّة "سعادة السماء" الأب مجدي علاوي اتصالاً من شخص قرابة منتصف الليل، أطلعه خلاله عن عثوره على الطفلين، فطلب منه بحسب ما يقوله لموقع "الحرة" ملاقاته في مخفر جبيل، حيث فُتح تحقيق بالقضية، وتم أخذ إذن المدّعي العام لنقل الطّفلين اللذين سماهما علاوي، إيلي وإيليان، إلى مستشفى القديسة مارتين في جبيل للاطمئنان على صحتهما"، ومن ثم استقبلهما مركز "بيت الرحمة الإلهية".

 

لم يخرج اللبنانيون من صدمة عثور أحد المواطنين فجر أمس، على رضيعة حديثة الولادة على قيد الحياة يتقاذفها كلب في الهواء، على مقربة من مبنى بلدية طرابلس، حتى صدموا بخبر اليوم، ليطرحوا علامات استفهام فيما إن كانت حالات العثور على أطفال بعمر "الساعات والأيام" بعدما تخلى عنهم آباؤهم وأمهاتهم، جرس إنذار لمدى خطورة الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه سكان لبنان. 

 

رحلة الآلام

على قارعة الطريق، وأمام المساجد ودور الأيتام وفي مكبات النفايات، يتم رمي الرضّع، وهو ما استنكره الأب علاوي، مشدداً على ضرورة أن يسلّم الأهل صغارهم حين يعجزون عن رعايتهم وتأمين احتياجاتهم إلى أقرب مؤسسة أو مخفر، ويقول "الوضع خطير، وهو يعود إلى عدم قدرة الوالدين على تأمين أبسط متطلبات أولادهم من حليب وطبابة وأدوية، إلا أن ذلك لا يبرر رميهم بهذه الطريقة، فحتى الكلب اهتم بالطفلة في الأمس".

 

والشهر الماضي أفادت "اليونيسيف"، بأنّ حوالى 9 من كل 10 أسر في لبنان، لا تملك ما يكفي من المال لشراء الضروريات، مما يجبرها على اللجوء إلى تدابير قاسية للتعامل مع الأزمة الاقتصادية التي تهز البلاد منذ عام 2019 وتتفاقم شيئاً فشيئاً، وذكرت المنظمة في بيان أعقب مسحاً أجرته خلال وقت سابق من العام الحالي، أنه "بالكاد، تستطيع الأسر في لبنان تلبية احتياجاتها الأساسية، على الرغم من خفضها للنفقات بشكل كبير".

 

من جانبها ترى نائبة رئيس المجلس الوطني للخدمة الاجتماعية، سلوى الزعتري، أن أعداد الأطفال الذين يتخلى عنهم آباؤهم لم ترتفع بشكل مقلق، لكن اهتمام الإعلام بمثل هذه الحالات هو الذي ازداد مع الأيام.

 

بعد العثور على لقيط، يُطرح السؤال حول من سيتكفل به ويرعاه، عن ذلك تشرح الزعتري لموقع "الحرة" قائلة "بداية يجب إبلاغ القوى الأمنية لتسجيل إفادة بالحادثة، يشار فيها الى ما يميّز الطفل من علامات فارقة، بعدها ينقل إلى المستشفى لمعاينة وضعه الصحي وإصدار إفادة طبية له، ومن ثم يحدد مصيره، فإما أن يتحول عبر النيابة العامة أو قاضي الأحداث، إلى مؤسسة اجتماعية أو إلى أسرة تتكفل به".

 

وعلى عكس ما يعتقد البعض، يحصل اللقيط على بطاقة هوية، حيث يفرض على المؤسسة أو الشخص الذي يكفله إصدارها له، وهي تضمن رقم سجل، واسماً ثلاثياً مستعاراً من أسماء العلم، أما مكان ولادته فيحدد بحسب المنطقة الذي عثر عليه فيها، وبعد أن كان يُذكر في البطاقة أنه لقيط، تمكّنت المؤسسات الاجتماعية بعد جهد بذلته بالتعاون مع وزارة الداخلية، من شطب هذه الكلمة عنها وعن إخراج قيده وجواز سفره".

 

وعن الصعوبات التي تواجهها المؤسسات الاجتماعية تشرح الزعتري " الوضع صعب جداً، الاحتياجات كثيرة والمدخول قليل، فالسلطة لا تدفع مستحقات هذه المؤسسات، وفي حال صرفت لها جزء منها فإن المصارف تحدد سقفاً للسحوبات، ولولا تبرعات الخيرين لكنا شهدنا اغلاق عدة مؤسسات، مع العلم أن البعض منها اضطر إلى تعليق خدماته".

 

هل يمكن تبني هؤلاء؟

"جمعية سعادة السماء ليس لديها إذن تبني، صلوا لأجلنا"... هي العبارة التي اختارها الأب علاوي كصورة شخصية على حسابه في "واتساب"، وحين سئل عن ذلك علّق "يترك القانون اللبناني مجالاً للعثور على خيط، أي أحد أفراد أهل الطفل، وكجمعية نعمل مع هؤلاء حين يتم العثور عليهم، نساعدهم وندعهم لكي يعيش الطفل في كنفهم".

 

لكن الدين المسيحي يسمح بالتبني بشروط، منها كما يؤكد رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أبو كسم لموقع "الحرة"، "ألا يكون لدى المتبني أولاداً وأن يكون محروماً من الإنجاب ويوجد فارق عمر بينه وبين المتبنَى والذي يفضّل أن يكون صغيراً في السن، وإن كان لقيطاً يجب أخذ موافقة المؤسسة الاجتماعية التي تحتضنه والنيابة العامة، أما إن كان لديه ولي أمر فيجب أخذ موافقته، مع العلم أن أي عملية تبني يجب أن تتم بموافقة السلطة الكنسية والمحكمة الروحية، على ألا يكون هناك أي شكوك بدفع المال مقابل ذلك".

 

أما الإسلام فيتعامل مع هذه الحالات إن وجدت "بإيجابية كاملة وتامة" بحسب مدير عام الأوقاف الإسلامية سابقاً، الشيخ هشام خليفة، ويشرح "أوصانا النبي محمد بأن نكون عطوفين مليئة قلوبنا بالشفقة والرحمة حتى على غير الآدميين فكيف على الأطفال، فالإسلام يدعو المجتمع إلى الاهتمام والعناية بهم والسعي لتربيتهم كبقية الأطفال داخل الأسرة، وذلك من خلال مؤسسات وجمعيات ودور حضانة، وطبعاً في الإسلام الدولة تتكفل بذلك، من هنا يفترض بالسلطة التكفل بهم من خلال الجمعيات الخيرية والأهلية والاجتماعية، وإعطائهم اسما وهو أمر متفق عليه بالقانون".

 

لكن الإسلام يدعو كما يشرح خليفة "إلى تبني هؤلاء الأطفال بالإنفاق عليهم ورعايتهم وتأمين التعليم والطبابة وكل ما يوفّر لهم مستقبل شريف وكريم والاهتمام بشؤونهم حتى يكبروا ليكونوا عنصراً إيجابياً في المجتمع، أما التبني الكامل بمعنى أن يضاف الطفل إلى العائلة وكأنه من لحمها ودمها فيعطى اسم أب ليس هو بوالده، ويصبح له نفس الحقوق في الإرث وغير ذلك، فهذا لا يجوز في الإسلام، فالله يقول في كتابه الكريم (ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله)".

ositcom-web-development-in-lebanon

مباشر

عاجل

راديو اينوما