15-07-2023
صحف
|
الأخبار
لا أحد يناقش في أن إطعام العسكر يسمو على القانون إذا كان هذا الأخير يمنعهم من ذلك. لكن ماذا لو كان اتّباع الطرق القانونية يتيح للمؤسسة أن تحصل على مزيد من الأموال لمساعدتهم أكثر؟ بيع أسلحة، مثلاً، عبر استدراج عروض أو مناقصة كان سيدرّ على المؤسسة العسكرية عائدات كبرى تساعدها في توفير مزيد من الدعم لأفرادها، تماماً كما أن تركيب ألواح طاقة شمسية للنوادي العسكرية عبر استدراج عروض أو مناقصات، كان سيوفّر على المؤسسة مبالغ طائلة هي في أمسّ الحاجة إليها... والأمر نفسه ينسحب على عقود صيانة الآليات وأجهزة الاتصالات وشراء السيارات وغيرها من عشرات العقود بالتراضي التي تبرمها القيادة من دون سبب مفهوم. العقود بالتراضي، تماماً، كالأمن بالتراضي، قد يتحوّل عنواناً لفشل المؤسسة. والإمعان في التفلّت من القوانين يثير ارتياباً مشروعاً، خصوصاً أنه يترافق مع تجاهل قيادة الجيش - وهو المؤسسة الأم لإنفاذ القوانين وحمايتها - للمؤسسات الرقابية كديوان المحاسبة وهيئة الشراء العام، فضلاً عن مؤسسة مجلس الوزراء ووزارة الدفاع، إذ يصرّ قائد الجيش، منذ 25 آب 2022، على تجاهل مراسلات متكررة من وزير الدفاع موريس سليم لإيداعه معلومات حول قبول المؤسسة العسكرية هبات وتبرعات نقدية وعينية وكيفية التصرف بها. والحديث هنا عن عشرات ملايين الدولارات التي قدّمتها الولايات المتحدة على دفعات، إضافة إلى عشرات الملايين من قطر ومن أطراف أخرى. وقد تولّى قائد الجيش أخذ الأمور على عاتقه، فلم يكلّف نفسه عناء التشاور مع وزير الدفاع، ولم يلتزم بالقانون الذي يحتّم الحصول على موافقة مجلس الوزراء لقبول هذه الهبات. وتجاهل مراسلات متكررة للوزير حول عقود تُحيط بها علامات استفهام كثيرة، تجريها قيادة الجيش بالتراضي، كما في صفقة بيع كمية ضخمة من الأسلحة الفردية مقابل مبلغ زهيد، وفي صفقة شراء «رينجرات» عسكرية بأضعاف سعرها، وغيرهما من عقود بالتراضي لم تمرّ بمجلس الوزراء أو بالوزير المختص كما يقتضي قانون المحاسبة العمومية.
بين 13 شباط الماضي و20 منه، وقّعت قيادة الجيش، ممثلةً بنائب رئيس الأركان للتجهيز، سبعة اتفاقات بالتراضي تبلغ قيمتها نحو 19 مليون دولار (ستة عقود وُقّعت في يوم واحد)، لتركيب أجهزة توليد كهرباء باستخدام ألواح الطاقة الشّمسية، بقدرة إجمالية تساوي 6.3 ميغاواط، وبطاريات تزيد سعتها التخزينية الكليّة عن 17 ميغاواط ساعة، على أن يجري تركيبها خلال «مهلة لا تزيد على 7 أشهر»، في نوادي الرّتباء الستة في الفياضية، وطليا، ودير عمار، وفي الحمام العسكري والنادي الصحي في بيروت، ونادي الضباط في جونيه
من الناحية التقنية، يبدو أنّ قيادة الجيش تتوجه نحو الاعتماد بشكل كلّي على الطاقة الشمسية، أقله في هذه المنشآت، وهذا ما يشي به عدد الألواح وسعة البطاريات الضخمة المطلوب تأمينها في الاتفاقيات. في الحمام العسكري مثلاً، المطلوب تركيب ألواح بقدرة تزيد على 1.5 ميغاواط في ساعات الذروة، أي ما يقارب 2880 لوحاً شمسياً في حال كانت قدرة اللوح الواحد 545 واط. وهذه الألواح قادرة على تأمين الكهرباء لـ720 منزلاً، في حال استُخدم في كلّ بيت 4 منها. كما أنّ البطاريات المطلوبة «ليثيوم»، وتساوي قدرتها على تخزين الطاقة 3.785 ميغاواط/ ساعة، أي ما يزيد على قدرة 435 بطارية «ليثيوم» كالتي تُستخدم في أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية، بكلفة تزيد على 5 ملايين دولار. مع العلم أنّ بطاريات بهذا الحجم تكفي لتزويد 574 منزلاً بالكهرباء لمدّة 12 ساعة بشكل متواصل، وبقدرة 2.5 أمبير للمنزل، أو ما يكفي لتشغيل 240 مكيّفاً بشكل متواصل، وللمدّة الزمنية نفسها.
اللافت في العقود هو التفاوت الكبير، وغير المفهوم، في كلفة الكيلوواط الواحد بين المشاريع. ففي نادي الرتباء في دير عمار، مثلاً، يكلّف الكيلوواط الواحد 2728 دولاراً، فيما تصل كلفة الكيلوواط في الفياضية إلى 3377 دولاراً. ويشمل التفاوت المشاريع المتطابقة من حيث القدرة وسعة البطاريات، إذ تصل كلفة الكيلوواط في المركز الصحي إلى 3800 دولار، في حين لا تزيد على 3300 دولار في نادي الرّتباء في الفياضية، رغم أن المواصفات متطابقة بين النظامين المطلوب تركيبهما في المنشأتين.
إلى ذلك (الجدول المرفق)، تتفاوت كلفة الكيلوواط بشكل لافت أيضاً بين منشأة وأخرى رغم أن المتعهّد واحد. ففي نادي الرّتباء المركزي، مثلاً، تصل كلفة الكيلوواط إلى 3377 دولاراً، فيما تصل كلفته في النادي الصحي في بيروت إلى 3800 دولار، بفارق 433 دولاراً، علماً أن متعهّد الأشغال في المنشأتين واحد وهو شركة «لينا متى». أمّا بين متعهد وآخر، فليس واضحاً المعيار الذي يبرر التفاوت الكبير في كلفة الكيلوواط (على سبيل المثال 3800 دولار للكيلوواط في النادي الصحي - بيروت و 1085 دولاراً في نادي الرتباء - طليا)، مع ملاحظة أساسية وهي أن كل الأسعار أعلى من سعر السّوق الذي يقارب 700 دولار للكيلوواط الواحد، بحسب ما أكّد خبراء يعملون في هذا المجال لـ«الأخبار».
وقّعت قيادة الجيش عقداً بالتراضي أيضاً، في 22 نيسان الماضي، مع شركة «غرين أسانس ليبانون» لتركيب نظام لتوليد الطاقة الكهربائية في ثكنة جوزف طرابلسي - بدارو. العقد يختلف عن العقود السابقة في أمرين، الأول أنه مسعّر باليورو وليس بالدولار (450 ألف يورو)، والثاني أنه لا يشمل تركيب بطاريات. إلا أنه رغم ذلك، بلغت كلفة الكيلوواط 1095 دولاراً، بزيادة عشرة دولارات مقارنة بعقد نادي الرتباء - طليا، علماً أن الأخير يتضمن بطاريات، ما يفترض أن تكون كلفته أعلى.
الشركات السبع التي وقّعت قيادة الجيش العقود بالتراضي معها هي: ZTC technology، RJR Trading، Climate tech، «لينا متى»، «عزت جلاد»، «الموارد والتعهدات»، «غرين أسانس ليبانون»، جميعها كما يرد على مواقعها الإلكترونية بمثابة ««متعهدة أعمال الجيش». من بين هذه الشركات تبرز «لينا متى» التي يرد على موقعها الإلكتروني أنها نفّذت سابقاً 16مشروعاً، من بينها 14مشروعاً تخصّ الجيش أو وزارة الدفاع، ما يشير إلى أن هذه الشّركة تحديداً لا تكاد تعمل إلا في مشاريع الجيش. وقد نالت هذه الشركة اثنين من المشاريع الثمانية، هما الأكبر في الحمام العسكري بقيمة 5.150 ملايين دولار، إضافة إلى مشروع النادي الصحي بقيمة 2.849 مليون دولار، أي نحو نصف قيمة المشاريع البالغة 20 مليون دولار. وبحسب عرض الأسعار الذي حصلت عليه «الأخبار» فإن هذه الشركة تتقاضى الكلفة الأعلى للكيلوواط.
أخبار ذات صلة
قضاء وقدر
توقيف شخص في الضاحية بعد فراره من السجن
مقالات مختارة
قائد الجيش والرئاسة... نعمة أم نقمة؟!
أبرز الأخبار