كشفت تويوتا، الثلاثاء، النقاب عن طموحات لخفض حجم وتكلفة ووزن بطاريات سياراتها الكهربائية إلى النصف، بعد طفرة في تكنولوجيا بطاريات "سوليد ستيت" أو ما يعرف باسم بطاريات الحالة الساكنة أو الصلبة، التي تتكون من مواد مختلفة ولها ميزات أخرى مقارنة ببطاريات إيون الليثيوم المستخدمة بكثرة حاليا في السيارات الكهربائية.

ونقلت صحيفة "فايننشال تايمز" عن كبير خبراء البطاريات في شركة صناعة السيارات اليابانية قوله، الثلاثاء، إن تبسيط عملية إنتاج مواد البطاريات من شأنه أن يخفض تكلفة تكنولوجيا الجيل التالي التي طال انتظارها.

وقال كيغي كايتا، رئيس مركز الأبحاث والتطوير للحياد الكربوني في تويوتا: "بالنسبة لكل من بطارياتنا السائلة والصلبة، فإننا نهدف إلى تغيير جذري في الوضع، حيث أن البطاريات الحالية كبيرة جدا وثقيلة ومكلفة. ومن حيث الإمكانات، سنهدف إلى خفض كل هذه العوامل إلى النصف".

وتأتي هذه التصريحات بعد أن أعلنت الشركة الرائدة بمبيعات السيارات في العالم، الشهر الماضي، عن خطط لتسويق تكنولوجيا البطاريات الصلبة في سيارة كهربائية بحلول عام 2027 على أقرب تقدير. وتعمل تويوتا أيضا على هذه التكنولوجيا مع شركة "باناسونيك" من خلال مشروع البطاريات المشترك بينهما.

ولطالما اعتبر خبراء الصناعة أن البطاريات الصلبة هي أكثر التقنيات الواعدة لحل مشاكل بطارية المركبات الكهربائية مثل وقت الشحن والسعة وخطر نشوب حريق.

ما هي بطاريات سوليد ستيت؟

ويتم استبدال الإلكتروليت السائل (liquid electrolyte) بآخر صلب، ويستخدم معدن الليثيوم في الأنود (anode) أي القطب السالب، بدلا من الغرافيت (graphite)، وهو المعيار الحالي السائد في بطاريات إيون الليثيوم، وفقا للصحيفة.

وتشير فايننشال تايمز إلى أن "هذه التكنولوجيا لا تزال باهظة الثمن ويصعب إنتاجها، مما يضطر شركات صناعة السيارات إلى التراجع عن إطلاقها وتركيز جهودها على تطوير بطاريات ليثيوم أيون سائلة".

وتقول تويوتا إنها حققت "اختراقا تقنيا" لحل مشكلات المتانة والتحمل، وإن لديها "حل للمواد" من شأنه أن يسمح للمركبة الكهربائية التي تعمل ببطارية صلبة أن يبلغ مداها 1200 كيلومتر ووقت الشحن 10 دقائق أو أقل.

مميزاتها

وفي سبتمبر 2022، طورت شركة ناشئة بطارية صلبة (solid-state) مناسبة للسيارات الكهربائية يمكن شحنها بالكامل في دقائق وتدوم أكثر من ضعف عمر البطاريات الحالية (ليثيوم أيون)، وفقا لما ذكرته صحيفة "إندبندنت".

وبعد أن حقق النموذج الأولي لخلية البطارية نجاحا بمعدلات شحن مدتها ثلاث دقائق وأكثر من 10 آلاف دورة (cycle) في العمر، تلقت شركة "آدن إنيرجي" (Adden Energy) التابعة لجامعة هارفارد 5.15 مليون دولار كتمويل لمواصلة تطوير هذه التكنولوجيا، بهدف تسويقها في المستقبل القريب.

ويذكر أن بطاريات سوليد ستيت، تعتبر "جذابة" لشركات صناعة السيارات، لأنها أكثر كثافة للطاقة وأقل عرضة للاشتعال، مقارنة ببطاريات إيون الليثيوم السائلة. ومع ذلك، فهي عرضة للتشقق، وهي حاليا أكثر تكلفة في الإنتاج، وفقا لرويترز.

وتتمتع بطاريات سوليد ستيت بكثافة طاقة أعلى بكثير من البطاريات المستخدمة حاليا في السيارات الكهربائية، والتي تستخدم السوائل، ويحتمل أن توفر مزيدا من الطاقة لقطع مسافات أطول، مع تقليل الوزن ووقت الشحن، وفقا لشبكة "سي أن أن".

وتحتوي البطاريات الصلبة على طبقات رقيقة من الإلكتروليتات الصلبة التي تحمل أيونات الليثيوم بين الأقطاب الكهربائية، بينما تحتوي بطاريات الليثيوم أيون على الإلكتروليتات السائلة، وفقا لـ"رويترز".

ويتم استخدام البطاريات الصلبة في الأجهزة الإلكترونية الصغيرة مثل أجهزة تنظيم ضربات القلب والساعات الذكية، إلا أن إنتاج هذا النوع من البطاريات للسيارات الكهربائية يتطور ببطء.

ويمكن للبطاريات الصلبة أن تحتوي على طاقة أكبر من بطاريات إيون الليثيوم السائلة، وهو مكسب من شأنه أن يسرع الانتقال إلى المركبات الكهربائية من خلال معالجة مخاوف المستهلكين، مثل المسافة التي يمكن قطعها بشحنة واحدة.

وأظهر استطلاع أجرته رويترز في مارس الماضي، أن 35٪ من الأميركيين الذين شملهم الاستطلاع يريدون سيارات كهربائية بمدى 500 ميل أو أكثر (804 كيلومترات أو أكثر)، وهو ما يتوفر في القليل من السيارات بالوقت الحالي.

وتقول تويوتا إنها تتوقع أن يكون وقت شحن بطارياتها الصلبة 10 دقائق أو أقل. وبالمقارنة، فإن شبكة Tesla Supercharger، وهي الأكبر في نوعها، توفر ما يعادل 321 كم من خلال الشحن لمدة 15 دقيقة.

وتشير رويترز إلى أن البطارية الصلبة قد تكون آمنة أكثر، لأن بطاريات إيون الليثيوم السائلة معرضة للتسرب وقابلة للاشتعال في درجات حرارة مرتفعة، مما يعني وجود خطر نشوب حريق أو تسرب كيميائي.

ما سبب صعوبة تصنيع البطاريات الصلبة؟

وأنتج بعض صناع السيارات وشركات التكنولوجيا خلايا بطاريات صلبة للمركبات الكهربائية كنموذج أولي، لكنهم لم يتمكنوا حتى الآن من التوسع في الإنتاج الضخم.

ومن الصعب تصميم إلكتروليت صلب ثابت وخامل كيميائيا، وأن يكون موصلا جيدا للأيونات بين الأقطاب الكهربائية. كما أن تصنيعها غالي الثمن وهي عرضة للتشقق.

وقد جعل ذلك البطاريات الصلبة أغلى بكثير من بطاريات الليثيوم أيون السائلة، وفقا لرويترز.

من الذي يحاول صنعها؟

وكشفت معظم شركات صناعة السيارات الكبرى، باستثناء تسلا، عن جهود التطوير أو الشراكات.

وتعمل تويوتا على تطوير البطاريات الصلبة وتعاونت مع باناسونيك في مشاريع ذات صلة.

وقالت نيسان، وهي أول شركة لصناعة السيارات تطلق سيارة كهربائية في السوق بكميات كبيرة، وهي سيارة Leaf، إنها تطور بطاريات صلبة وتعمل نحو الإنتاج الضخم بحلول عام 2028.

وتعمل هوندا على تطوير بطاريات صلبة ولكنها لم تحدد جدولا زمنيا لإدخالها في السوق.

وقالت شركة QuantumScape الأميركية إنها أبرمت عقودا مع ست شركات لإنتاج بطاريات صلبة للسيارات الكهربائية، بما في ذلك مع فولكس فاغن.

وأبرمت شركة أوتوموتيف سيلز، وهي مشروع مشترك بين مرسيدس-بنز وستيلانتس وتوتال إنيرجز، اتفاقية لتطوير بطاريات صلبة مع شركة ProLogium Technology لصناعة البطاريات ومقرها تايوان.

واستثمرت فورد وبي أم دبليو في شركة Solid Power الناشئة في الولايات المتحدة، والتي تنتج بطاريات نموذجية. وقالت شركة هيونداي، وهي مستثمر آخر في هذا المجال، إنها تخطط لإنتاج كميات كبيرة من البطاريات الصلبة بحلول عام 2030.

ولم تقدم تسلا تفاصيل خطط تطوير البطاريات الصلبة، وفقا لرويترز.