11-06-2023
عالميات
|
عربي بوست
بدأ الجيش الأوكراني -بأسلحةٍ غربية وتدريبات على التكتيكات العسكرية لحلف شمال الأطلسي (الناتو)- هجومه المضاد ومساعي التوغل في الأراضي التي تحتلها روسيا في جنوب شرق أوكرانيا، فهل تستطيع الأسلحة الأمريكية المقدمة لأوكرانيا مساعدة كييف على اختراق التحصينات التي بناها الروس؟
وواجه الروس والأوكرانيون صعوبات حالت دون استمرار القتال على وتيرته الأولى خلال الشتاء البارد ثم الربيع الموحل، فكان أن ركدت معظم الجبهات الأمامية منذ نوفمبر/تشرين الثاني.
وعلى الرغم من أن القوات الروسية قد تمكنت من تعزيز دفاعاتها في بعض المناطق التي احتلتها، فإن هناك عاملاً قد يقلب الأمور لمصلحة أوكرانيا ويكون سبباً في نجاح هجومها المضاد: تلبية الحلفاء الغربيين لمطالب الأوكرانيين بالحصول على بعض الأسلحة المتطورة اللازمة للهجمات المضادة، والتي يمكن أن يوفر بعضها مزايا مهمة لهم في ساحة المعركة، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Washington Post الأمريكية.
لكن لما كانت بعض هذه الأسلحة يحتاج وصولها إلى مدة من الوقت وتدابير لوجستية معقدة، كما أن إتقان استخدامها يتطلب تدريباً طويلاً، فإن التوقعات تذهب إلى أن دورها في القتال سيزداد خلال الأشهر المقبلة.
رغم أن هناك العديد من الدول الأوروبية التي قدمت أسلحة لأوكرانيا، مثل دبابات ليوبارد الألمانية الصنع التي منحت لكييف من قبل عدة أوروبية، إلا أنه تظل الأسلحة الأمريكية المقدمة لأوكرانيا عليها دور كبير منتظر في هجوم كييف المضاد.
تقرير صحيفة The Washington Post عرض أبرز الأسلحة التي أرسلتها الولايات المتحدة وتعهَّدت بتقديمها إلى أوكرانيا لمساعدتها في الهجوم المضاد.
المعدات المتطورة والتدريب هدفه إتقان حرب الأسلحة المشتركة
الاستعدادات للهجوم الأوكراني المضاد تجري على قدم وساق منذ عدة شهور، وقد تركزت على تعزيز مخزون أوكرانيا من الأسلحة والمعدات الغربية، واستكمال التدريب اللازم للقوات الأوكرانية على أنظمة التشغيل الجديدة. ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين لم تكن غايتهم إغراق أوكرانيا بالمعدات والأسلحة، وإنما ترسيخ التكامل بين مختلف أفرع القوات التي تستخدم هذه الأنظمة في ساحة المعركة.
يركز نهج "الجمع بين الأسلحة" أو "الأسلحة المشتركة" على العمل المتضافر بين مختلف أفرع القوات -المدرعات، والمشاة، والطيران، والدفاع الجوي، وغيرها- لحماية وتعزيز بعضها بعضاً. وهذه الاستراتيجية لا غنى عنها في الهجمات المضادة لاكتشاف مكامن الضعف في دفاعات العدو واستغلال ثغراتها.
ونهج الأسلحة المشتركة هو نهج يميز الجيوش الغربية منذ وصل للذروة من قِبل الجيش الألماني في عهد النازية، واعتمده الأمريكيون والإسرائيليون بشكل كبير، وهو نهج يعتمد على حسن التدريب واللامركزية في الأداء العسكري، ويفتقده الروس وغيرهم من المدارس الحربية الشرقية مثل أوكرانيا.
يقتضي الوفاء بهذه الاحتياجات إمدادات كبيرة من الأسلحة وشهوراً من التدريب.
أبرز الأسلحة الأمريكية المقدمة لأوكرانيا
مدرعات سترايكر السريعة وبرادلي القوية
خصصت واشنطن 90 ناقلة جنود مدرعة من طراز "سترايكر"، وأكثر من 100 مركبة قتالية من طراز "برادلي"، لمساعدة أوكرانيا في تنفيذ استراتيجية "الجمع بين الأسلحة".
وتُوصف مدرعات سترايكر وبرادلي عموماً بأنها أسرع تحركاً وأكثر تقدماً وأعلى حماية من المركبات السوفييتية والروسية القديمة التي يعتمد عليها الأوكرانيون، ولكنها أصعب استخداماً من الناحية الفنية.
ومدرعات سترايكر مصممة لنقل المشاة بسرعة في ساحة المعركة، أما مركبات برادلي فإن مدافعها القوية تتيح لها التصدي لغيرها من المركبات المدرعة، ولكن سعتها الداخلية لا تسمح إلا بنقل عدد محدود من الجنود.
وتعهدت الولايات المتحدة كذلك بإرسال 31 دبابة من طراز "أبرامز"، التي تتميز بكونها أمتن دروعاً وأنظمتها أعلى تطوراً من الدبابات الأوكرانية السوفييتية الصنع. وقد بدأ نحو 200 جندي أوكراني في أوائل يونيو/حزيران برنامجاً تدريبياً مدته 12 أسبوعاً في ألمانيا على استخدام هذه الدبابات، لذلك لن يكونوا مستعدين للقتال حتى أوائل سبتمبر/أيلول على أقرب تقدير.
صواريخ ومدافع للاشتباك القريب
بعد الهجوم الأوّلي لروسيا على كييف والهجمات المضادة الأوكرانية في الشرق والجنوب العام الماضي، صار معظم القتال يدور في الخنادق الثابتة ويعتمد على تبادل ضربات المدفعية عن بُعد.
لكن النجاح في عمليات الهجوم المضاد يحتاج إلى مرونة أكبر، وإجادة القتال في المسافات القريبة، أي إن القوات الأوكرانية يتعين عليها أن تُحسن التحرك بسرعة للاستيلاء على الأراضي من الروس، والاشتباك في مناطق أقرب بكثير إلى خطوط العدو.
بناء على ذلك، زودت الولايات المتحدة أوكرانيا بصواريخ موجهة يقل مداها عن 4 كيلومترات، منها 4 آلاف صاروخ من طراز "تاو". وهذه الصواريخ يمكن تركيبها على حامل ثلاثي القوائم، أو على عربات "هامفي" العسكرية، ومن ثم يمكن للقوات أن تُطلقها على أهدافها وتغادر المكان بسرعة، قبل أن يضرب العدو مواقعها، ضمن التقنيات المعروفة باسم "الكر والفر" (shoot and scoot).
وقد أرسلت الولايات المتحدة أيضاً مدافع من عيار 105 ملم، التي تتميز بسهولة النقل والتحرك في ساحة المعركة، خاصة إذا قورنت بمدافع الهاوتزر الثقيلة الوزن، مثل مدافع "الهاوتزر إم 777". وتشمل القائمة كذلك: الأسلحة المضادة للدروع، مثل صواريخ "غافلن" المحمولة الموجهة؛ وصواريخ "إيه تي 4″؛ وبنادق "كارل غوستاف" عديمة الارتداد، وهي أسلحة مخصصة لتمكين جنود المشاة من مهاجمة المركبات المدرعة.
بالإضافة إلى ذلك، يتطلب النجاح في الهجمات المضادة التحرك في أراضٍ سبق لجنود العدو أن نشروا فيها حواجز مادية وحقول ألغام، لإبطاء تقدم القوات المعادية وتوجيهها إلى أماكن أكثر وعورة وأشد خطورة.
مركبات لمكافحة الألغام والمتفجرات
وقال مارك كانسيان، كبير المستشارين في "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" الأمريكي، إن الحل لذلك هو معدات مكافحة الألغام والمتفجرات، ولذلك فقد أرسلت الولايات المتحدة إلى أوكرانيا مركبات مدرعة مضادة للكمائن والألغام، تُعرف اختصاراً باسم "مراب" MRAPs، وهي مزودة بجنازير لكسح الألغام تكون مثبتة في المقدمة، ومصممة لتفجير الألغام قبل الانفجار في المركبة نفسها؛ وقدمت الولايات المتحدة أيضاً معدات الكشف والحماية من المتفجرات لمساعدة فنيي ومهندسي القنابل.
وقال كانسيان إن أوكرانيا تلقت كذلك "مركبات غير قتالية" مهمة، مثل شاحنات الوقود؛ وشاحنات النقل التي تنقل المركبات والخزانات إلى جبهات القتال، لكي لا تتعرض للضرر في المسارات الطويلة؛ فضلاً عن شاحنات الإنقاذ التي تسحب المركبات المدمرة والمتضررة لإصلاحها وإعادتها إلى جبهات القتال.
المدفعية وصواريخ هيمارس لمنع الروس من التقدم لساحة المعركة أثناء الهجوم الأوكراني
وأشار كانسيان إلى أن أسلحة المدفعية بعيدة المدى لها دور مهم في إسناد الهجمات المضادة، إذ تُستخدم لمهاجمة وحدات الاحتياط المعادية التي تحاول الوصول إلى مناطق الهجوم.
وأوضح كانسيان: "المعتاد عند مهاجمة خط دفاعي، أن تعمد القوات إلى إيقافك بعض الوقت، وتُسارع بطلب التعزيزات من مناطق أخرى"، "وإذا تمكنت قوات الدفاع من الحصول على التعزيزات، فإنها تستطيع تعطيل تقدمك، وربما منعك من اختراق الجبهة، أو تقييد الاختراق بحدود معينة".
ومن هنا تأتي أهمية المدفعية بعيدة المدى؛ لأنها تمكِّن المهاجمين من "عزل ساحة المعركة، ومنع الخصم من إحضار أي تعزيزات"، وتثبيط مساعي القوات اللوجستية لإعادة إمداد المدافعين باحتياجاتهم.
وفي هذا السياق، قدمت الولايات المتحدة للقوات الأوكرانية راجمات الصواريخ "هيمارس" التي يمكنها إطلاق صواريخ إلى مدى يبلغ 80 كيلومتراً، وبعض الأنظمة التي يمكن أن تضاعف هذا المدى. لكنها رفضت الطلبات الأوكرانية بالحصول على راجمات الصواريخ التي يصل مداها إلى ما يزيد على 300 كيلومتر، ما يحد من قدرة القوات الأوكرانية على مهاجمة المناطق البعيدة [داخل الحدود الروسية]
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار