— أدخلت لائحة الاتهام الفيدرالية ضد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب- وهي المرة الثانية التي وُجهت إليه في أقل من ثلاثة أشهر- الانتخابات الرئاسية لعام 2024، إلى فترة جديدة من عدم اليقين.
كما جعلت من المرجح أن يقوم ترامب بحملته الانتخابية بينما يواجه المحاكمة أيضا. لكن بالنسبة لمنافسيه، تم تجميد الحملة، مع استحواذ ترامب مرة أخرى على الأضواء، وإرجاعهم إلى أدوار داعمة.
وجاءت ردود الفعل من الحملات الانتخابية قبل الكشف عن لائحة الاتهام بعد ظهر، الجمعة، مما سمح للبعض بتصوير أنفسهم كمراقبين محايدين. وتحرك آخرون، مثل حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتس، على الفور لإدانة المدعين، وترديد مزاعم ترامب بأنه ضحية وزارة العدل "التي سلحها" الرئيس الأمريكي جو بايدن والديمقراطيون المتحالفون.
ويؤكد تشابك رد الفعل المبكر، الطبيعة غير المؤكدة للانتخابات التمهيدية، مع أكثر من سبعة أشهر من الحملات الانتخابية قبل الإدلاء بالتصويت المبكر بولاية أيوا، ودخول ثلاثة مرشحين رسميا السباق، خلال هذا الأسبوع فقط.
وعلى عكس ما حدث في أعقاب لائحة اتهام المدعي العام لمدينة نيويورك لترامب، فيما يتعلق بقضية مالية في وقت سابق من هذا العام، فإن المعارضين الأساسيين للرئيس السابق، بشكل عام، يطرحون توجهات أكثر حذرا هذه المرة، حيث يشير الجميع باستثناء ديسانتس إلى أنهم سيمتنعون على الإدلاء بحكم، حتى تكشف الحكومة عن مزيد من التفاصيل حول القضية.
وكثف حاكم فلوريدا هجماته على ترامب، خلال الأسبوعين الماضيين، لكن انتقاداته جذبت إلى حد كبير مخاوف الناخبين الجمهوريين بشأن القابلية لانتخابه، لذلك عندما انتشرت أنباء لائحة الاتهام، انطلق ديسانتس إلى ناحية ترامب، جنبا إلى جنب مع الموالين له.
وكتب ديسانتس على تويتر في وقت متأخر من ليلة الخميس إن "تسليح سلطات إنفاذ القانون الفيدرالية يمثل تهديدا قاتلا للمجتمع الحر". وأوضح: "لقد شهدنا لسنوات تطبيقا غير متكافئ للقانون اعتمادا على الانتماء السياسي".
وأضاف: "لماذا هو متحمس للغاية في ملاحقة ترامب، ولكنه سلبي للغاية بشأن هيلاري (كلينتون) أو هانتر (بايدن)؟".
وكانت تعليقات ديسانتس نسخة قريبة من رد فعله على لائحة الاتهام الأولى لترامب، عندما اتهم الحاكم- الذي لم يكن مرشحا بعد - المدعين بالتحيز الحزبي المنهجي.
وقال ديسانتس في مارس/ آذار الماضي: "إن تسليح النظام القانوني لدفع أجندة سياسية يقلب حكم القانون رأساً على عقب".
وكان خط الرد والهجوم هذا شبه موحد في جميع أنحاء الحزب الجمهوري، بعد الاتهامات التي أعلنها مدعي عام مانهاتن ألفين براغ، وهو ديمقراطي منتخب وبطل السياسات التقدمية، والتي أزعجت بالفعل معظم المحافظين.
والقضية الجديدة ضد ترامب هي بوابة سياسية أكثر ثباتا. فلم يكن مقر هيئة المحلفين الكبرى التي صوتت لتوجيه الاتهام لترامب في مدينة نيويورك، حيث لا يحظى ترامب بشعبية كبيرة، ولكن في جنوب فلوريدا، حيث يعيش الآن ويتمتع بقدر كبير من الدعم.
ورغم أن الجزء الأكبر من الأدلة ضد ترامب لا يزال مختوما، إلا أن شبكة CNN أفادت، الجمعة، لأول مرة باجتماع في عام 2021 ظهر فيه ترامب على شريط فيديو، وفقا لنص، قائلا إنه احتفظ بمعلومات عسكرية "سرية" لم يرفع عنها السرية، وهو ما دحض بشكل مباشر مزاعمه السابقة بأنه فعل ذلك قبل ترك منصبه مباشرة.
وفي النص، كان ترامب يلوح بوثيقة سرية للبنتاغون توضح بالتفصيل مخططا لهجوم عسكري على إيران.
ومن بين المتنافسين في 2024، ظهر ديسانتس والمرشح فيفيك راماسوامي بين عشية وضحاها كأكثر المدافعين المتحمسين عن ترامب. وأصدر راماسوامي بيانا ومقطع فيديو، ووصف لائحة الاتهام بأنها "إهانة لكل مواطن" قبل مقارنة الولايات المتحدة بـ"جمهوريات الموز، حيث يستخدم الحزب الحاكم قوة الشرطة للقبض على خصومه السياسيين".
وحث نائب الرئيس السابق مايك بنس، على الفور، على عدم إصدار حكم قبل أن يكشف المدعون عن قضيتهم ضد ترامب، وفي نفس المقابلة الإذاعية، صباح الجمعة، مع المضيف المحافظ هيو هيويت، وعد بتطهير مسؤولي إنفاذ القانون الفيدراليين.
وقال بنس: "سنقوم بتنظيف المنزل في جميع أنحاء الطوابق العليا، سواء كانت وزارة العدل أو مكتب التحقيقات الفيدرالي". وأضاف: "أعتقد أننا بحاجة إلى فريق جديد بالكامل، وأعتقد أنه كان هناك حرفيا انهيار للثقة".
وحاولت حليف مقرب آخر لترامب، وهي السفيرة الأمريكية السابقة لدى الأمم المتحدة حاكم ولاية ساوث كارولينا نيكي هايلي، اتباع نهج مماثل. وبعد أن ظلت صامتة، مساء الخميس، وطوال معظم ساعات الصباح، اتهمت الحكومة بإساءة استخدام سلطاتها.
وكتبت هايلي: "إن الشعب الأمريكي مرهق بسبب تجاوزات الادعاء، وازدواجية المعايير، وسياسة الثأر، حان الوقت لتجاوز الدراما والتشتت الذي لا نهاية له".
وفي مقابلة مع قناة فوكس نيوز، مساء الخميس، سعى سناتور ساوث كارولينا تيم سكوت إلى تحقيق توازن مماثل. واعترض عندما سئل عما إذا كان قد تحدث إلى ترامب، ثم أضاف، بشكل غامض، أنه "سيواصل الصلاة من أجل أمتنا ويواصل الصلاة من أجل أن تسود العدالة". وعلى غرار بنس، استغل المناسبة أيضا لمهاجمة سلطات إنفاذ القانون الفيدرالية.
وكان رد فعل حاكم ولاية نيوجيرسي السابق كريس كريستي، وهو حليف آخر في وقت ما ومستشار مقرب من ترامب، والذي ظهر كناقد رئيسي له في سباق 2024، على لائحة الاتهام أولا بالاستخفاف من رد ترامب، قبل الحث على الصبر.
وقال كريستي في بيان: "كما قلت من قبل، لا أحد فوق القانون، سيكون لدينا المزيد لنقوله عندما يتم الكشف عن الحقائق".
وبعد الكشف عن لائحة الاتهام، وصف كريستي التفاصيل الواردة في الوثيقة بأنها "دامغة".
وأكد كريستي لمراسل CNN جيك تابر، مساء الجمعة: "هذا سلوك غير مسؤول". وأضاف أن "السلوك الذي انخرط فيه دونالد ترامب كان من صنع نفسه تماما".