خيمت المخاوف على "وول ستريت" بعد تجدد أزمة المصارف الأميركية، مع هبوط حاد في سهم بنك "باسيفيك ويسترن" الذي كان محط الأنظار في الأسابيع الأخيرة، إذ توقعت الأسواق أن يكون البنك هو التالي بعد إفلاس نظيره "فيرست ريبابليك".
وهوى سهم بنك "باسيفيك ويسترن" بنسبة 22 في المئة، في جلسة أمس الخميس، ليبث الذعر بين الأسهم المصرفية المتوسطة الحجم، بعد أن أعلن البنك أن ودائعه انخفضت بنسبة 9.5 في المئة الأسبوع الماضي، معلناً تقدمه بمزيد من الضمانات لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بهدف مساعدته لتعزيز السيولة، مما تسبب في هبوط حاد في أسهم البنوك الإقليمية متوسطة الحجم، وكان التأثير الأكبر على سهم بنك "كيه بي دبليو" الذي انخفض بنسبة 2.4 في المئة.
الوضع سيزداد سوءاً
في غضون ذلك قال رئيس أكبر بنك في العالم "جيه بي مورغان" جيمي ديمون، إن "الوضع سيزداد سوءاً بالنسبة إلى البنوك، إذ إن هناك مزيداً من المتطلبات في الفترة المقبلة"، مضيفاً أن "على المؤسسات التنظيمية والرقابية أن تتدخل لوضع حد للاضطراب في الصناعة المصرفية".
وتأثرت المؤشرات بشدة مع طفو الأزمات المصرفية على السطح من جديد، إذ تراجع مؤشر "داو جونز" الصناعي بنسبة 0.66 في المئة إلى 33309 نقاط، بينما خسر مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" نسبة 0.17 في المئة إلى 4130 نقطة، لكن مؤشر "ناسداك" المركب ارتفع بشكل طفيف عند 0.18 في المئة إلى 12328 نقطة بدعم من أسهم "غوغل" التي أطلقت خدمتها للذكاء الاصطناعي الجديدة "بارد" المنافسة لـ"تشات جي بي تي".
عودة الأزمة
وكانت "وول ستريت" تجاوزت، الأسبوع الماضي، تبعات إفلاس بنك "فيرست ريبابليك"، إذ أدى الإفلاس في بداية مايو (أيار) الحالي إلى سريان عدوى بين البنوك الأميركية المتوسطة الحجم، وانهيارها على مدار الأسبوع، قبل أن ترتد، الجمعة الماضي، غير أن المخاوف عادت الآن للبنك الذي يبدو أنه سيكون التالي في الإفلاس.
تعثر الولايات المتحدة
وعلى رغم صعوبة الأزمة المصرفية، فإن "وول ستريت" تتخوف بشكل أكبر من سيناريو تعثر الولايات المتحدة عن الوفاء بالتزاماتها لأول مرة في تاريخها، إذ بدأ القلق يظهر على صانعي القرار الاقتصادي والمالي في الولايات المتحدة.
وعن ذلك قال جيمي ديمون، إن "اجتماعات أسبوعية في البنك تجري لمناقشة تبعات أي تعثر محتمل للولايات المتحدة في سداد ديونها" لكنه لا يتوقع وضعاً كارثياً، قائلاً "الفيدرالي يعد غرفة حرب لمواجهة احتمال التعثر".
وجاءت تلك المخاوف بعد عدم التوصل إلى اتفاق في اجتماع انعقد في البيت الأبيض بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي، إذ يصر الجمهوريون المسيطرون على مجلس النواب على إجراء تخفيضات كبيرة في الإنفاق الحكومي مقابل الموافقة على رفع سقف الدين، وهو ما يرفضه بايدن وحزبه الديمقراطي، إذ يطلب رفع سقف الدين من دون شروط.
اجتماع مرتقب بالبيت الأبيض
إلى ذلك هدد بايدن باستخدام بعض بنود المادة (14) في الدستور الأميركي التي تنص على أن "الحكومة الأميركية لا يمكن أن تتعثر عن سداد ديونها"، ومن ثم يستخدم الرئيس صلاحياته لتمرير القانون ورفع سقف الدين من دون الرجوع إلى الكونغرس.
وبلغ سقف الدين حده الأقصى عند 31.4 تريليون دولار في يناير (كانون الثاني) الماضي، لكن وزارة الخزانة اعتمدت بعض الإجراءات التي تمكنها من توليد النقد وتسديد الالتزامات، لكن هذا الأمر سينتهي في بداية يونيو (حزيران) المقبل، كما أكدت الوزارة في تصريحات سابقة لها. وتترقب الأسواق اجتماع آخر بين قادة الكونغرس والرئيس بايدن، إذ تأمل التوصل لاتفاق، وهو ما لا يضطر الحكومة إلى الإغلاق في مطلع الشهر المقبل على غرار ما حدث في عام 2011 مما أعقبه خفض وكالة "ستاندرد أند بورز" التصنيف الائتماني للولايات المتحدة إلى "أي أي أي" للمرة الأولى.