مباشر

عاجل

راديو اينوما

ositcom-web-development-in-lebanon

تحرير غادة عون

05-05-2023

صحف

|

الأخبار

انتشرت أخبار وتقارير وتحليلات وتسريبات، خلال السنوات الثلاث الفائتة، تشير الى ضلوع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وبعض المصرفيين ورجال الأعمال وعدد من المسؤولين في جرائم أدّت الى الانهيار الاقتصادي وتفاقم الأزمات المعيشية وحرمان الناس من ودائعها في المصارف، وملأت تلك الأخبار صفحات الصحف والشاشات والإنترنت. وبالتالي، كان الجميع يتوقع أن يكون الخبر هو إقالة رياض سلامة، مثلاً، وتحويله الى هيئة تأديب أو الى السجن، والقبض على شركائه وعلى بعض رؤساء مجالس إدارات المصارف وغيرهم من المشتبه فيهم. لكن المفاجأة المدوّية أتت أمس على عكس ذلك تماماً. فبدل صرف حاكم مصرف لبنان من الخدمة في ظل الانهيار المستمرّ لقيمة العملة الوطنية، صرفت القاضية التي تعمل على ملاحقته مع شركائه المصرفيين بسبب مخالفات شكلية لتسلسل الإجراءات القانونية وأصولها.

هذا الخبر يؤكّد المؤكّد: المصالح تتقدم بأشواط على مبادئ تحقيق العدالة والإنصاف.
«صرلي 40 سنة بشتغل من كل قلبي»، قالت النائبة العامة الاستئنافية لجبل لبنان، أمس، بعد صدور قرار المجلس التأديبي أمس بصرفها من الخدمة. ولا شك في أن سلوك القاضية عون يدلّ الى ذلك. إذ إنها عملت بشغف والتزام، وإن لم يكن كل ما قامت به اتّبع المعايير والأصول القانونية بدقة. وبالتالي، يمكن القول إن صرفها من القضاء يحرّرها من واجب الالتزام بقيود تسلسل العمل القضائي التي تصعّب، وأحياناً تؤخّر، الوصول الى تحقيق العدالة حرصاً على الحفاظ على ضمانات الوقاية من الأخطاء الظالمة.

القاضية عون هي، من دون أي منازع، الوجه الرسمي الأبرز الذي يظهر في وسائل الإعلام متحدثاً عن ملاحقة الفاسدين ومطاردتهم محلياً ودولياً واسترجاع ودائع الناس من المصارف. خلال السنوات الثلاث الماضية، يمكن جمع مئات المقابلات الصحافية والإطلالات التلفزيونية والبيانات التي تظهر فيها عون مدافعة عن مسار عملها ومتوعّدة الفاسدين والمجرمين. وخلال هذه الفترة التي بدأت مع الانهيار الاقتصادي والمالي وتفاقم الوضع المعيشي، قامت عون بتحركات غير مألوفة في القضاء اللبناني. إذ قررت أن تواجه، بشكل مباشر وبالقوة، كل من يحاول منعها من مداهمة أي مكان تشتبه بأن له علاقة بجرائم تهريب الأموال وتبييضها وبجرائم أخرى، وقد غطّت وسائل الإعلام مداهماتها مباشرة. ولا شك في أن ذلك شكّل للعديد من المتابعين وضحايا الجرائم المتمادية والمودعين المحرومين من أرزاقهم أملاً في تحقيق العدالة واستعادة الحقوق، بينما لاحظ آخرون مخالفات قانونية لتحركات القاضية المتحمّسة واتّهمها البعض الآخر بانحيازها لفريق سياسي على حساب آخر.
«أنا مع العالم ... مع الناس الموجوعة»، قالت عون أمس خارج قصر العدل. «اشتغلت شغلي وما عملت شي غلط، إنهم يلاحقون القاضي الوحيد الذي يعمل على تحقيق العدالة».
ولا بد من الإشارة الى أن بعض وسائل الإعلام كانت قد شنّت حملات مركّزة ضد القاضية عون، تضمّنت تجريحاً في الأمور الشخصية وتنمّراً وعدائيّة غير مسبوقة موجّهة الى شخص يشغل موقعاً قضائياً رفيعاً. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل جُرّدت القاضية من مكانتها، إذ صنّفت بأنها تابعة، في كل ما تقوم به، لرئيس الجمهورية السابق ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.

وهنا لا بد من التسليم بواقع لا يخفى على أحد مفاده أن الطريقة التي توضع فيها التشكيلات القضائية تتيح تدخل القوى السياسية والطائفية الحاكمة في تحديد معظم القضاة وخصوصاً في المراكز الرفيعة والحساسة. وبالتالي، من العدل اتخاذ إجراء مماثل للإجراء الذي اتخذ بحق القاضية عون بحق سائر القضاة «المحسوبين» على جهات سياسية وطائفية لمنع تسييس الموضوع وجرّ البلد الى مزيد من التشنجات الطائفية والفئوية.
صحيح أن العمل القضائي لا يجوز أن يكون استعراضياً، ويستحسن أن يبقى شكل القاضي وصورته سريين، وصحيح أنه لا يجوز لقاضٍ أن يتناول الملاحقات القضائية عبر وسائل الإعلام، وصحيح كذلك أن على جميع القضاة أن يكونوا مستقلّين. ولا بد من إطلاق خطة إصلاح شاملة للقضاء على كل هذه الشوائب والمخالفات. أما القرارات التي تستهدف قاضية دون غيرها فيمكن أن تعدّ قرارات بخلفيات سياسية وكيدية.

ositcom-web-development-in-lebanon

مباشر

عاجل

راديو اينوما