وما زاد الطين الرئاسي بلة الموقف الفرنسي الغامض، فوزارة الخارجية قالت إنها« ليس لديها مرشح للرئاسة في لبنان»، لكن اتصالات المستشار الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل ودعوته القيادات المسيحية الرافضة لفرنجية إلى باريس يوصي بالخيار الفرنسي الثابت لفرنجية. ولاحظت قيادات سياسية لبنانية من الأسئلة التي يطرحها السفراء الأوروبيون، وتحديدا الروسي والبريطاني، استغرابهم هذه المعارضة لفرنجية.. وقد أتاهم الجواب صريحا «اسألوا القيادات المسيحية (القوات اللبنانية والتيار الحر وحزب الكتائب) الذين يعارضون رئاسة فرنجية بسبب ارتباطه بحزب الله وبالقيادة السورية»، في حين يرى الڤاتيكان ان ما يجري في لبنان وحوله نتاج «زعزعة الغرب للشرق الأوسط».

وتلعب المعارضة اللبنانية المشرذمة دورا أقرب إلى السلبية، وليس ما يطمئن إلى الوعد بتصحيح المسارات الرئاسية وتوحيدها بعد عطلة عيد الفطر، انهم متوحدون في معارضة انتخاب فرنجية، لكنهم متفرقون حول البدائل.

فالقوات اللبنانية ضد فرنجية أو سواه من السائرين في خط الممانعة، ومع ميشال معوض إلى حين التوافق على البديل، والتيار الحر ضد فرنجية، وليس مع معوض، والكتائب ضد كل ما يعني إبقاء لبنان تحت الهيمنة الإيرانية أو السورية عبر حزب الله أو سواه. والتغييريون والسياديون متفرقون، فالنائبة بولا يعقوبيان لا ترى في ميشال معوض «الرئيس الحلم»، كما قالت في تصريح لـ «الأنباء»، في حين تتوقع لفرنجية أن يكون رئيسا مع وقف التنفيذ.

وقد ردت «حركة الاستقلال» ـ التي يرأسها المرشح الرئاسي معوض ـ في بيان أمس، متهمة النائبة يعقوبيان بتشويه الحقائق واستهداف معوض، بما يثير الريبة، وما يصب في خانة فريق الممانعة، رغم إعلان معوض دعم أي مرشح بديل عنه تتوافق عليه قوى المعارضة.
أمام شرذمة المعارضة على هذا النحو المدوي، نقل متابعون من باريس ان الموقف الفرنسي الثابت هو ان فرنجية يشكل الشخصية الأكثر جدية المهيأة لوضع حد للفراغ الحاصل في لبنان.

وقد أطل رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع عبر قناة «الجديد»، مدافعا عن موقفه الحاسم ضد سليمان فرنجية، ومستبقا ما سيعلنه فرنجية عبر القناة عينها مساء الأربعاء المقبل حيث يتوقع أن يعلن ترشيحه رسميا، ويطرح العناوين السياسية لبرنامج عهده مع تمرير الضمانات التي أعطاها للمعارضين من خلال الوسيط الفرنسي حول سلاح حزب الله والاستراتيجية الدفاعية ومصير النازحين في لبنان، والقضية الأخيرة بدأت تتحول إلى هاجس لبعض القوى السياسية والطائفية في لبنان بمن فيهم حزب الله.

بالنسبة للتيار الحر، الذي يضم ثاني أكبر كتلة نيابية مسيحية بعد القوات اللبنانية، فهو ضد فرنجية، لكنه لم يطرح بديلا ثابتا، نتيجة تحفظ رئيسه جبران باسيل على ترشيح أحد سواه من أعضاء كتلة نواب التيار، فيما هو ينتظر الفرصة المناسبة ليكون هو المرشح أو العراب لمرشح قادر على الوصول إلى نهاية الشوط الرئاسي.

ويبدو أن المستشار الرئاسي الفرنسي دوريل لم يهمل جانب التيار في استشارته، إذ دعا عضو تكتل «لبنان القوي»، أي الجناح النيابي للتيار سيمون ابي رميا، إلى باريس، حيث أكد له أن المبادرة الفرنسية تدور حول تسهيل انتخاب «رئيس تيار المردة» سليمان فرنجية، كحل لمعضلة الرئاسة اللبنانية.

ويبدو أن دوريل تعمد دعوة ابي رميا، الذي يحمل الجنسية الفرنسية، في رسالة مباشرة إلى رئيس التيار جبران باسيل ان التواصل معه، أي مع باسيل لن يكون بالمباشر وفق قناة «الجديد».

وتقول مصادر متابعة ان الجانب الفرنسي لا يريد سماع اسم آخر غير فرنجية، ويحاول إقناع العرب قبل اللبنانيين المعارضين به، ليقينه أن حزب الله هو الجهة القادرة على إطالة الفراغ كما فعل عام 2016، وان أي مرشح لا يقبله الحزب سيكون وصوله إلى بعبدا مستحيلا، فيما لا يتفهم المعارضون خلفية الدعم الفرنسي لفرنجية، والفاتورة المرتفعة التي سيدفعها لبنان إذا كان العهد الجديد نسخة عن عهد ميشال عون.