انتظرت الأوساط السياسية على اختلاف توجهاتها الحديث الذي ادلى به رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مساء امس الى محطة "الجديد" من منطلق انه من المواقف المنتظرة للاقطاب السياسيين بعد اسابيع من الجمود الداخلي من جهة ولكونه يحمل مؤشرات حاسمة لموقف القوة الأبرز في المعارضة حيال التطورات الاخيرة في الملف الرئاسي والمتغيرات الإقليمية من جهة أخرى . وفي الواقع جاء الحديث ليثبت أهمية مضامين المواقف التي اطلقها جعجع ودلالاتها بعد كل المخاض الحاد الذي تتخبط فيه الازمة الرئاسية بما يضيء على المسار التي ستسلكه قوى المعارضة في مواجهة الاندفاع "الممانع" في اعتبار سليمان فرنجية المرشح الوحيد او الفوضى كما اعلن امس تكرارا الرجل الثاني في "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم . كما ان الثبات في رفض فرنجية الذي أكده جعجع اتخذ أهمية موازية لجهة اطلاقه الرسالة المعارضة للتمسك الفرنسي بمعادلة ترشيح فرنجية زائد تعيين نواف سلام رئيسا للحكومة ، علما ان دلالة خاصة اكتسبها موقف جعجع الحاسم مجددا لكونه جاء عقب تلقيه اتصالا في الساعات الأخيرة من الفريق الرئاسي الفرنسي في قصر الاليزيه لم تنجح عبره باريس في تليين قناة موقف جعجع كما كانت لم تنجح أيضا في تليين قناة رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل
وتزامن ذلك مع معلومات أفادت ان السفير السعودي وليد بخاري سيلتقي في الأيام القليلة المقبلة جعجع ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط لعرض التطورات منذ إتصال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بولي العهد الأمير محمد بن سلمان وسط تأكيدات بأن الموقف السعودي لا يزال على حاله من المواصفات التي يفترض أن يتمتع بها رئيس الجمهورية المقبل وأن يكون من خارج الإصطفافات.
رد جعجع أولا على نائب الأمين العام ل"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم فتحدى فريق الممانعة ان تعقد جلسة نيابية وانتخاب مرشحه سليمان فرنجية بلا المعارضة سواء كان لديها مرشح او اكثر او لا . وأوضح ان اطراف المعارضة هم في تداول دائم ولسنا مستعدين للذهاب الى أي مرشح يبقينا في الوضع الذي نحن عليه .
واكد ان توفير الأكثرية لمرشح محور الممانعة سيحول دون مشاركة المعارضة لتامين النصاب للجلسة . واكد اننا سنخوض المعركة بما يؤمن الحق واصفا محور الممانعة بالكذب والفجور والتلاعب بالدستور والقانون . وقال أي رئيس للممانعة يعني بقاء الوضع عليه ويعني تمديد الازمة ست سنوات إضافية . وإذ اكد ان الفرنسيين يعلمون بصفقة معينة مع "حزب الله" لسليمان فرنجية ولكن كل المعطيات المتداولة الأخرى حول الدول الاخرىِ غير صحيحة . وحذر من ان دول الخليج ستقفل اكثر على لبنان اذا انتخب أي مرشح للممانعة .
واكد ان هناك مصالح اقتصادية لفرنسا وراء الصفقة مع "حزب الله" . وقال "انا زعلان على فرنسا التي هي ام الديموقراطية وحقوق الانسان ..ومع ذلك تذهب لدعم سليمان فرنجية بما لا يتلاءم وتاريخ فرنسا في لبنان ". وقال ان "اذا كان فريقنا ليس قادرا الان على فعل ما يريده فليس معنى ذلك ان نرمي انفسنا في البحر" . واستشهد جعجع بمجموعة مواقف "لسليمان بك فرنجية" ليؤكد ارتباطه بنظام الأسد ومحور الممانعة كما عدد الكثير من المحطات السابقة ليسخر من نظرية "الضمانات" التي تطرح في ترشيح فرنجية .
وسأل "هل سليمان فرنجية اقوى من ميشال عون ؟". وأوضح ان الموقف السعودي لم يتبدل اذ لا يتدخلون في الأسماء وهم يقولون ليصوت اللبنانيون لمن يريدون وهم يحكمون على ممارساته . ونفى أي تدخل للسعودية معه "فنحن أصدقاء ولا هي تتدخل ولا نحن سنغير موقفنا . ونحن نقول لجميع أصدقائنا لا تعذبوا قلبكم لن نقبل بمرشح لمحور الممانعة" . وقطع الطريق على التفاهم مع النائب جبران باسيل على الملف الرئاسي اذ اتهمه بانه لم يبدل ممارساته ولم يعد النظر فيها ابدا وهو يريد مصالحه فقط . واكد انه في حال تمكن الفريق الاخر من تامين النصاب لانتخاب فرنجية ستكون القوات اللبنانية في المعارضة حتما لكنه اكد ان المعارضة قادرة على تعطيل النصاب . ولمح الى ان ثمة شيئا موجودا لدى المعارضة لكن في وقته ونفى طرح فيتو على جهاد ازعور ولكن نستعرض كم هو قادر على إدارة الأمور .
وكان الشيخ قاسم قد غرّد على حسابه عبر "تويتر" قائلا: "الصورة على حالها منذ ستة أشهر. مرشح رئاسي لديه عدد وازن من أصوات النواب هو الوزير السابق سليمان فرنجية، ومرشح تبحث عنه كتلٌ تصنِّف نفسها في المعارضة ولم تصل إلى اتفاق عليه حتى الآن، من بين عددٍ من المرشحين ليس لأحدٍ منهم أصوات وازنة. البلد أمام مرشحين: أحدهما جِدِّي والآخر هو الفراغ، وكل المؤشرات المحلية والتطورات الإقليمية لا تنبئ بتغيُّر المشهد. لنحسم خيارنا اليوم باختيار الأقرب إلى الفوز بالرئاسة، بالحوار وتذليل العقبات لإنقاذ البلد، وعدم إضاعة الوقت سدًى بتحقيق النتيجة نفسها بعد طول انتظار".
وفي المواقف البارزة من الملف الرئاسي أيضا اعلن امس النائب مروان حمادة ان الاجتماع الخماسي لن يأتي باسم رئيس للجمهورية لأن الموضوع الرئاسي هو لبناني ولكن بغلاف اقليمي دولي. وتابع: "الرئيس المرتقب يجب أن يكون وسطيا، اصلاحيا وسياديا وعليه العمل على اعادة الاستثمارات من أجل ازدهار لبنان". واضاف: "كفى إصرارا على فرنجية ولنفتش عن مرشح وسطي".
وبدوره اوضح النائب غسان سكاف ان "مبادرته الثانية بإتجاه إنجاز الاستحقاق الرئاسي قد أخذت مسارها وستستكمل مكوناتها في الأيام القليلة المقبلة". وقال: "في المبادرة الاولى كان الاتجاه الى مرشح واحد يقبل به الجميع، تجنباً لتعطيل النصاب، ولكن فرقاء عطلوا النصاب واليوم هناك افرقاء آخرون مستعدون لتعطيل النصاب . في المبادرة الثانية، انا ابحث عن مخرج يمنع تعطيل النصاب بإيجاد مرشحَين متواجهين(مرشح من كل فريق) وعلى كل مرشح إقناع فريقه بعدم تعطيل النصاب والتوجه لاقناع المترددين بالتصويت له وحسم خياراته". وختم: "نحن في نظام ديمقراطي والديمقراطية تقتضي أن نتقبل نتيجة الانتخابات. فلنذهب الى انتخابات وليربح من ينتقيه ممثلو الشعب ونقوم جميعاً بتهنئته ونقف معه لخلاص البلد".