انتهى عمل لجان تقليص المواد للامتحانات الرسمية في المرحلتين الثانوية العامة والمتوسطة، وفرضت وزارة التربية عدم إجراء الامتحانات كاملة، كما سبق وطالب اتحاد المدارس الخاصة. ففي التفاصيل وبعد تباين الآراء حول تقليص المناهج من عدمه، تم تشكيل لجان من الوزارة ومن المدارس الخاصة لبحث تقليص الدروس للامتحانات الرسمية. وتم اختيار أساتذة لكل مادة من مواد الامتحان في الفروع الأربعة للشهادة الثانوية ولمرحلة المتوسط، من القطاعين الخاص والرسمي. وأنهت اللجان التقليص خلال الأسبوع الحالي، ورفعته إلى وزارة التربية.
تقليص ومواد اختيارية
ووفق مصادر مطلعة على عمل اللجان كان مقررا زيادة عدد المحاور للامتحانات الرسمية في مطلع العام الدراسي. لكن بسبب وجود إشكاليات في التعليم الرسمي، تقرر امتحان الطلاب بالمحاور عينها للسنة الماضية، مع بعض التعديلات. ووفق ما صدر من نتائج عن اجتماعات لجان تقليص المواد سيمتحن الطلاب بنحو ستين بالمئة من المحاور التي سبق وتقررت مطلع العام الدراسي، أي بما يعادل 13 أسبوعاً تعليمياً طوال العام الدراسي. وقياساً بما تعلمه الطلاب في القطاع الرسمي كان يفترض أن تقلص المواد أكثر. لكن من شروط الدول المانحة لتقديم الدعم المالي لإجراء الامتحانات، يجب أن لا تقل المواد قياساً بعدد الأسابيع عن 12 أسبوعاً.
أما بما يتعلق بامتحان الطلاب بمواد اختيارية، كما حصل العام الفائت، فستعمل الوزارة على تكريس هذه التجربة في الامتحانات المقبلة، بمعزل عن مطالبة اتحاد المدارس الخاصة بعدم امتحان الطلاب بمواد اختيارية. لكن وزارة التربية لن تعلن عن هذه المسألة في الوقت الحالي، كي لا يستسهل الطلاب الأمر ويكتفون بدرس المواد التي يفضلونها.
مصادر في وزارة التربية أكدت أن موعد إجراء الامتحانات تقرر في الأسبوع الأول من شهر تموز. ولا يوجد أي نية لتأجيل الموعد بسبب اضطراب التعليم الرسمي الثانوي. فلا يمكن تأجيل الامتحانات لعدم إلحاق ضرر بالطلاب الذين قدموا طلبات للتعلم في الخارج وتنتظر الجامعات منهم صورة مصدقة عن شهادة الثانوي. فعادة يسافر نحو سبعة الاف طالب للتعلم في الخارج كل سنة، وعليهم تقديم الشهادات في مواعيد محددة.
رفض مطالب المدارس الخاصة
الإشكالية التي اعترت تقليص المواد بما يتعلق بالامتحانات الرسمية هي أن القطاع الخاص أنهى البرامج المقررة مطلع العام الدراسي كلها. بينما القطاع الرسمي لم ينه أكثر من 35 بالمئة من المناهج. وقامت توقعات الوزارة على أنها ستتمكن من انهاء ستين بالمئة من المحاور المقررة مطلع العام الدراسي، وذلك بغضون منتصف شهر حزيران المقبل. وعلى هذا الأساس تم تقليص المواد.
سبق وتشددت المدارس الخاصة بعدم تقليص المناهج وبإجراء الامتحانات الرسمية على دفعتين، واحدة للخاص وأخرى للرسمي. ثم انتهت العاصفة بين الوزارة واتحاد المدارس وعقدت لجان تقليص المواد اجتماعاتها خلال الأسبوع الحالي. وتم تقليص المواد، التي سيقوم المركز التربوي للإنماء والبحوث بتسليمها إلى وزارة التربية، ليصار لاحقاً إلى تحديد أسئلة الامتحانات من ضمن المحاور والفصول التي حددتها اللجان في كل مادة.
امتحانات جيل كورونا
ووفق مصادر مطلعة على مداولات اتحاد المدارس ووزارة التربية، أصرت الأخيرة على أن عدالة التعليم والعدالة الاجتماعية تقضي بإجراء امتحانات واحدة للجميع. أما المدارس الخاصة فاعتبرت أن تقليص مواد الامتحانات يؤدي إلى ضرب مستوى الشهادة الرسمية. وهذ الأمر لا يحقق العدالة بين طلاب القطاع الخاص والرسمي بل يضر بكلا الطرفين.
وتضيف مصادر اتحاد المدارس الخاصة أن من يمتحن من الطلاب في شهر تموز المقبل هم جيل كورونا. أي هم الجيل الذي لم يجر امتحانات الشهادة المتوسطة عند انفجار ازمة كورونا، ولم يتعلم في السنتين التاليتين للأزمة حتى في القطاع الخاص. هذا فضلاً عن أنه الجيل الذي لم يتعلم إلا ما ندر بما يتعلق بطلاب المدارس الرسمية طوال السنوات الأربعة المنصرمة. وفيما تعافت المدارس الخاصة العام السابق والعام الحالي وعلّمت الطلاب بشكل جيد لمحاولة انقاذ جيل كورونا، ما زال طلاب المدارس الرسمية يعانون من الإضرابات المتواصلة للأساتذة. وبالتالي كان يفترض إجراء امتحانات تراعي مستويات الطلاب وعدم تخفيض مستوى الشهادة. لكن وزارة التربية أصرت على إجراء امتحانات للجميع معاً.
وتضيف المصادر أن المدارس الخاصة أدركت منذ البداية أن الاجتماعات التي عقدتها اللجان لتقليص المناهج لا طائل منها، لأن الوزارة قررت ما وضعته مسبقاً. فقد أساءت الوزارة التصرف بالتمويل الدولي الذي أتى لإنفاقه على جودة التعليم وإذا به يذهب بشبكة الهدر والفساد. وها هي تتذرع بعدالة التعليم رغم أن تقليص المناهج يضرب مستوى الشهادة الرسمية، ويضر بسمعة التعليم الخاص.
المدارس الخاصة مستفيدة من التقليص
لكن مصادر مطلعة على عمل اللجان وعلى الاجتماعات التي عقدت لتقليص المواد أكدت أن التقليص حصل بموافقة الأساتذة المنتدبين من المدارس الخاصة. ولم يعترض أي أستاذ بأي لجنة على أي محور أو مادة أضيفت أو تم شطبها.
وتضيف المصادر أن مطالب المدارس الخاصة بالتشديد بالامتحانات وعدم تقليص المواد مجرد ادعاءات. فهي تدرك أن تقليص المحاور التي سيمتحن بها الطلاب أتى لمصلحتها، طالما أن طلابها أنهوا محاور دراسية تزيد بكثير عن تلك التي تقرر الحفاظ عليها لامتحان الطلاب.
ووفق المصادر، حصلت إشكاليات في بعض المواد حيث أزيلت محاور كانت محتسبة السنة الفائتة ومقررة للعام الحالي وفق التخفيض الذي صدر مطلع العام الدراسي. لكنها إشكاليات طفيفة. فعلى سبيل المثال قررت لجنة مادة التاريخ حذف محور مقرر للعام الحالي ودرس فيه الطلاب. وعملت على أضافة محور لم يدرسه الطلاب منذ نحو سبع سنوات. وأعيد تصحيح هذه المشكلة. غير ذلك كل المواد صدرت من دون إشكاليات أو اعتراضات. ولو كانت المدارس الخاصة غير مستفيدة بشكل أساسي من التخفيض، لكان يفترض تسجيل اعتراضات من الأساتذة المنتدبين.