"كما تكونون يولّى عليكم". وكما تنتخبون تُحكَمون. ما جرى تحت قبة برلمان الدولة اللبنانية اليوم بما تخلله من لغة تخاطب سوقية وعبارات تنم عن قلة تربية واخلاق يعكس في شكل فاقع حقيقة واسباب وصول لبنان الى هذا المستوى من الانهيار والافلاس السياسي والانحدار الصاروخي نحو القعر. ففيما استبشر اللبنانيون خيرا بعيد قرار مجلس الوزراء امس بالعودة الى اعتماد التوقيت الصيفي باعتباره سحب فتيل فتنة كادت تشعل البلاد، خرجت من القاعة المفترض ان تشهد انتخاب رئيس جمهورية للبلاد منذ اكثر من ستة اشهر أصوات نيابية أقل ما يقال فيها انها غير لائقة بلبنان واللبنانيين ولا يصح استخدامها الا في الازقة وداخل السجون. وللرئيس نبيه بري ان يحكم ...
وفيما لا تزال الاجواء السياسية في البلاد مشحونة ومتوترة بفعل التصعيد في الخطاب الذي رافق معضلة "التوقيت الصيفي والشتوي"، انفجر خلاف حاد اليوم في اللجان المشتركة التي اجتمعت لتناقش 8 بنود، الا انها انتهت بسبب كثرة الاشكالات التي تجاوزت حدود التخاطب الاخلاقي، خلالها، من دون اقرار اي منها.
مش بالنظام: فمع بدء الجلسة، علا الصراخ من داخل الهيئة العامة بسبب سجال بين النائبين ملحم خلف وغازي زعيتر على خلفية دعوة خلف لانتخاب رئيس جمهورية. فما إن دعا خلف النواب إلى انتخاب رئيس جمهورية حتى ردّ عليه زعيتر معتبراً كلامه "مش بالنظام". وارتفع سقف النقاش بين النائبين، وصدر عن زعيتر كلام غير مسبوق في المجلس إذا قال للنائبة بولا يعقوبيان، النواب "شو هالبضاعة"، وتوجّه لخلف بالقول "متل صباطي".
الجميل..كلام خطير: ولاحقا، وقع نقاش حاد خلال الجلسة بين رئيس الكتائب النائب سامي الجميّل والنائب علي حسن خليل بسبب استخدام خليل تعابير لاأخلاقية ولا ترتقي إلى مستوى التخاطب بين النواب، وقد عقد الجميّل مؤتمرًا صحافيًا أكد فيه أن ما حصل خطير ومسّ بمقدسات ولن يمرّ. وقال "جئنا لنؤكد أن عدم حصول الانتخابات البلدية والاختيارية سيؤدي الى فوضى كبيرة في البلد، لافتا إلى أن هناك مئة طريقة للحكومة لإجراء الانتخابات البلدية وأعطينا امثلة ان مصرف لبنان يصرف يومياً 27 مليون دولار لمنصة صيرفة ولتهدئة سعر الصرف". أضاف: "هناك عدد من الطرق للتمويل خصوصًا ان المبلغ المطلوب هو 8 مليون دولار وهو ربع ما يدفعه مصرف لبنان يومياً". وأكد أننا جئنا لحماية هذا الاستحقاق البلدي والاختياري لأن موقفنا ان المجلس هو هيئة ناخبة لا يحق لها التشريع والمسؤولية تقع على الحكومة التي لا يمكنها ان تؤمن تمويلاً للانتخابات البلدية فيما تجد تمويلا لأمور اخرى. وأعرب الجميّل عن تخوفه من عدم اجراء الانتخابات البلدية، مضيفًا: "لكن حصل شيء بهذه الجلسة التي شهدت منذ بدايتها توترات، وتابع "لن أدخل في تفاصيل ما حصل وسأضعه بعهدة الرئيس بري لنرى كيف سيتعاطى مع الأمر". اضاف "إن أفصحت عمّا حصل سأكون مساهماً بفتنة يريد البعض جرّ البلد إليها وهذا ما لا نريده، من هنا لن أتحدث عما حصل خلال الجلسة والذي كان يمكن أن يأخذ البلد الى مكان آخر". وتابع "تسجيل ما حصل في الجلسة موجود، أي ما قلته وما قاله الزملاء، وأدعو الرئيس بري لأخذ التسجيل والاستماع إليه وإن كان سيعتبر ان ما حصل يمرّ فنكون امام مشكلة كبيرة لن يقبل بها أحد". وأوضح الجميّل أن ما حصل مسّ بمقدسات وانطلاقاً من هنا اتوجه الى الرئيس بري إن كان سيعالج الموضوع فهو يعرف كيف يعالجه وإن لم يرغب بمعالجته فتكون الرسالة وصلت وسنرى مع حلفائنا كيف سنتعاطى. ورأى الجميّل أن البلد بخطر والناس والوضع الاقتصادي بخطر وكذلك المؤسسات، ونحن بمنأى عن هذا النوع من المشاكل لكن ما حصل لا يمكن أن يمرّ ولن يمرّ". أضاف الجميّل: "لن أتحدث ولن أدخل بالتفاصيل وأكرّر أن التسجيلات موجودة ولم أتوجّه لعلي حسن خليل بأنه مطلوب للعدالة". وجدّد الجميّل التأكيد "لن أدخل بالمضمون والتسجيلات موجودة واتمنى أن تنشر وأكثر من ذلك لن أضيف، واللبنانيون شاهدون على أخلاقي وصبري الطويل ففي أعنف المواجهات لم أقلّل "تهذيب وأخلاق" مع أحد وكل الناس تعرف أن هذا الأمر لن يتغير، وختم: "الموضوع بات بعهدة بري".
خليل وخطاب الانقسام: في المقابل، رأى خليل أنّ “للأسف هناك جهات لأسباب عديدة تصرّ على تعطيل المجلس النيابي ورفض عقد جلسات تشريعية”. واضاف من مجلس النواب: “الانفعال الذي تكلّم عنه أحد الزملاء هو ما يولّد ردّات الفعل وكان كلامي واضحًا إذ قلت نحن كمجلس نيابي لا نتحمّل مسؤولية سحب الأموال من SDR وإذا أحد رؤساء الأحزاب اقترح ذلك فليتحمل هو المسؤولية". تابع “قصدت جعجع بتصريحه عن الـSDR منذ يومين ورئيس “الكتائب” النائب سامي الجميّل أصرّ أنّه هو المقصود وتكلّم معي بلغة تخطّت لغة الزمالة فاستحقّ ردّة فعلي ليعلو الصراخ في المجلس. وأكد أن “لن أقبل بأن يكون هناك أيّ مسّ بكرامتنا تحت أي شكلٍ من الأشكال”، موضحًا “أننا لن ننجر إلى خطاب الإنقسام في البلد". وشدد خليل على أنّ “حركة “أمل” حركة قاتلت من أجل لبنان وما زالت تُناضل وهي الحريصة على السلم الأهلي بعكس جهاتٍ رفعت شعار “لكم لبنانكم ولنا لبناننا” بسبب “الساعة".
الشامي يحذر: وسط هذه المناخات المشدودة، الاوضاع الاقتصادية من سيئ الى اسوأ ولا علاجات، وجلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة امس لدرس الوضع المالي والمعيشي ولم تُعقد، لم يُحدد موعد جديد لها. ليس بعيدا، صدر عن نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي البيان الآتي: حذَّرت بعثةُ صندوق النقد الدولي إبّان زيارتها لبنان أنه، في غياب الإصلاحات الضرورية التي تَمَّ الاتفاق عليها مع الصندوق على صعيد الموظفين، سيدخل لبنان في أزمة عميقة لا أفق زمنيا لها. كما كنّا نحن نُحذِّر تكرارا ولا نزال، من على منابر عدة ومن داخل مجلس النواب، من خطورة الوضع ولكن صوتنا لم يلقَ آذاناً صاغية، فعسى أن يكون صوتُ الصندوق أكثر وقعاً. لقد أعدَّت الحكومة برنامجاً اقتصادياً ومالياً تم الاتفاق عليه مع الصندوق، وكذلك خطة مفصلة وموسعة مستوحاة من هذا الاتفاق أُرسلت إلى مجلس النواب في التاسع من أيلول الفائت. فمن المستغرب أن بعض السياسيين من مشاربَ مختلفة، ما زالوا يدّعون جهاراً أنَّ ليس للحكومة أية خطة، إذ في ذلك استخفاف بأمور ذات أهمية بالغة وتداعيات على مسيرة الإصلاح، بل على مصير البلد. توصّل لبنان إلى اتفاق مع الصندوق قبل سنة، ولم ينجز إلا القليل من الإجراءات المُتفق عليها. إن عدم القيام بهذه الإصلاحات من قبل المسؤولين أينما وجدوا يقوّضّ صدقية لبنان ويزيد صندوقَ النقد تصلّباً في مواقفه ورفضا لقبول أفكار جديدة، حتى لو لم تكن متعارضة بشكل جوهري مع مذكرة التفاهم. لبنان بحاجة لاستعادة ثقة المجتمع الدولي لنكسب بعضا من المرونة بالتعامل مع لبنان. المرونة من قبل الغير تتطلب صدقية من قبلنا. في ضوء التعثّر الحاصل، أسهبَ البعضُ بالاستنتاج أن الصندوق سينسحب من الاتفاق مع لبنان، وها هو الصندوق يؤكد انه ملتزم بمساعدتنا، ولكن الخوف، كل الخوف، هو أن ننسحب نحن من الاتفاق فعلياً بحكم التلكؤ الحاصل في تنفيذ الإجراءات. تابع : المراوغة في تطبيق الإصلاحات قد يؤدي بنا إلى مزيد من المأسوية. فالضوء في نهاية هذا النفق الطويل يخفت شيئا فشيئا ويكاد ينطفئ. في ظل وجود حكومة تصريف أعمال، وعندما يُفقد الأمل، قد يضطر المسؤول الى الانكفاء بعدما قدَّم كل ما في حوزته وينتقل إلى الظل حتى لا يكون شاهد زور على الانهيار الحاصل.
لايجاد مخرج: اما رئاسيا، فالقديم على قدمه ايضا. وبينما رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط في باريس، أكد أمين سر الاشتراكي ظافر ناصر ان زيارة جنبلاط الى فرنسا ستضم اكثر من لقاء لعدد من المعنيين"، مشيرا الى ان جنبلاط يجري تشاوراً مستمراً مع القيادة الفرنسية من اجل البحث عن مخرج للأزمة اللبنانية".
لا تقدم: من جانبه، رأى عضو تكتل "لبنان القوي" النائب جيمي جبّور في حديث اذاعي، أن "الاتصالات الدولية في خصوص لبنان لم تسجّل أي تقدّم في الملف الرئاسي ولا نرى تأثيراً إيجابياً كبيراً للاتصالات الفرنسية - السعودية في ما يخص هذا الملف"، آملاً في أن "يكون هناك دفع في اتّجاه تقريب موعد الحسم الرئاسي، إنّما لا شيء يلوح في الأفق حتى الساعة". ورأى في موقف فرنسا "انتقالاً من رؤية تتعلّق بسليمان فرنجية – نواف سلام إلى البحث الجدي في أسماء أخرى"، واصفاً ذلك بالتطور الإيجابي.
عقوبات: على صعيد آخر، فرضت الإدارة الأميركية عقوبات جديدة طالت كلا من حسّان محمد دقّو، شركة حسّان دقّو ونوح زعيتر، إضافة الى عدد من الشخصيات السورية.