مباشر

عاجل

راديو اينوما

ositcom-web-development-in-lebanon

هكذا يتأقلم اللبناني مع غلاء البنزين: إنتهى زمن التفويل

21-03-2023

مقالات مختارة

|

نداء الوطن

يُفاخر اللبنانيون بالإجمال بقدرتهم على التأقلم مع كلّ الظروف المحيطة بهم، يعتبرون ذلك مصدر ثبات نفسي بمواجهة الإحباطات، مع أنّهم محاطون بكلّ الظروف التي تغرقهم بها. وعليه، عندما يعيش البعض السيّئ، يحمد ربّه أنه لم يبلغ الأسوأ، ويتابع يومياته بهدوء فيحاول أن ينتزع من الخسارات الكبيرة إنتصارات فردية. حتى لو حوّل ذلك كل مواطن إلى حالة فردية في مجتمعه، يستحيل تطورها إلى حالة تغييرية في المشهدية العامة للأزمة المشتركة.


والأمثلة حول قدرة اللبناني هذه على التأقلم كثيرة، وخصوصاً في ظلّ تردّي الأحوال المعيشية. فتفوّق سعر الدولار مثلاً على أعلى فئة من العملة اللبنانية، لم يربك الناس كما فعل في بداية إرتفاعه إلى حدّ العشرة آلاف ليرة، فهم تأقلموا على سعر غير مستقرّ للدولار منذ بداية الأزمة في سنة 2019. غير أنّ اللافت تأقلم اللبناني سريعاً أيضاً مع تداعيات الإرتفاع حتى في سعر دولار صيرفة، على رغم الزيادات الجنونية التي سيفرضها على مستحقّات شهرية، كفاتورة الكهرباء والإتصالات.

ومع أن أوّل شرارة للتحرّك الشعبي إنطلقت على أثر زيادة بضعة سنتات على إستخدام تطبيق «واتساب»، لا يبدو أنّ الملايين التي سينفقها اللبنانيون على فاتورة الهاتف أو الكهرباء ستلقى إعتراضات مشابهة، وذلك طبعاً لأنّ اللبناني تأقلم. إستمرار حبس الودائع في المصارف وجد له الأفراد ألف طريقة وطريقة ليحرّروا ولو جزءاً منها، فتأقلم الكثيرون مع هذا الواقع أيضاً. فمن لم يتاجر بالشيكات المصرفية وجد الفرصة في منصّة صيرفة، أو بحث عن تسويات لتقليص خساراته المصرفية، فحقّق إنتصارات فردية، تتنوّع أيضاً في محاولات الكثيرين تأمين الدواء المفقود أو الحليب المحتكر على مسؤوليتهم... لنصل الى إنقطاع الخبز، وتأقلم اللبناني مع فكرة التزاحم مع أبناء بلده وضيوفه على أبواب المخابز. وهذه ليست سوى ترجمة لتأقلم اللبناني أيضاً مع طوابير الذلّ، والتي إنطلقت من باحات محطات الوقود، قبل أن يتأقلم اللبنانيون مع فكرة تبدّل سعره مرّتين يومياً.

والواقع أنّ مسار تأقلم اللبناني مع الأوجه المتنوّعة لأزمة صفيحة البنزين تستحقّ بذاتها التمعّن في هذا السلوك الفردي للبناني، بدءاً من مرحلة رفع خراطيم المحطّات إلى مرحلتي رفع الدعم جزئياً وكلياً عن الصفيحة، وصولاً إلى يومنا هذا. فصفيحة البنزين التي تخطّى سعرها حالياً المليوني ليرة، هي الشغل الشاغل لكلّ اللبنانيين، وهي العنصر الأوّل المعطّل للكثير من مرافق الحياة أيضاً، كما أنّها محور المفاوضات والمساومات التي تخاض على أكثر من صعيد، لتحسّن من ظروف تأقلم اللبناني مع إرتفاع كلفة الإنتقال.

فالأساتذة الرسميون مثلاً ربطوا عودتهم إلى المدرسة بتأمين 5 ليترات بنزين يومياً، وتبعهم أساتذة المدارس الخاصة بالطلب نفسه. وموظّفو القطاع العام يرفضون العودة إلى العمل قبل تأمين بدلات الإنتقال العادلة. ومعظم الموظّفين في القطاع العام أو الخاص ما عادوا يتحدّثون بأساس الراتب، بل يفاوضون على ربح كم ليتر من البنزين فوق الراتب. فيما بات سائر المجتمع اللبناني يميل لعدم إستخدام السيارة سوى لقضاء الحاجات. إذ يلفت كهربائي سيارات مثلاً إلى ظاهرة تضرّر البطاريات بشكل كبير أخيراً بسبب عدم إدارة محرّكات السيّارات. وهذا وجه آخر من أوجه التأقلم.

ositcom-web-development-in-lebanon

مباشر

عاجل

راديو اينوما