مباشر

عاجل

راديو اينوما

ositcom-web-development-in-lebanon

معضلة إسرائيل استخبارياً وعملياتياً: تقديرات بلا أدلة... وخيارات ضيـقة

17-03-2023

صحف

|

الأخبار

يواجه كيان العدو بعد عملية مجدو وما حملته من رسائل وإخفاقات، معضلة مركّبة. فليست لدى الأجهزة المختصة، حتى الآن، أدلة قاطعة تثبت أن منفّذ العملية تسلّل من لبنان. بل تستند في ذلك - كما يوحي البيان الرسمي الصادر عن الجيش وأجهزة أخرى - إلى تقدير بأن المنفذ كان يتجه نحو الشمال! وإلى أن العبوة متطورة (كليماغور) ولا توجد نماذج مشابهة لها في المناطق الفلسطينية، إضافة إلى أسئلة تكتيكية أخرى تلعب دوراً حاسماً في استكمال الصورة حول كيفية العبور، وما إذا كان قد تلقّى مساعدة من الداخل الفلسطيني، ومن قام بعملية مسح معلوماتي لموقع العملية...

المعضلة الثانية التي تواجه الكيان أن ربط العملية بحزب الله يستند، أيضاً، إلى تقديرات وليس إلى معطيات دامغة. وما يُعزِّز ذلك تعهد وزير الأمن يوآف غالانت بأن استكمال الصورة الاستخبارية سيتم «في وقت قريب»، مراهناً في ذلك على امتلاك إسرائيل «قدرات عالية في المجال الميداني والاستخبارات. وسنعرف ما يحدث».
هذه الضبابية منحت المعلّقين الإعلاميين هامشاً للتوسّع في التحليل والاستشراف من دون أن يتعارض ذلك مع الاتجاه الذي رسمه البيان الرسمي للقضية. فاعتبر المعلق العسكري في «معاريف»، طال ليف رام، أن «هذا النوع من الهجمات لا يعكس أن هناك منظمة عابرة وراءه»، وفي ضوء ذلك تم ترجيح فرضية أن تكون لحزب الله علاقة بالعملية بشكل أو بآخر. واستناداً إلى تقديرات تكتيكية، تابع رام أن هناك من «جمع معلومات استخبارية مسبقة عن الحدود ونقاط ضعفها، وتخطيط عملياتي، ومستوى سرية مرتفع في لبنان وفي إسرائيل». وأتى موقف غالانت ليضفي غطاء رسمياً على هذه التفسيرات، بإشارته إلى أن هذه حادثة معقّدة مع أطراف خيوط كثيرة».


مع ذلك، فإن التحدي الأكبر لإسرائيل هو، بحسب رئيس الاستخبارات العسكرية السابق عاموس يادلين، أنها «تواجه معضلة استراتيجية وعملياتية من الدرجة الأولى»، تتمحور حول كيفية الجمع بين «استعادة الردع من دون الانجرار إلى تصعيد لا يريده أي من الأطراف». وتخشى إسرائيل من أن عدم الرد يستبطن أكثر من رسالة: أن تبدو غير قادرة على استكمال الصورة الاستخبارية التكتيكية التي تلعب دوراً حاسماً في بلورة خياراتها الاستراتيجية بغض النظر عن الاتجاه الذي ستسلكه. والأكثر خطورة أن لا تنجح في تعزيز صورة ردعها لمنع تكرار عمليات مشابهة، بعدما ثبت أن الجهة التي تقف وراء العملية تتمتع بحصانة استخبارية سمحت بمفاجأة أجهزة العدو، في طبيعة العملية ومسارها ومكانها وأسلوبها وتوقيتها. لكن وزير الأمن الإسرائيلي حاول تبديد هذه الصورة بالتهديد بأن «كل من نفذ هذا الهجوم سيندم»، وأن إسرائيل «ستجد الوقت المناسب. ونعمل بالطريقة الصحيحة وسنضربه». إلا أن تسلل المنفذ - بحسب الرواية الإسرائيلية - عكس وجود قدرة جدية على الاختراق الآمن ووصول المنفِّذ إلى الهدف الذي يبعد عشرات الكيلومترات. ويمنح ذلك الجهات المعادية خيارات أوسع وأشد خطورة، مع بصمات منخفضة للرد على اعتداءات العدو.
على مستوى الأجهزة، من المرجح جداً تشكيل لجان تحقيق داخلية لدراسة الفجوات الاستخبارية على مستوى المعلومات والتقدير. إلا أن التجارب الماضية أظهرت بشكل ملموس أنه مهما كانت العبر المستخلصة والإجراءات التي تليها، فإن هناك دائماً قيوداً ذاتية للعمل الاستخباري تحول أن يكون كاملاً. وتاريخ الكيان مليء بالمفاجآت الاستراتيجية التي تلت محطات قيل حينها أنه تم استخلاص العبر منها، وهو أمر تقر به المؤسسة الاستخبارية والخبراء، وينطبق على المجال العملياتي، حتى لو تم تعزيز الإجراءات على الحدود مع لبنان، وهو مسار قائم على أي حال.


في النظرة الأولى، قد لا تتلاءم الضجة التي أثيرت حول العملية والمخاطر مع الخاتمة التي انتهت إليها. لكن، من دون استبعاد التوظيف السياسي الذي ظهرت بعض ملامحه في أكثر من موقف، إلا أن أبعاداً أخرى تقف أيضاً وراء هذه الأجواء. وهي أنه تمت مقاربة العملية انطلاقاً من الرسائل التي حملتها، على مستوى القدرات والإرادة السياسية، وما تعتبره إسرائيل مجازفة تنطوي عليها. وفي الاتجاه نفسه أتى تعقيب المعلق السياسي في «يديعوت أحرونوت» يوآف ليمور، بأن العملية تستبطن «أبعاداً عميقة وإمكانية متفجرة على أمن إسرائيل والمنطقة»، في إشارة إلى التداعيات التي كان يمكن أن تترتب لو تم تنفيذها بما يتلاءم مع طبيعة وحجم العبوة والوسائل القتالية الأخرى الموجودة مع المنفذ، بحسب البيان الإسرائيلي. ويتقاطع هذا التوصيف مع كلام وزير الأمن الذي رأى أنه «تم تجنب وقوع حادث خطير. كان احتمال الضرر كبيراً». في الخلاصة، أوضح ليمور أيضاً خلفية الأجواء التي سادت بالقول إن هذه الإمكانية المرتفعة للمخاطر الكامنة في هذه العملية التي يمكن أن تتكرر في أي وقت، هو ما دفع «المؤسسة الأمنية والعسكرية في الأيام الأخيرة إلى مداولاتٍ محمومة أدّت إلى تقصير زيارة رئيس الحكومة نتنياهو لبرلين». مع ذلك، تبقى الكلمة الأخيرة لمعضلة ضيق الخيارات المضادة ومخاطرها، المطروحة على طاولة مؤسسة القرار السياسي والأمني، في حالتي الرد وعدم الرد.

ositcom-web-development-in-lebanon

مباشر

عاجل

راديو اينوما