المصارف ماضية في قرار الإضراب الثلثاء المقبل إلا إذا طرأ ما يدفعها إلى العدول عنه، وهو انتفاء الأسباب التي دفعتها إلى الإضراب... ولكن حتى اللحظة لا شيء يشي بذلك، أقله على صعيد الدعاوى القضائية، على رغم القرار الصادر عن محكمة الاستئناف المدنية في بيروت برئاسة القاضي حبيب مزهر الناظرة بالاستئناف المقدَّم من بنك البحر المتوسط "بنك ميد" القا ضي بضمّ المعاملة التنفيذية إلى ملف الاستئناف للبَتّ بطلب وقف التنفيذ، فيتوقف التنفيذ حكمًا بالمعاملة التنفيذية لعدم وجود ملف... فجمعية المصارف تعتبر أن هذا القرار هو إجرائي يمدّد مهلة التنفيذ.
من هنا، فإن مطلب الجمعية الأساسي الكامن في إيجاد حل جذري لموضوع ازدواجية المعايير في بعض القرارات الصادرة عن بعض القضاة، لا يزال عالقاً على حِبال السياسة، ما يدفع بالجمعية إلى التزام إضرابها المفتوح الذي يبدأ الثلثاء المقبل.
استمرار رفع الدعاوى على المصارف يوحي وكأن أزمات البلاد قد أَفَلَت ومشاكلها الكثيرة المتعددة تبدّدت، ولا يزال سوى القطاع المصرفي يجب إلغاؤه ليعود لبنان وينهض من جديد!
وفي السياق، يسأل مصدر مالي عبر "المركزية": لماذا اختفت مشهديّة التظاهرات المطالِبة بانتخاب رئيس للجمهورية؟! فهل الانتخابات الرئاسيّة لم تعد مطلباً رئيسياً وهدفاً أوّل للشعب والدولة؟! هل أزمة الاستشفاء وفقدان أدوية الأمراض المستعصية وإقفال المدارس وتحليق أسعار السوبرماركت وسعر صرف الدولار وانهيار كل القطاعات من دون استثناء...إلخ، لم يعد يعني المسؤولين والشعب شيئاً سوى إقفال المصارف وحرقها وتدميرها كي يتنفّس البلد الصعداء؟!
ويستطرد القول: يبدو أنّ مَن خطّط لهذا السيناريو "الانهياري" في البلاد على الصعد كافة ولا سيما الفراغ في سدّة الرئاسة الذي يُخشى تمدّده إلى سدّة الحاكمية عند انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في تموز المقبل، قد يكون حقق مآربه في إيصال البلاد إلى ما هي عليه اليوم وبما فيه الوضع المصرفي.. وهذه الجهة كما غيرها على يقين بأن لا اقتصاد ولا نمو ولا استمرارية بدون القطاع المصرفي.
ويُضيف مستغرباً: إذا كان الاستمرار في التصويب على المصارف على أنها اليد المدمّرة التي سبّبت كل هذا الانهيار، بهدف دفعها إلى الإفلاس فهي ستُقفل أبوابها الثلثاء علّ ذلك يكون الحل الجذري لأزمة البلاد السيادية والسياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية! فالمصارف ستساعد في تبنّي هذا الحل وستقفل أبوابها.. وإن أرادوا استقدام المصارف الخمسة من الخارج كما يتردّد، فليفعلوا ويعالجوا كل هذا التخبّط من جذوره... عندها لنرى ما إذا كانت الأموال ستعود إلى أصحابها ويزدهر لبنان!
ويعود المصدر ليسأل "أين المنطق في تحويل مبلغ 220 ألف دولار إلى الخارج لمصلحة أحد المودِعين لشراء منزل في دبيّ مع التهديد والوعيد للمصرف إن لم يلبِّ مطلبه، فيما المودِعون الباقون لا يستطيعون تأمين المأكل والتعليم والاستشفاء لأولادهم؟! إذا كانت إحدى الجهات السياسية تريد خرق القضاء لضرب القطاع المصرفي وغيره من أجل الاتيان به رئيساً للجمهورية، ألا تخشى على مصير المودِعين الذين لا يزالون يحصلون على أموالهم ولو بالقطارة من المصارف، ولا على مصير الموظفين الذين يعتاشون من المؤسسات المصرفية؟!".
لا جديد في "تخمين الموجودات"
وعما أُشيع اليوم عن أن مصرف لبنان أوكل 50 خبير تخمين محلّفين ومتعاقدين التوجّه إلى فروع المصارف من أجل تخمينها وإعداد تقارير بكل الفروع لصالح البنك المركزي، يوضح المصدر أن تلك المعلومات "غير دقيقة"، ويقول: لقد سبق وأعدّت المصارف بناءً على طلب مصرف لبنان، جداول بالقيمة التخمينيّة لفروعها، وقد تمت العملية منذ فترة بعيدة، وانتهى الموضوع. وذلك بهدف دعم رسملة موجوداتها في وقت لاحق.
ختاماً، يبقى المطلوب تصحيح الخلل في بعض القرارات القضائية التعسفية بحق المصارف، مع التأكيد على خطورة ما آلت إليه الأمور والتي تستلزم أن تتحمّل السلطات الرسمية من تنفيذية ونقدية وقضائية وتشريعية، مسؤوليتها في إيجاد حلّ شامل للأزمة القائمة...