توسّم اللبنانيون خيرا "رئاسيا" بعد ان سمعوا الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يعلن اسم مرشّحه لرئاسة الجمهورية، بعد ان سبقه زميله في الثنائي الشيعي الرئيس نبيه بري الى هذه الخطوة. فأخيرا، وبعد 11 جلسة من الاوراق البيضاء وتطيير نصاب الجلسات، خرج فريق 8 آذار من غموضه وقالها نصرالله "رئيس تيار المردة سليمان فرنجية مرشّحنا"، او "نحن ندعم ترشيحه"، لا فرق، فالنتيجة ذاتها، علما ان الزعيم الزغرتاوي لم يعلن بعد، ترشيحه!
الا ان فرحة المواطنين لم تكتمل، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ"المركزية". ذلك ان خطاب نصرالله كان يُفترض ان يترافق مع دعوته الى اعادة فتح ابواب البرلمان واطلاق عجلة جلسات الانتخاب من جديد، فيتنافس فرنجية مع المرشح او المرشحين الآخرين الذين سيتم الاقتراع لهم، في دوراتٍ متتالية الى ان يؤمّن أحدُهم السكور المطلوب ليصبح رئيسا للجمهورية. غير ان نصرالله لم يذهب في هذا الاتجاه، بل طلب، بعد ان حدد فرنجية مرشحَه، ان يتم الذهاب الى الحوار مع الاطراف الاخرى، للاتفاق على اسم او اثنين، فيتم حملهما بعد ذلك، الى البرلمان للتصويت، وهنا "الطامة الكبرى"!
فهذه النقطة بالذات، تؤكد ان الدوران في الحلقة المفرغة سيستمر. فهي اوّلا، تُثبت ان الثنائي لم يؤمّن حتى الساعة 65 صوتا لفرنجية. وهي تُظهر ثانيا، ان الثنائي، في الحوار الذي يدعو اليه، قد يتراجع عن فرنجية، لكن لصالح مرشح آخر يكون مستنسخا عنه، اي يحمل المواصفات ذاتها التي تُريح "الضاحية" ومصالح محورها. ومتى ضمنت الاكثريةَ المطلوبة لصالح هذه الشخصية، تتم الدعوة الى جلسة انتخاب.
واذ تلفت الى ان هذه الوضعية، هي التي تحول حتى الساعة دون اجراء الاستحقاق، تعتبر المصادر ان فرنجية قد يكون ايضا، اول ضحايا مواقف بري ونصرالله. فتبنّيهما ترشيحه (غير المعلن بعد مِن قِبله، كما اسلفنا)، أضرّ به كثيرا في الداخل وفي المنطقة، حتى أنه قد يكون قطع الطريق على وصوله الى بعبدا نهائيا، وقضى على محاولات الرجل، لتسويق اسمه، في الدول العربية والخليجية عموما وفي السعودية خصوصا، تتابع المصادر.
وفيما لا تستبعد ان يكون "الحزب" تبنى فرنجية ليقول له "نحن فعلنا ما علينا ووفينا في تعهّدنا بدعمك، لكن قد لا نتمكّن من ايصالك الى القصر"، في موقفٍ يمهّد للتخلي عنه لاحقا، او يحضّر لانسحاب رئيس المردة من السباق لاحقا، تعتبر المصادر ان الحزب ايضا هرب الى الامام وأراح نفسَه من نغمة ان "لا مرشح له".
في الانتظار، هو سيبقى يراهن على انضمام التيار الوطني الحر الى المصوتين لفرنجية، وربما لهذا السبب أصرّ نصرالله على ان يسايره امس.. كما انه يراهن على تبدّلات في المنطقة وتحديدا في اليمن والعراق وسوريا، قد تفضي الى موافقة اقليمية دولية على فرنجية.. اما اذا لم يحصل كل ذلك، فإن مواقف نصرالله امس ستبقى زوبعة في فنجان بـ"صفر" نتائج، الى ان يقتنع بالرضوخ للعبة الديموقراطية وبالتخلي عن فكرة "فرض مرشحه"، تختم المصادر.