06-03-2023
صحف
|
النهار
ولكن ذلك لا يحجب واقع تضخم ازمة الانقسام، بل ازمة انعدام الثقة التي باتت تطبع خريطة توزع القوى والمواقع والمواقف داخل مجلس النواب بما ينذر بمزيد من التعقيدات والعقبات التي يستبعد معها الاقتراب من حل او تسوية او مخرج للانسداد السياسي الذي يقيد انتخاب رئيس للجمهورية. وتلفت جهات معنية بالمشهد النيابي والسياسي الى ان حال الخصومة الناشئة بين رئيس المجلس وقوى المعارضة، ولا سيما منها الكتل النيابية الكبيرة ذات الأكثرية المسيحية، رسمت مزيدا من الظلال الثقيلة على أي إمكانات للانتقال بالازمة من مرحلة الانسداد التام الى بدء البحث عن مسالك تدفع بالازمة الى الحل. ولعل ما زاد الازمة تعقيدا ان المواقف التي اعلنها بري وما اثارتها من ردود وتداعيات، كشفت التداخل القوي والواضح في ربط هذه العاصفة بتصفية الحسابات المباشرة بين رئيس المجلس وقوى المعارضة والكتل المسيحية الكبيرة على خلفية تقييد هذه الكتل لجلسات التشريع والحؤول دون انعقادها وتاليا محاصرة دور رئيس المجلس شخصيا وسياسيا ودستوريا. وإذ جاء رد بري حادا في رفع السقف حيال المسألة الرئاسية، فان ذلك لا يعني وفق الجهات نفسها البناء على وجود معطيات لتبدل جذري في قواعد السباق الرئاسي كما ذهب اعتقاد الكثيرين، بل ان الأيام التي أعقبت اطلاق بري لموقفه المتبني لدعم ترشيح فرنجية، لم تكشف وجود تطور استثنائي يتجاوز اهداف بري في تسديد سهامه نحو “خصومه”الجدد من جهات نيابية وسياسية. ولذا، وما لم يعلن السيد نصرالله اليوم تبنيه العلني الواضح بلا أي التباس لموقف بري وتاليا لتبني ترشيح فرنجية، فان “قواعد الاشتباك” الرئاسي ستعود الى اطارها التقليدي الجامد حتى اشعار اخر مع إضافة تعقيد لا يستهان به لجهة تصلب الجبهة الناشئة بين المعارضة ورئيس المجلس.
وكانت مواقف عطلة نهاية الأسبوع شكلت مؤشرا الى تصلب نبرة القوى المعارضة حيال فتح فريق 8 اذار معركة ترشيح فرنجية الامر الذي بات ثابتا حياله ان معظم القوى المعارضة تبنت قرار تعطيل النصاب القانوني للجلسات التي قد يلوح معها امكان حصول اختراق لمصلحة فرنجية. ولفتت أوساط سياسية مطلعة الى واقع المنازلة الذي بات يتمحور حوله الصراع الرئاسي انطلاقا من تبادل سلاح اسقاط النصاب يعكس في خلفيته غير الظاهرة انعدام تأثير أي ضغط خارجي حتى الان للتعجيل في انهاء الازمة كما يسقط كل المقولات الدعائية التي حاول احد الافرقاء توظيفها للزعم بان ثمة مواقف وظروفا خارجية ملائمة لاندفاعته في محاولة فرض مرشحه .
وفي هذا السياق اعرب رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع عن عدم تفاجئه بتبني بري ترشيح رئيس “تيار المردة”، مؤكدًا أنه “كان على علم منذ بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية من ستة أشهر، بأن المرشح الجدي والفعلي لحزب الله وبري وحلفائهما هو سليمان فرنجية”. وقال”انطلاقا من ذلك كانت ردة فعلنا برفض الدعوات الى الحوار المصطنعة، على خلفية أنها ستكون مضيعة للوقت طالما الفريق الآخر متمسك بمرشحه، وأكبر دليل هو ما صدر عن الرئيس بري”. وعن موقفه من تعطيل جلسات الانتخاب، لفت جعجع الى أن لا علاقة لهذا الموقف بأي تطورات او معطيات جديدة في شأن احتمال وصول رئيس تيار المردة، مذكرا بأنه “حتى الامس القريب كنا لا نزال نطالب بالتقيد في الأصول الدستورية وبعقد جلسات انتخاب مفتوحة، وكنا مستعدين لتقبل نتائجها حتى لو فاز مرشحهم، لكن بعد مرور خمسة أشهر على الشغور الرئاسي، وبعدما قرروا تغيير شروط اللعبة الديموقراطية وتعطيل الدستور بانتظار توقيتهم المناسب، فهذا ما نرفضه تماما باعتبار أن “الآدمية شيء والاستقامة شيء أما الغشم فشيء آخر”، ولا ينتظر أحد أن نكون أغبياء فنقبل بأن يعطلوا حينما يشاؤون، ويأتون في غفلة من الزمن، بعد تأمين ظروف نجاح مرشحهم ليطلبوا منا تسهيل وصوله”.
كما ان رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل اعتبر ان “الرئيس بري لم يعد رئيس مجلس حياديا بل اصبح فريقا سياسيا يفتح المجلس وفق ما يناسب فريقه ولذا علينا ان نتابع بدقة عملية التصويت وعذاب شهر او شهرين لانتخاب رئيس افضل من العذاب لست سنوات في ظل عهد شبيه بالعهد السابق”. واكد “اننا سنعطل أي جلسة مدبرة لايصال مرشح حزب الله ”
بإزاء هذه الأجواء تصاعد موقف بكركي بشكل لافت عكستها عظة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي امس اذ حمل بحدة على “جماعة سياسية خالية من أية مسؤولية، وتمارس السياسة من أجل مصالحها الخاصة والفئوية فقط، بل تبيد الخير العام غير آبهة بالشعب الذي أوكل إليها هذه المسؤولية العامة بموجب مقدمة الدستور”. وقال “من المؤلم حقا غياب رجال دولة عندنا، والبرهان أن لا أحد من السياسيين والأحزاب أو الكتل النيابية، يقدم مشروعا واحدا جديا لإنهاض لبنان من انهياره الكامل. فإن تكلم بعضهم فاهوا بالكيدية والحقد والذهنية الميليشياوية والإساءة الشخصية وبث سم التفرقة والإنقسامات والعداوة، الأمر الذي يزرع الأشواك والألغام على طريق انتخاب رئيس للجمهورية”.
وقال “يتعثر انتخاب رئيس للجمهورية، لأنه، وبكل اسف يدور الخلاف حول إنتمائه إما لفئة الممانعة، كما يسمى، وإما لفئة السيادة. والحل الوحيد هو في الخروج من هذه المعادلة، والعمل من قبل الشعب على انتخاب رئيس وطني متحرر من كل إرتباط وانحياز وفئة ومحور. هذا هو الرئيس الذي يحتاجه لبنان لكي يكسب ثقة الجميع في الداخل، وثقة كل الدول في الخارج، ولكي يتمكن هذا الرئيس من قيادة الإصلاحات اللازمة والمطلوبة من أجل نيل المساعدات الدولية والإقليمية.”
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار