رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري انتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيسا للجمهورية. هو لم يقل "لا" بالمباشر في حديثه الصحافي الاخير الا انه رأى ان "انتخاب قائد الجيش يتطلب تعديلاً دستورياً أعتقد أن حصوله في الوقت الحاضر متعذر، إن لم يكن أكثر". وتابع "لا الظروف الحالية تتيح حصوله، أضف عقبة أكثر تعقيداً تمنع تعديل الدستور في أي حال في ظل حكومة مستقيلة". واضاف "ما حدث عام 2008 كان استثناء له دوافعه وظروفه الموجبة. في الدوحة أبرم الأفرقاء اللبنانيون تسوية وطنية وفق برنامج وقّعوه، أحد بنوده انتخاب رئيس للجمهورية سُمي بالاسم في نص الاتفاق. إلا أن البنود الأخرى في اتفاق الدوحة لم تكن أبداً أقل أهمية لأنها أعادت بناء المؤسسات. انبثقت من الاتفاق حكومة جديدة ومجلس نيابي جديد. قال بتأليف حكومة متفاهم عليها بين الموالاة والمعارضة وحجم كل منهما وبقانون انتخاب استغرق وقتاً طويلاً للاتفاق عليه هناك. هذه التسوية حتمت استعجال انتخاب رئيس جديد للجمهورية".
بري قطع الطريق اذا على قائد الجيش، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ"المركزية". على الارجح، موقفه يعكس ايضا موقف حزب الله. ما يعني ان الضاحية، رغم "مسايرة" الحزب للعماد عون - والزيارات التي تردد ان مسؤول وحدة الارتباط في الحزب وفيق صفا، قام بها الى اليرزة في الآونة الاخيرة، ورغم نفي الحزب اي علاقة له بالهجمات "الاعلامية" على "القائد" - لا يريده في الواقع، رئيسا للجمهورية.
هذا المعطى، تتابع المصادر، يشي بأن المشهد الرئاسي ذاهب الى مزيد من التعقيد والتلبد في المرحلة المقبلة. فالكل كان يعتبر في الخفاء، في الداخل والخارج، ان قائد الجيش لن يُطرح اسمُه حاليا ولن تُلعب ورقتُه من قِبل اي من الاطراف، كي لا تحترق. فيكون هو، في نهاية المطاف، وبعد انتهاء الاشتباك السياسي، الحلّ ومفتاحَ التسوية العتيدة التي ستُخرج لبنان من مأزقه الرئاسي.
غير ان ما قاله بري، قضى على هذه الفرضية كلّها. واذا تمسّك الثنائي الشيعي بترشيحه رئيسَ تيار المردة سليمان فرنجية، والذي اعلنه رئيسُ المجلس "صراحة" للمرة الاولى في حديثه، مرشحَ الحزب وحركة امل، واذا صمدت المعارضة على رفضها لاي مرشح من فريق 8 آذار، فإن البلاد ستكون فعلا امام مشكلٍ لا حلّ له.
وعلى الارجح، الحزب سيراهن على الوقت، وعلى رفضه العماد عون، ليفرضا على الفريق الآخر السيرَ بفرنجية خاصة تحت ضغط الواقع المعيشي. لكن ماذا لو لم يرضخ؟ هل مِن مرشّح تسووي آخر يمكن ان يتم الاتفاق عليه؟ ومَن سيكون؟ وهل تَسرّع بري في اعلانه ان لا تعديل للدستور هذه المرة وأن لا تكرار لسيناريو 2008؟ ام تقصّد حرقَ عون وخيارَ التسوية والتوافق، في آن، والذي لطالما دعا اليه الثنائي؟