01-03-2023
مقالات مختارة
|
الجمهورية
كشفت الوقائع الاخيرة، انّ جزءاً لا بأس به من العرب كان يتحيّن الفرصة لإعادة ربط ما انقطع مع دمشق بأقل مقدار ممكن من الحرج السياسي. وقد أتى الزلزال المدمّر ليشكّل بتداعياته الإنسانية مناسبة للبدء في بناء ما تهدّم من جسور ديبلوماسية كانت قد هدّمتها الحرب ومفاعيلها.
بهذا المعنى، إنطوت زيارة الوفد البرلماني العربي إلى سوريا والرئيس بشار الأسد، قبل أيام، على دلالات مركّبة، اختلط فيها البعد الانساني بالرسائل السياسية، كما يُستدل من تركيبة الوفد الذي ضمّ في عداده دولاً مصنّفة ضمن ما يُعرف بمحور «الاعتدال العربي»، مثل مصر والإمارات والاردن وسلطنة عمان، إلى جانب مشاركة العراق الذي ترأس الوفد ولبنان وليبيا.
وترافقت مبادرة الاتحاد البرلماني العربي مع زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى دمشق، والتي هي الأولى من نوعها لمسؤول مصري منذ عام 2011، علماً انّه سبقتها زيارة وزير الخارجية الإماراتي في سياق العلاقات الدافئة بين سوريا والإمارات منذ فترة، من دون إغفال أيضاً المؤشرات التي عكستها رحلة الأسد إلى سلطنة عمان في هذا التوقيت بالتحديد.
وحتى السعودية توحي وكأنّها تمهّد للاستدارة، ولو بتدرّج، نحو سوريا، بعد مرحلة من التواصل الأمني المخابراتي في الكواليس. وها هو وزير الخارجية فيصل بن فرحان يرفع منسوب الانفتاح، عبر تأكيده خلال مشاركته في مؤتمر ميونيخ للأمن في 18 شباط الماضي، انّ هناك إجماعاً بدأ يتشكّل في العالم العربي، على أنّه لا جدوى من عزل النظام السوري، وأنّ الحوار مع دمشق مطلوب في وقت ما، حتى تتسنّى على الأقل معالجة المسائل الإنسانية، بما في ذلك عودة اللاجئين، فيما كانت الطائرات السعودية تحط، عقب وقوع الزلزال، في مطار حلب للمرة الأولى منذ 12 عاماً، ناقلة المساعدات إلى مناطق خاضعة لسيطرة الدولة.
وهناك من يفترض انّ الرياض التي قرّرت منح أوكرانيا، حليفة اميركا، حزمة مساعدات انسانية ونفطية بقيمة 410 ملايين دولار، انما تحاول في المقابل ان تستحوذ على هامش تحرّك في ساحات أخرى ومن بينها سوريا، خارج إطار الضوابط او القيود الأميركية.
وتتفاوت التفسيرات لمغزى هذا الانفتاح العربي على سوريا، إذ يضعه حلفاء دمشق في خانة إقرار الدول التي كانت تقاطع الاسد وتسعى إلى إسقاط نظامه، بفشل مشروعها وسقوط رهانها، بعدما انتصر الأسد وداعموه في الحرب. بينما يميل آخرون إلى إدراج المرونة المستجدة حيال سوريا، في سياق محاولة سحبها من الحضن الإيراني او على الاقل تحقيق توازن معه.
أخبار ذات صلة