تبدو الجلسة التشريعية التي يعتزم رئيس مجلس النواب نبيه بري توجيه الدعوة اليها في الايام القليلة المقبلة ميتة قبل ان تولد. فالمعطيات المتجمعة في افقها حتى اللحظة لا تشي بامكانية تأمين نصابها في ضوء جملة عوامل يتصدرها اولا: موقف الكتلتين المسيحيتين الكبريين "الجمهورية القوية" و"لبنان القوي" الذي اكدت مصادر مطلعة على موقفه حسم قرار عدم المشاركة، معتبرة عبر "المركزية" ان البنود المتوقع ادراجها على جدول الاعمال لا تندرج في خانة "الطوارئ المتعلقة بأوضاع مستجدة ولا في خانة الضرورة القصوى" التي تحدث عنها رئيس التيار النائب جبران باسيل في آخر اطلالاته، ودعّم التوجه هذا، ما تم تداوله عن ان النائب الان عون سيبلغ هيئة مكتب المجلس عدم مشاركة التكتل في الجلسة. ثانيا: بيان النواب الـ46 الصادر يوم السبت، رافضا التشريع في ظل الشغور الرئاسي واعتبار مجلس النواب هيئة ناخبة لايجوز قيامه بأي عمل آخر استنادا الى المادة 75 من الدستور، والمعلومات عن رفض نواب آخرين لم يوقعوا البيان، المشاركة في الجلسة وقد نُقل عن احدهم، من غير المسيحيين، قوله نرفض المشاركة في مجلس تشريع مذهبي. ثالثا: موقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من العملين الحكومي والتشريعي في ظل الشغور.
تقول اوساط سياسية مطلعة لـ"المركزية" ان خلف قرار "لبنان القوي" عدم تأمين النصاب لجلسة التشريع اكثر من اعتبار. هو اولا يوجه صفعة للرئيس بري الذي يريد الجلسة في شكل خاص من اجل التمديد لمدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم، الذي يحفل سجله في موقعه هذا بالنجاحات والانجازات الباهرة، ليس على مستوى الداخل فحسب، انما في قضايا وازمات خارج الحدود، لا سيما لجهة تحرير مخطوفين، فيما يقر الجميع ويعترف بدور جبار أداه في ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، افضى في نهايته الى توقيع الاتفاق الشهير.
يدرك باسيل جيدا هذا الدور، الا انه يسعى لزكزكة بري. فالكيمياء المفقودة بين الرجلين تطفو الى السطح وتوظف في كل مناسبة، خصوصا ان تأمين النصاب من نواب التيار يعطي بري مكسبا مقابل صفر مكاسب للتيار، ولو انه تردد ان باسيل يتطلع الى التمديد لمدراء عامين في الدولة من حصة تياره في المقابل، الا ان ذلك لئن حصل، لا يوازي التمديد لابراهيم، نسبة لاهمية الموقع وحجم الرجل لدى الطائفة الشيعية.
وتضيف: وليس قرار باسيل منفصلا عن "ردة إجر" لحزب الله الحليف مع وقف التنفيذ. هو من تخطى رأيه واعتراضه على عقد جلسات حكومية في ظل الشغور الرئاسي تكرارا، وامعن في تجاوزه، وقد بلغت العلاقة بينهما مبلغ سوء ينذر بقرب فك تحالف مار مخايل، ان لم تنجح جردة الحساب التي يجريها الطرفان.
والى الاعتبارين آنفي الذكر، تضيف الأوساط ، ان الشعبية البرتقالية المتبقية الى جانب باسيل، لم تستسغ منطق رفض عقد جلسات حكومية مقابل قبول المشاركة في الجلسة التشريعية، واعتماد سياسة صيف وشتاء تحت سقف واحد، لا سيما بعدما عراه السجال الناري مع تكتل "الجمهورية القوية" مصوبا على هذه النقطة بالذات الى جانب مواقف مماثلة من نواب تغييريين.
كل ذلك، تعتبر الاوساط انه سيترك بالغ التأثير على المشهد السياسي العام في البلاد وفي شكل خاص على حجم القوى السياسية او في شكل أدّق على تحجيمها، وهو عنوان المرحلة المقبلة في لبنان، بحيث ينتهي زمن القرار الاحادي لاي فئة، مهما علا شأنها، بما فيها حزب الله ، وهو اليوم غير حزب ما قبل ترسيم الحدود، نسبة للتعهدات التي قدمها والمسار الذي التزمه، ويبدأ عصر العمل السياسي من ضمن المؤسسات في الدولة.