لا شك في أنَّ تكلفة المعيشة في لبنان أصبحت باهظة جداً، وبالكاد يستطيع المواطن اللبناني تأمين احتياجاته الأساسية، بعد الأزمات التي حلّت وعصفت بالقطاعات كافة. وفي ظل حالة انعدام الأمل والرجاء، وارتفاع حالات الوفيات بشكل ملحوظ، إن نتيجة الوباء أو فقدان الأدوية لإتمام العلاجات، أو نتيجة كثرة المشكلات والهموم، فإنّ تكلفة الدفن أيضاً باتت تخضع لحسابات جدية ودقيقة، خاصة أنّ "فلتات" الدولار أصابت المؤسسات التي تُعنى بحالات الموت أيضاً.
طال ارتفاع الدولار حتى طقوس ولوازم الدفن التي تختلف من طائفة إلى أخرى في لبنان، وإن كان القاسم المشترك بينها جمعيها أنها أصبحت بالفريش دولار. من النعوش والجوارير مروراً بسيارات النقل وأوراق النعي وصولاً إلى العمال والزهور وموائد العزاء وغيرها.
وفي الآتي، جولة على الأسعار التي تحدّدها مؤسسات وشركات تهتم بدفن الموتى؛ وذلك لإعطاء لمحة عن تكلفة مراسم دفن عادية.
يقول رضا يزبك صاحب مؤسسة "يزبك ونصار" لدفن الموتى إنَّ هناك الكثير من العائلات أصبحت اليوم تكتفي بتقبل التعازي في الكنيسة لدى الطائفة المسيحية نظراً للارتفاع الجنوني في تكاليف الدفن.
ويشير يزبك في حديث لـ"النهار" إلى أنَّ "سعر النعش يبلغ اليوم نحو 300 دولار. أما أجرة سيارة نقل الموتى فتختلف بحسب المناطق".
ويبقى الحدّ الأدنى أكثر من 100 دولار في حال خرج مسار الجنازة من إطار العاصمة بيروت، كما أن هناك تكلفة الخدمة التي تبلغ نحو 35 دولاراً.
وفي ما يتعلّق بالمدافن الخاصّة بالطائفة المسيحية، هناك رسم سنويّ لها يبدأ من نحو الـ150 دولاراً سنوياً.
أما بعد الدفن فتأتي أجرة صالون الكنيسة التي لا تقلّ عن 50 دولاراً في اليوم، ليرتفع السعر في الكنائس الكبيرة إلى أكثر من ذلك، علماً بأن استئجار قاعات الكنيسة يكون لثلاثة أيّام، أي ليوم الدفن ويومين آخريين بعده. لكن هذه العادات بدأت تخفّ تدريجاً، لتقتصر التعازي لدى الكثير من العوائل على يوم أو يومين كحدّ أقصى.
أما الكهنة الذين يصلّون في الكنيسة ويهتمّون بتجهيز الجثة فيتقاضون أيضاً أتعابهم، وتُحدّد الأسعار بحسب قدرة كلّ شخص.
وإذا أردنا التحدّث عن كماليات العزاء، فتتراوح تكلفة الغداء لأصحاب العزاء حسب القدرة الشرائية، فيما أسعار أكاليل الزهور تتراوح ما بين 40 إلى 50 دولاراً.
الطوائف الإسلامية لديها طقوس أساسية لا يمكن الاستغناء عنها، إلى جانب بعض الأمور الكمالية.
يقوم المسلمون، في الليالي الثلاث الأولى - ليالي الوحشة - بجلب قارئ ليتلو آيات قرآنيّة، ليؤنس الميت في قبره، الأمر الذي يخفّف من عذاب القبر، بحسب الاعتقاد الإسلامي. كذلك يقوم أهل المتوفّى بتوزيع نسخ من القرآن الكريم، وإقامة مجالس وموائد طعام لراحة نفس الميت. وهي مراسم باتت متطلّباتها بالدولار، أو على سعر الصرف في السوق السوداء.
في ما يخص المراسم الأساسية لدفن الميت، فهناك غسل الميت وتكفينه. وهي تختلف من منطقة لأخرى، حيث يتبرّع بعض الأشخاص بغسل الموتى من دون أيّ مقابل، معتبرين أن عملهم "صدقة"، فيما البعض الآخر يتّخذ من غسل الأموات مهنة له. وأشار أحد الأشخاص الذي يهتمّ بشؤون الموتى إلى أنّ هؤلاء يتقاضون بالحد الأدنى ما يقارب الـ35 دولاراً. أمّا الكفن (من الكتّان) فسعره يتراوح ما بين الـ80 إلى الـ90 دولاراً.
القبر لدى المسلمين أيضاً يدخل من ضمن التكاليف، إذ يختلف سعر القبر بحسب المقبرة والمناطق. وفي بعض المناطق يتمّ تخصيص بعض الأراضي التي تبرّع بها محسنون لتكون "أرض وقف" لدفن الموتى، وفيها لا يتقاضى القيّم عليها مالاً، إذ الدفن فيها عملٌ يُتقرّب به إلى الله. أما أحجار اللحد وبناؤه فتبلغ تكاليفها ما يقارب الـ250 دولاراً.
لدى الطائفة الدرزية، يقوم أحد المشايخ بأداء صلاة الجنازة في دار الطائفة الدرزية، أو في القاعات المخصّصة لذلك في المناطق، ويتقاضى نحو 300 ألف ليرة لبنانية. كذلك ينفق أهل المتوفى "حسنات" على الضيع المجاورة، وتُحدّد قيمتها بحسب قدرة كلّ شخص.
أمّا ما يخصّ مراسم الدفن، فهناك ثمن النعش الذي يختلف سعره بحسب نوعيته، ابتداءً من 300 دولار صعوداً بحسب النوعية، فضلاً عن تكلفة غسل الميت وإجراءات مشابهة لذلك.